الثورة – ناديا سعود:
بمناسبة اليوم العالمي للتلاسيميا، نسلّط الضوء على معاناة مرضى هذا الداء الوراثي المزمن، في ظل نقص حاد في العلاج، والإمكانات الطبية المتاحة، وواقع صحي متردٍّ في مراكز الرعاية.
في حديث خاص لـ”الثورة”، أوضح مدير مركز التلاسيميا في دمشق الدكتور رامي نصر الله، أن المرض عبارة عن فقر دم انحلالي وراثي ينتقل عندما يكون كلا الأبوين حاملين للمورثة المسببة للمرض، مشدداً على أهمية فحوصات ما قبل الزواج لتفادي ولادة أطفال مصابين.
ويقول: مريض التلاسيميا يحتاج إلى نقل دم دوري مدى الحياة، إضافة إلى أدوية خافضة للحديد ومكملات غذائية مثل حمض الفوليك والكلس، هذه الأدوية باهظة الثمن وتتكفل وزارة الصحة بتوفيرها، ولكن مع الأوضاع الحالية بات تأمينها صعباً.
مضاعفات قاتلة
وأضاف مدير المركز: يتراكم الحديد في جسد المريض مع كل عملية نقل دم، ما يؤدي لاحقاً إلى أذيات في القلب، والغدد، والكبد، وحتى الجهاز التناسلي، المريض يعاني من التعب المستمر ولا يستطيع أداء الأعمال الجسدية، وغالباً ما يُحصر بدائرة الوظائف المكتبية فقط.
وبين أن مركز دمشق يستقبل يومياً العديد من المرضى، بعضهم قادم من محافظات عدة، مثل: إدلب وحلب، في ظل عدم توفر العلاج في مناطقهم، وبلغ عدد المرضى المسجلين في المركز قرابة 2400 مريض، وسط تزايد يومي في أعداد المراجعين.
مسؤول الإعلام في فريق “نبضة أمل” لوسيا كريغو- وهي مصابة بالمرض، أشارت إلى الواقع المأساوي الذي يعيشه المريض، وتقول: العلاج غير متوفر.. لا يوجد دم كافٍ، لا خوالب حديد، ولا مكملات، ولا حتى تحاليل دورية ، المرضى يأتون للمركز ليجدوا أن كل شيء مفقود.
البحث عن متبرعين
وتابعت كريغو: المركز لا يحصل من بنك الدم سوى على 25 وحدة دم يومياً، رغم الحاجة الأكبر بكثير، المرضى يُجبرون على البحث عن متبرعين من أقاربهم أو من خلال حملات التبرع التي ينظمها فريق نبضة أمل بالتعاون مع الهلال الأحمر وجمعيات أخرى.
وإلى جانب فقدان الأدوية، يعاني المركز من سوء في النظافة، نقص حاد في الكادر الطبي، وافتقار للتجهيزات، ما يشكل خطراً حقيقياً على حياة المرضى، خاصة مع ضعف مناعتهم.
ممرضة لكل 70 مريض
تقول لوسيا- مريضة: ممرضة واحدة تخدم أكثر من 70 مريضاً، وأي خطأ قد يكون قاتلاً، نحن لا نطلب الكثير، فقط الحد الأدنى: دم كافٍ، أدوية خافضة للحديد، تحاليل دورية كل 3 أشهر، وطبيب دم مختص.
في اليوم العالمي للتلاسيميا، تبقى الرسالة واضحة: فحوصات ما قبل الزواج ضرورة قصوى، وتأمين العلاج حق لا ترف، وكرامة المرضى يجب ألا تُساوم.