الثورة – سعاد زاهر:
في قلب أمي دولة للحب التي أنا منها للعالمين سفير
أودعتني أمي عطرها، وملأت حقيبتي بالحب
ثم طبعت على وجنتي قبلتين ورحلت
بهذه الأبيات يفتتح الشاعر حسين العبد الله ديوانه “سفير من قلب أمي” الديوان الذي تمكنت من نيل نسخة غالية منه أثناء حفل توقيع الكتاب في معرض الشارقة للكتاب، حيث تم تكريم الشاعر في جائزة الشارقة للشعر العربي بدورتها (الـ13)، والتي عقدت في مهرجان الشعر العربي في دورته 21 للعام الحالي، لتبقى أشعار العبد الله مرجعاً شعرياً لا يغيب.
يُذكر أن الشاعر حسين العبد الله، ابن دير الزور، سبق له الفوز بجائزة البردة العالمية بقصيدة بعنوان “بردة من النور” في مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مما يعكس تنوع مواضيعه الشعرية وعمق تجربته الإبداعية.
ديوانه “سفير من قلب أمي” الذي صدر العام الحالي يعتبر تكريماً لوالدته ولكل الأمهات، وفيه يحمل الحب على عكازين من دمع، وهو يرثي رحيل والدته في ديوانه الأحدث “سفير من قلب” وسبقه رثاء لرحيل والده في ديوان (لو أمطرت ذهباً) ولم يخل ديوانه الأخير من قوافي مشحونة بعواطف الفقد موجه لوالده.
الشحن العاطفي يرافقنا طيلة القصائد الوجدانية المحملة بأجواء روحية ترتبط بالذات المتعلقة بالدعاء والعبادة والصلة فقد استهل ديوانه بالقول: ” وها أنا سفير قلبها، أهيم في البلاد والمهاجر، أجود عليها بالحب فتضحك لي إحداها وأخرى توفي لي الكيل دمعا، فاعذروا شعري، فقد جاءكم يحمل الحب، على عكازين من دمع”.
الدمع الذي لم يهجم على الشاعر أينما كان بعد رحيل والدته التي يشتاق إليها قائلاً:
أماه لا يزال طفلك لم يزل في شيبه يشتاق ضمة ساعديك الأولى
أماه نيل الحب أنت وفي فمي قطرات حب كيف توفى النيلا
كلما مضينا في الديوان نقلب صفحاته نكتشف أنه ليس مجرد مجموعة من القصائد؛ بل يمتلئ برسائل إنسانية تحاكي مشاعر الكثيرين الذين يجدون في صورة الأم مصدر إلهام وحب لا ينضب، يقول في قصيدة ورقة اعتماد السفير:
يا من ترون الحسن في وجهي أنا من حسن أمي قد أخذت قليلا
في كل موضع قبلة قد أنبتت حسنا على وجهي فصرت جميلا
تفيض أبياته محبة كما تغمرنا الذكرى مع الشاعر كلما انسحبنا إلى عوالمه الشعرية التي تفيض بالمحبة والاعتزاز، يُظهر فيها الشاعر تأثير حضن الأم وذكراها في تشكيل هويته الشعورية. يظهر ذلك جلياً في عبارات مثل “بشراك يا أمي.. صنت الأمانة”، حيث يستخدم الشاعر رمزية الأم ليعبر عن قيم الحنان والوفاء.
ولعل أكثر ما يميز الديوان تلك الصور البلاغية واللغة الشعرية التي تجمع بين البساطة والعمق، مما يضفي عليه طابعاً يستمد صوره من مشاهد الحياة اليومية والذكريات الطفولية.
لعل ما يميز هذا الديوان كما أغلب دواوينه التقدير العالي للقيم الإنسانية الأصيلة، فتبدو كلماته دعوة للتأمل في الروابط الأسرية والعاطفية التي تُشكل الإنسان وتدعم تفرده.
#صحيفة_الثورة