الثورة – منهل إبراهيم
تحافظ الولايات المتحدة الأمريكية على قدرتها بالتحكم عن بعد في الأسلحة التي باعتها لحلفائها الأوروبيين، ومنها طائرات إف ٣٥ التي لا يمكنها الطيران إلا بموافقة البنتاغون، الأمر غذى اختيار القادة الأوروبيين بدافع الضرورة الجيوسياسية الاستعجال لتحديث ترساناتهم العسكرية.
وذكرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحكم بشكل غير مسبوق عسكريا بحلفائها، من خلال حفاظها بقدرتها على التحكم عن بعد في الأسلحة التي باعتها لحلفائها الأوروبيين، وقالت: إن طائرات إف ٣٥ الأوروبية لا تطير الا بموافقة أمريكية.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها نشرته مؤخراً ان الدول الأوروبية سعت من خلال شراء الأسلحة الأمريكية إلى إقامة روابط متينة مع الولايات المتحدة وضمان أمنها، وأن بعض الدول كانت على دراية بمسألة التبعية التي يخلفها شراء الأسلحة الأمريكية، لكن الدول الأوروبية على عكس بعض الدول الأخرى لم تكن ترى مشكلة في ذلك.
في المقابل لجأت بعض الدول إلى أسلوب التحايل، كما يقول ضابط فرنسي يمتلك خبرة في مسرح العمليات بالشرق الأوسط: “في بعض المهام الأكثر حساسية أو سرية، كان جيش الإمارات يفضل استخدام طائرات من فئة “ميراج 2000″ بدلا من طائرات إف”.
وذكرت الصحيفة أنه لتفادي فقدان هامش المناورة، حرصت الإمارات على تنويع مصادر معداتها العسكرية، فعلى عكس الولايات المتحدة، لا تسعى فرنسا إلى الاحتفاظ بأي شكل من أشكال التحكم، حتى عن بعد، على المعدات التي تبيعها، لكن في العالم الغربي، وإلى حين وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لم يكن أحد يتخيل أن هذه التبعية قد تمثل مخاطر حقيقية مستقبلا.
وفي سؤاله قبل سنوات حول أنظمة المنجنيق الكهرومغناطيسي الأمريكية التي ستجهز حاملة الطائرات الفرنسية المستقبلية قال أحد البحارة: “اليوم الذي لن تكون فيه الولايات المتحدة إلى جانبنا، سنكون في عالم آخر لأنه دون هذه التقنية، لن تتمكن الطائرات من الإقلاع”.
وإعلان دونالد ترامب استعداده للتخلي عن جميع التحالفات، زرع الشك في صفوف القيادات العسكرية الأوروبية، وغذى اختيار القادة الأوروبيين بدافع الضرورة الجيوسياسية الاستعجال لتحديث ترساناتهم العسكرية.
ووفق تقرير حديث صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “بلغت نسبة واردات الأسلحة الأوروبية من الولايات المتحدة 64 بالمائة بين سنتي 2020 و2024، بعد أن كانت لا تتجاوز نسبة 52 بالمائة في الفترة الفاصلة بين 2015 و2019″، كما يشير التقرير إلى “أن واردات الأسلحة من قبل الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو قد تضاعفت أكثر من مرتين بين الفترتين 2015 و2019 و2020 و2024”.
الصحيفة الفرنسية أكدت أن الولايات المتحدة تتحكم في حلفائها تكنولوجيا ولوجستيا، وحتى قانونيا، مما يمنحها وسائل ضغط فعالة، بموجب نظام لوائح الاتجار الدولي للأسلحة؛ الذي يطبق خارج الحدود على جميع التكنولوجيا الدفاعية والعسكرية التي تحتوي على مكونات أمريكية، تستطيع واشنطن حظر الصادرات وإعادة التصدير وفرض عقوبات، فعلى سبيل المثال، لا يمكن تسليم مقاتلات “إف 16” إلى أوكرانيا من طرف دول مثل الدنمارك وهولندا قبل الحصول على موافقة الولايات المتحدة.
وقال مصدر عسكري إن الأمريكيين يتحكمون أيضا في قطع غيار الأسلحة، فعلى سبيل المثال تصبح منظومة الدفاع الجوي باتريوت عديمة الفائدة دون إمدادات منتظمة بالصواريخ، إلى جانب ذلك، تستطيع الولايات المتحدة تعطيل أو تقليص كفاءة بعض المعدات العسكرية المتطورة في أي لحظة تقريبا، بفضل أنظمة الاتصال والبيانات المرتبطة بها.
والجدير بالذكر أن كلا من بلجيكا وإيطاليا والدنمارك ورومانيا وألمانيا اختاروا الاعتماد على الطائرات الأمريكية، من خلال تقديم طلبات للحصول على أكثر من 200 طائرة مقاتلة من طراز “إف 35”.
من الناحية التقنية، يقول كزافييه تيتيلمان المستشار في شؤون الدفاع والمتخصص في الطيران، لقناة Franceinfo: “لا يوجد دليل على وجود زر يسمح بتعطيل أنظمة الطائرة عن بُعد، ولكنه يؤكد أنه هناك برنامج لإعداد المهام، وإذا لم يتم الاتصال به خلال فترة معينة، فإن الطائرة تتوقف عن العمل.
ووفقًا لوثيقة رسمية صادرة عن الحكومة الأمريكية عام 2020، يمكن لطائرة إف-35 العمل بشكل مستقل لمدة تصل إلى 30 يومًا دون الاتصال بنظام ALIS (وهو البرنامج الذي تم استبداله منذ 2022 بنظام ODIN).
#صحيفة_الثورة
