الثورة – لجينة سلامة:
قدمت على خشبة قومي طرطوس ورشة عمل مسرحي “تضاد” على مدى ثلاثة أيام تميزت بحضور جماهير واسعة، تتلخص الفكرة العامة لنتاج الورشة عن الإعداد لفيلم سينمائي من كتابة شاب صاعد يرى إمكانياته تصل إلى حدود العالمية، وإخراج شاب غير متمكن من أدواته، وغير قادر على ضبط آلية العمل مع الموهوبين من الشباب الذين أتيحت لهم فرصة المشاركة في الفيلم الذي لم ير النور بعد، والذين تظهر جوانب شخصياتهم على حقيقتها عندما يتعرضون لحدث طارئ أثناء العمل في قبو بارد يغلق بابه بالخطأ، وينتظرون من يفتحه، لتدور الأحداث فتكشف هشاشة علاقات العمل والصداقة والمصلحة والأنانية وحب الظهور على حساب الآخر ليكون الخيار بالاجتماع تحت مظلة واحدة للبحث عن مخرج لحياة جديدة فيها تقبل الآخر، وإعادة صياغتها من جديد للانسجام والانخراط في الحياة الجديدة بحرية بعيداً عن شرنقة الماضي.
عن هذه الورشة تقول مدير المسرح القومي غادة عيسى لـ”الثورة”: العمل من تدريب المخرج محمد بسام علي، لمجموعة من الشباب الجامعي الطموح الذين يرون الحياة من زوايا بعيدة.
وعلى صوت سقوط النظام البائد وقفنا قليلاً لنستوعب المشهد، ثم قلت للشباب أكملوا ما بدأنا به، نحن في الدوائر الثقافية لدينا أمانة في إيصال رسائل حية مفعمة بالحياة والتجديد يجب أن تصل، وفي ذات الوقت يجب أن تكون قيّمة، وأن يكون أسلوب إيصالها حضارياً وسلساً يحمل قيمة فنية، بعيداً عن أسلوب المباشرة حتى يقوم العقل برياضة البحث عن الفكرة، بعيداً عن الرمزية المغرقة.
وتكمل: لم يكن الأمر سهلاً في أن نكمل ورشة العمل، والتي بدأنا العمل عليها قبل سقوط النظام البائد، وبعده خاصة وأن وزارة الثقافة ليست مفعّلة حالياً، لكن زيارة رئيس المكتب السياسي في طرطوس واللاذقية الأستاذ إياد هزاع لمسرح طرطوس، وتأييده لفكرة الاستمرار والحث على أعمال فنية غايتها السلم الأهلي والاهتمام بالنسيج الاجتماعي، كانت حافزاً لاستمرار مثمر ونتيجة فاعلة.
بالإضافة إلى العامل الأهم، وهو الدعم المادي والذي يعد من أساس الاستمرار وهو لم يكن متوفرا لولا دعم المهندس مصطفى هدلا الذي تكفل ماديا بنفقات ديكور المسرحية والمحروقات لعمل عرض لثلاثة أيام متواصلة.
وعن أهمية استمرار عجلة العمل على الخشبة تقول عيسى: لم يكن الأمر بتلك السهولة في أن نكون مستمرين في عملنا رغم كل الاهتزاز الذي حصل أثناء هذا الانتقال النفسي والمعنوي والمادي من ظل النظام البائد إلى عهد جديد، نرجوا أن يكون عهداً يشعر المواطن فيه أنه مواطن حقيقي بالتزاماته وواجباته.
وبينت أنه من الملفت أن صالة المسرح في العروض الثلاثة كانت مكتظة بروح الشباب وبمحبي المسرح من كل الشراىح الاجتماعية والثقافية، وهذا يدل أن الناس مازالت لديها الرغبة لمتابعة الأعمال الفنية وهذا يعني أننا يجب أن نستمر بزخم أكبر، لذلك الآن نعمل على مسرحية تتناول الفساد في الأنظمة للمخرج الأستاذ طلال الحلبي وقد بدأت بروفات المسرحية.
ولفتت إلى أنه صحيح أن الظروف ليست وردية، لكننا لن نتوقف وأعتقد أنه آن الأوان للكلام المثمر وللفن المثمر بكل أنواعه، لأن الفن يبرز الوجه الحضاري للوطن الذي أرجو له الأمان والسلام والعافية والرقي.
#صحيفة_الثورة