الثورة- نور جوخدار:
مخالفا للأعراف الدبلوماسية الأميركية التي اعتاد رؤساء الولايات المتحدة على اتباعها، حيث كانت أولى زياراتهم عادةً إلى حلفاء تقليديين في أوروبا، يبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيارته الخارجية الأولى في ولايته الثانية إلى منطقة الشرق الأوسط، متجهاً إلى المملكة العربية السعودية والتي زارها أيضاً في ولايته الأولى ثم قطر والإمارات وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية.
زيارة ترامب إلى الخليج تأتي في توقيت حساس، يشهد فيه الشرق الأوسط تحولات متسارعة، من الحرب في غزة والتمردات في اليمن، إلى الوضع في سوريا بعد سقوط النظام البائد، وصولًا إلى الملف النووي الإيراني الذي يثير قلق واشنطن وحلفائها الإقليميين.
وبحسب بيان الخارجية الأميركية، ستركز اللقاءات على ملفات الأمن الإقليمي والدفاع والطاقة والاستثمار، إضافة إلى تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة، وتعكس هذه الأجندة السياسية الاقتصادية تمسك ترامب بشعاره “أميركا أولاً”، وحرصه على تأكيد هيمنة بلاده في معادلة الطاقة والأمن العالمي.
اقتصادياً، تهدف الزيارة إلى جذب استثمارات خليجية ضخمة إلى الولايات المتحدة، فقد أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في كانون الثاني الماضي اعتزام بلاده استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة، بينما يسعى ترامب لرفع هذا الرقم إلى تريليون دولار بما يشمل شراء المزيد من المعدات العسكرية الأمريكية. وفق ما ذكرته “بي بي سي”.
كما تعد قطر شريكًا استراتيجيًا لواشنطن، باستضافتها أكبر قاعدة جوية أميركية في المنطقة، رغم حساسيات علاقاتها مع طهران ودعمها لحركة حماس.
وتعليقاً على ذلك تقول الخبيرة من معهد الشرق الأوسط كارين يونغ: “يريد الرئيس ترامب الإعلان عن تدفق المزيد من الأموال الخليجية للولايات المتحدة”. وفق “بي بي سي”.
ويرى محللون أن ترتيب الدول في جولة ترامب، بدءًا من السعودية تحمل دلالات سياسية واضحة، حيث تسعى الإدارة الأميركية إلى إعادة التأكيد على التحالف الاستراتيجي مع الرياض، خاصة في ظل التطورات الإقليمية الأخيرة، كما تدفع المزيد من الدول الخليجية نحو مسار التطبيع مع إسرائيل والذي في سياق استكمال ما بدأته الإدارة الأميركية السابقة.
كما أن واشنطن تبعث من خلال هذه الزيارة رسائل مباشرة إلى موسكو وبكين، بأن الولايات المتحدة لا تزال اللاعب الأساسي في معادلة الطاقة والأمن في العالم، ومن المتوقع أن تنعكس مخرجات الجولة على أسعار النفط، والتحالفات التجارية، وأسواق السلاح أيضاً.
وفيما أثارت الزيارة جدلاً واسعاً خاصة مع استبعاد إسرائيل من جدولها، وسط تصاعد الخلاف بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول إدارة الملف الفلسطيني، يشير الخبير بالشؤون الأميركية، والمحاضر في الجامعة العربية الأميركية الدكتور أيمن يوسف في حديث لـ”الجزيرة نت”، إلى أن “ملفات كبرى تتصدر أجندة ترامب حالياً، أبرزها “النووي الإيراني”، والعلاقات مع السعودية وتركيا ومصر، وحتى الملف اليمني وبالتأكيد الملف الفلسطيني والعدوان على غزة سيكون أحد الجزئيات”.
وأضاف يوسف أن ترامب “قد يمارس ضغوطاً على نتنياهو لإنهاء الحرب مؤقتاً، أو عقد صفقة تتضمن إطلاق أسرى إسرائيليين من غزة، وهو مطلب يتبناه ترامب في حملاته الانتخابية”.
وبينما يترقب الشارع العربي مخرجات زيارة ترامب، تبقى الأسئلة مفتوحة حول شكل التحالفات المقبلة، ومدى قدرة واشنطن على إدارة صفقات تعيد ترتيب الأوراق في الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها؟.