الثورة – سعاد زاهر:
في مرحلة شديدة التعقيد، تبدو الحكاية على مواقع التواصل كحد السيف، يمكنها أن تخلخل هدوء وأمان كل من يتابعها،
كيف تصاغ تلك الحكايا، وهل تتوحد الرواية، أم أن لكل صفحة روايتها الخاصة…؟
لو تابعنا أي حادثة وربما بسيطة ولا تؤثر على التعايش المجتمعي، لوجدنا أنها تصاغ بعشرات الرؤى التي لا تتآلف فيما بينها، فما بالك في تلك القضايا التي تعتبر في هذه المرحلة التاريخية التي نعبر بها من واقع كارثي، إلى مرحلة بناء الدولة ضمن شرط صعب للغاية.
لعل أكثر ما يمكن أن يسبب الأسى والغصة الكبيرة في الروح تلك الانشقاقات على الفيسبوك مثلا، حين يواجه أدنى رأي أو حالة لا تتوافق مع شخص ما، حيث يسارع إلى انتهاك كل حرمات الكلمة بطريقة تنبئ أن النزف الذي بداخلنا أضحى متقرحاً، ويحتاج الى علاج فعلي.
ولكن ما هو نوع العلاج لتلك الآراء التي لا تتوافق..؟
كيف يمكن الاشتغال على تقارب الرؤى..؟
ليس من الضروري أن تعجبك حكايتي، والعكس صحيح…!
ولكن لماذا، يصل الاختلاف بالرأي إلى حالة اقتتال فيسبوكي…؟
ولو كنا جنباً إلى جنب، هل سيتصعد الموقف، ام أن تلك الروح الإنسانية عادة والمشاعر الإيجابية التي يشعر بها الناس حين يجتمعون قد تخفف من غلواء الكلمات الآلية التي تنطلق عبر الآلة بلا رحمة.
أكثر ما نحتاج إليه اليوم هو الرحمة، تجاه بعضنا البعض، الرحمة في مختلف المواقف، ألا نتحول إلى ناس تشبه قسوة وصلابة تلك الآلات التي نتعاطى من خلفها، الرحمة ليس لأننا دخلنا الشهر الفضيل، ونحن نصومه مقتنعين أن أكثر ما يعنينا ليس الفكرة التقليدية التي لطالما كررناها الصوم عن الطعام، بل تدريب النفس على الصبر وضبط الاعصاب حتى لو كان من نتعامل معه على خطأ، يمكننا أن نحرك وعيه، عقله أي حالة تعيد له توازنه.
في لحظة حين تفقد من نحب، حين يرحلون إلى ملكوت السماء بلا رجعة، نكتشف أن الحياة أبسط مما نتوقع، وأنها لا تستحق كل هذه الفوضى، هي أبسط وأرقى وأنقى من كل هذا الهراء الذي يتحفنا به كل ما حولنا، ولكن الأهم أن نحتفظ بتلك اللحظة كأيقونة حياة، تعلمنا أن المواقف أصغر من أن نحتقن ونخبئ رمادها في داخلنا.
#صحيفة_الثورة