الثورة – غصون سليمان:
كانت اللغة العربية بين أبناء إسماعيل وفوق أرض الدعوة، هي لغة الوحي والقرآن المنزل بخاتم الرسالات على خاتم أنبياء الله محمد النبي العربي الأمي صلوات الله وسلامه عليه، لقد كان بلوغ اللغة العربية هذه الدرجة من الكمال الذي أعدها لنزول القرآن بها حدثاً جليلاً تميزت به عربية القرآن في ألسنة قريش على أخواتها في الفصيلة السامية، وهي العبرية التي كتبت بها التوراة، والآرامية التي كتبت بها الأناجيل، فبقي القرآن بكمال لسانه، وآية بيانه، على حين أصاب التحريف ما نزل من كلام الله في التوراة والإنجيل وفق ما جاء في كتاب (حديث عن القرآن) للدكتور عبد الصبور شاهين، لقد شاء الله أن يكون القرآن الكريم هو آياته الكبرى الباقية أبد الدهر، بما جمع من جمال بيانه وحجة الله عليه، وحكمة الشرع فيه، وبما اشتمل عليه من أخبار الغيب، ونظم الحياة، وقصص الرسل، وبقائه على الزمن محفوظاً بلسان عربي مبين، هداية لكل عصر، وذكرى للمتقين، ورحمة للعالمين، ولعل المهم في هذا السياق أن ندرك أن الله سبحانه لم يرد أن يكون لنبيه خاتم النبيين والمرسلين آية حسية مؤقتة، بل أرادها آية عقلية دائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، آية تملك أن توقظ غفلات البشر على اختلاف أوطانهم ولغاتهم ومستوياتهم، فكان القرآن معجزة اللغة والفكر معاً لكل اللغات وكل البشر، ويؤكد صاحب الكتاب، أن القرآن هو الآية الكبرى والوحيدة التي أتاها الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وكل ما عداها من معجزات مؤقتة، هو من تكريم الله للرسول، ولسوف يظل القرآن هو الآية البيانية الصوتية والكونية والعقلية التي جعلها الله دستور هذه الأمة منذ كانت، إلى أن ينتهي هذا الخلق الأرضي، فهي ولا شك أمة القرآن.. صنعتها آياته وتعاليمه، وارتباط وجودها بوجوده محفوظاً بعناية الله العليم الخبير.
