الثورة- نور جوخدار
تشهد العلاقات الأميركية الصينية صراعات متزايدة يطغى عليها الطابع الاقتصادي، وفي الوقت نفسه تعمل كل من واشنطن وبكين على إبقاء الوضع بما يشبه المد والجزر، خوفاً من تداعياته المباشرة على الاقتصاد والتجارة العالميين.
ومنذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه في كانون الثاني الماضي وهو يرفع شعار “أميركا أولاً” رغبة منه في الحفاظ على الهيمنة الأميركية مقابل الحد من هيمنة الصين الاقتصادية، حيث تمتلك قدرات وإمكانات اقتصادية وتكنولوجية هائلة، وفرض ترامب تعرفات جمركية بنسبة 20% على جميع الواردات من الصين، وقال حينها إن الرسوم الجمركية ضرورية لإعادة التوازن للعلاقات التجارية غير المتكافئة مع الدول الأخرى وزيادة الإيرادات للولايات المتحدة.
وعلى الرغم من رد الصين على قرار ترامب بفرض رسوم جمركية انتقامية وصلت إلى 15% على واردات المنتجات الزراعية والغذائية الأميركية، إلا أنها أكدت أنها “ستلتزم الاتجاه الصحيح للعولمة الاقتصادية وتمارس تعددية حقيقية وتكافح لتكون قوة للاستقرار واليقين” في مواجهة “التشرذم الاقتصادي العالمي الذي يتفاقم اليوم بحسب ما جاء على لسان رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ في افتتاح منتدى التنمية الصيني السنوي الذي حضره كبار قادة الأعمال، بمن فيهم الرئيس التنفيذي لشركة آبل تيم كوك.
وكانت الصين امتنعت عن مهاجمة الولايات المتحدة خلال الدورة السنوية من اجتماعات مجلس النواب الصيني، التي اختُتمت قبل أسبوعين، في خطة تحدثت عنها وسائل إعلام صينية بأنها تفاؤلية، وقالت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست: إن “فكرة تصادم القوى المهيمنة ستؤدي بالضرورة إلى حرب، ليست مسلّمة وليست نهاية حتمية بأي حال من الأحوال”، مضيفة أن “هناك توقعاً خاطئاً يُصور التوترات والصراعات بين الصين والولايات المتحدة على أنها حتمية، ومع ذلك، النتيجة لا تُحدد بالقدر، بل بالاختيار”.
في المقابل، الرئيس الأميركي أوضح أن بلاده لا تريد خوض حرب على بكين لكنها جاهزة لهذا السيناريو، قائلاً “لا نريد خوض حرب على الصين، لكن إن اضطررنا لذلك فنحن مستعدون لها جيدا”، وقال ترامب-في سياق الحديث عن بكين-: إنه لم يطلع إيلون ماسك على أي معلومات سرية بشأن الصين.
ووفقا لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي تعد الصين من الموردين الرئيسيين لسلع مثل الإلكترونيات والملابس والمنسوجات إلى الولايات المتحدة.
كما بلغ إجمالي عمليات التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة أكثر من 530 مليار دولار خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام 2024.
في هذا السياق المتأزم، أثارت تصريحات ترامب بشأن زيارة محتملة لنظيره الصيني شي جين بينغ لواشنطن، تكهنات عدة حول موعد الزيارة ومكان انعقادها في إشارة منه إلى ضرورة ترتيب الأوضاع الداخلية قبل المضي قدما في أي مفاوضات مع الصين.
وحول ذلك قالت وسائل إعلام صينية: إنه من المرجح إلى حد كبير أن يقوم شي بزيارة الولايات المتحدة “لأن من مصلحة بكين تطوير علاقة شخصية مع ترامب الذي قدّم العرض (عرض الزيارة) مرتين في غضون شهر واحد فقط”.
وأشارت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، إلى وجود تحرّكات داخل الإدارة الأميركية لإعادة تقييم العلاقة مع بكين، ولكن دون تحديد مسار واضح أو شروط مسبقة، ورغم التزام الصين، الصمت رسميًا، إلا أنها أبدت اهتماما بإجراء حوارات تمهيدية غير رسمية.
وبحسب البروتوكولات الدبلوماسية السابقة، فإنه من المعتاد أن يتبادل رؤساء البلدين الزيارات بالتناوب، فلا يصح مثلاً أن يزور رئيس دولة البلد الآخر مرتين متتاليتين، ونظرا لذلك يبدو أن خلافات بروتوكولية طفت على السطح ما تسببت في تأخر انعقاد القمة بين ترامب وشي، ما يؤكد أن بكين متمسكة بهذه التقاليد الدبلوماسية، ومن غير المتوقع أن تكسرها تحت أي ظرف كان، لأنها ستُفسر على أنها انتقاص من قيمتها ومكانتها الدولية.
وحول هذا علق الخبير في العلاقات الدولية لي وين والمقيم في بكين إن هناك اتفاقاً مبدئياً بين الجانبين بشأن القمة وأهميتها وضرورة انعقادها في أقرب وقت، لتذليل العقبات أمام إعادة فتح قنوات الاتصال ومناقشة الملفات العالقة على مستوى القيادة، لافتا إلى أن آخر زيارة قام بها الرئيس الصيني للولايات المتحدة كانت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عندما حضر شي قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في سان فرانسيسكو، واجتمع مع نظيره الأميركي آنذاك جو بايدن، لتخفيف التوترات المتزايدة بين البلدين.
ووفقا للخبير فإن شي كان آخر رئيس يقوم بزيارة من هذا النوع، لذلك ينبغي لترامب أن يزور بكين، خصوصاً أن بايدن لم يقم بهذه الخطوة، ليكون بذلك أول رئيس أميركي منذ جيمي كارتر (1977 ـ 1981)، لا يزور الصين خلال فترة ولايته.
#صحيفة_الثورة
