الثورة – رنا بدري سلوم
جريئةٌ في نثرِ ملح صبرها على جِراحها، تصنع من كلمتها طوق نجاة، تقاوم حداد روحها بأبجدية، ولم تَرثِ لون الحياة، هي اسمٌ على مسمّى، الروائيّة التربويّة أحلام أبو عسّاف رنت إلى حريّتها فأزهرت كربيعنا اليوم رغم مخاض الولادة العسير.
تحدثت لصحيفة الثورة عن المرأة في يومها، وهي مثال للمرأة المثقّفة التي لم تكن على الحياد، بل حرّة الفكر والرؤية، تحدّثت على المنابر الثقافيّة بصدق وأمانة، ونقلت هموم المرأة وهواجسها.
ترى أبو عسّاف أن المرأة السوريّة كانت إسفنجة الحرب التي مرّت على سوريا، وأنها ذاقت الأمرّين من السياسة الحمقاء التي كانت تمارس على الشّعب السوري، ولكنها بعكس بعض الرجال لم تستسلم لواقع الأمر، فالحرب وويّلاتها ومغادرة أولادها أو زوجها بداعي السّفر، نتيجة للوضع الاقتصادي المتردّي، طوال سنوات الحرب وما بعدها، أو استشهاد الأبناء أو الأزواج، جعلها تخرج إلى سوق العمل بكل أشكاله، وتطرق كل أبوابه الواسعة، ولكن هناك بعض النساء، انتبهن إلى أنهنّ يجب أن يطورنّ من ذواتهن، نتيجة حريّة الحركة المتاحة لهن، أي إن خروج المرأة إلى العمل بداعي الحاجة غالباً- برأيها الشّخصي، قد غيّر الكثير من النظرة إليها، مما لا شك فيه، فهذا الأمر جعلها تطوّر ذاتها، إمّا ثقافياً من خلال حلقات ثقافيّة أو مهنياً من خلال دورات تزيد من إنتاجيّتها… أمّا عن أمنية المرأة في يومها تقول أحلام أبو عسّاف: من خلال مخالطتي للكثير من النساء كانت تتقاطع أمنياتهن في أن يسود سوريا السّلام والأمان، وأن تنعم المرأة بحياتها وسط عائلتها، من دون خوف عليهم، وعلى نفسها من مستقبل غامض.
وبعضهن قلن: من المهم أن يتحسن الوضع المعيشي، ولا تلجأ المرأة إلى العمل وإعالة أسرتها، إذا ما كانت تحب المنزل ولا ترتاح للعمل خارجه. ومن تعمل، تمنّت أن يتحسّن الوضع الاقتصادي، وتزداد الأجور، فتقلّ بشكل آلي ساعات خروجها من المنزل، والعودة منهكة إليه. وفي سؤال كيف تستطيع المرأة أن تحافظ على موروثنا الإيجابي، وسط الفوضى السائدة وتدفّق المعلومات العشوائيّة من كل حدب وصوب، وكيف تكتسب المرونة كي تتجدّد؟ تجيب أبو عسّاف: إنّ مهمة المرأة اليوم صعبة وشائكة، فرغم كل ما حققته على ساحة الواقع، لا تزال خاضعة للعادات والموروث الذي ينظر للمرأة، بأنها مواطن درجة ثانية أو ثالثة. ولكن هذا الوضع المتردّي دفع بعض السيدات للقدرة على الاستمراريّة، وعلى الرغم من العوائق فقد استطاع بعضهن بنظرتهن الثاقبة وقدرتهن على رؤية التفاصيل، أن يحدّدن أهدافهن في الحياة، نتيجة دورات أو قراءات متاحة ضمن الوضع الشّخصي والمجتمعي، فأدخلت المناقشات القانونيّة والسياسيّة في أحاديثها، هذا الوضع أكسبها المرونة اللازمة للقدرة على إيصال الهدف بالتغيير نحو الأفضل، بتواصل إيجابي لا عنفي الذي تمتاز بعض النساء فيه، وهو من ميزاتها الطبيعية، ما أكسبها القبول والثقة فيما حولها، لتكون فاعلة ومدافعة عن إيمانها بهدفها الذي وضعته نصب عينيها، من منطلق نسائي بحت، وقد أجبرت النسوة المجتمع بشكل عام أن يؤمن بقدرتها على صنع الحياة والسير فيها نحو الأفضل، وهذا ساهم كثيراً في ثقة بقية النسوة بأنفسهن لتوفر القدوة التي ذكرت. وعن دور المرأة الثقافي والمجتمعي والسياسي ترى الروائية والتربويّة أحلام أبو عسّاف أن المرأة صانعة الحياة قولاً واحداً، بل تنبذ الحروب وويلاتها لأنها بفطرتها تعرف أن الدمار بحد ذاته هو موت زوجها، وربما أولادها وأهلها، غالبية النساء ضد إراقة الدماء، ويجنحن للسلم- إن كانت مثقفة أم لا- ولكن هذا ربما لا يُسمَع عند الرجل صاحب القرار هنا- وبرأيها، يجب تفعيل دور المرأة المثقفة سياسياً، ودخولها بصنع القرار، غير هذا ستبقى عجلة النزاعات تدوس هذا المجتمع، فدور المرأة المثقّفة الآن لا يستهان به، ولا يجب أن يستهان به، عليها ألا تستسلم لقوانين تحيّدها عن الواجهة السياسيّة، وقرارات الحرب والسلم، من المهم كما ذكرت أن تخوض من تجد لديها القدرة السياسية، تلك المعارك بوعي مجتمعي لا فردي وخصوصي، ومن غير تعصّب.. وستنجح.
#صحيفة_الثورة