الثورة – رفاه الدروبي:
حملت الباحثة عايدة دالاتي على عاتقها مهمة توثيق الأزياء التراثية السورية، ورغم أنَّها من أصول سورية، إلا أنَّ والدتها الأميركية اصطحبتها إلى سوق الحميدية باحثةً عن التراث الجميل حين كانت في مرحلة اليفاعة، فشدَّها ما رأت وراحت تخيط لنفسها قطعاً ترتديها دعّمتها بدراسة الأزياء فيما بعد في أميركا، إذ بدأت رحلتها من ملابس جدَّتها العائدة لعام ١٩٣٠ مُعتمدةً على شراء القطع المصنَّعة المؤلفة رسوماتها من حضارات متراكمة موغلة عبر التاريخ.
كل نوع من الأثواب له تاريخ وتوثِّق “القندرة” العائدة إلى إدلب منطقة سراقب بنقوش إيبلا “تل مرديخ” الموجودة على قطع الفخار المكسورة آنذاك، وربما ماري والحميدية الواقعة شمال شرقي سوريا، بينما حضارة إيبلا تبعد حوالي ٨ كم عن سراقب تقريباً، ودوّنت حياكة الأقمشة في الألواح الطينية المسمارية في المكتبة العظيمة في تلك الحضارة على اللوحات المأخوذة من أرض الفرات الطينية الفخارية ذات النسبة العالية بالحديد، والتي مكَّنتهم من التدوين عليها بوساطة أعواد القصب كونها تنمو على ضفاف الفرات، إذ دوّنت على الألواح النسيج بالأمتار.
وتتحدث عن تدمر في العصر الروماني حيث أغلب الرحلات السياحية تمرُّ بها، باعتبارها معبر للقوافل وتتسوَّق من منسوجاتها المصنوعة من الحرير، وكانت تمتاز منطقة السخنة فيها بالثوب والسترة المتفرِّدين بنقوشهما ذات الرسومات الخاصة، حيث يرمز الشكل الأفقي إلى أعمدة تدمر وتاج العمود المزخرف في الأعلى على شكل الطربوش، وبقية الحجب عبارة عن مفردات ذات رموز تنطلق من العوالم الطبيعية، تزين أزياء العروس وتحملها ضمن جهازها إلى بيت الزوجية.
أنجزت الباحثة عايدة كتاباً وقطعاً مصغرة من الدمى عليها مطرزات على القماش التي اختارت ألوانها بما يناسب مع كل عصر، فالأزرق الفاتح الأموي، والجواهر للمملوكي والزهري الفاتح للعهد الأيوبي، والمرايا والصدف على الأثواب لرد العين، وكانت الأقمشة متألقة تصدر من حلب فدمشق إلى روما، وجينوى وفينيسيا، والهدف تمييزها بهويتها المناسبة، وحصرت اهتمامها بمناطق حماة وحمص حيث يوجد “الحرير” إضافة لحوران والجزيرة الفراتية، فنقلت الزي الرقاوي عام ٢٠٢١ إلى أمريكا، معتمدة على يد العاملة النسوية فيها.