الثورة – جاك وهبه:
في خطوة وُصفت بأنها مفصلية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، بعد سنوات من القيود الاقتصادية والمالية التي أثقلت كاهل الاقتصاد السوري، وأثرت بشكل مباشر على حياة المواطنين وقطاعات واسعة من الإنتاج والاستثمار.
خلفية القرار
العقوبات فرضت كردّ فعل سياسي على الحرب السورية، وامتد نطاقها ليشمل قيوداً صارمة على التحويلات المالية، ومنع توريد المعدات، وتجميد الأصول، إضافة إلى حظر التعامل مع عدد كبير من الكيانات والأفراد.
وقد خلفت هذه الإجراءات على مدى أكثر من عقد، آثاراً عميقة على الاقتصاد المحلي، بدءاً من تعطل سلاسل التوريد، مروراً بتراجع القدرة الشرائية، وصولاً إلى تقييد فرص الاستثمار.
واليوم.. مع إعلان رفع هذه العقوبات، يُطرح السؤال: هل نشهد فعلاً بداية مرحلة جديدة من التعافي والنمو؟ وهل يستطيع الاقتصاد السوري التقاط أنفاسه بعد سنوات من الخنق المالي؟
نقطة تحول
مستشار وزير الاقتصاد والصناعة، الدكتور مازن ديروان، أكد في حديث خاص لصحيفة الثورة، أن رفع العقوبات يشكّل نقطة تحوّل اقتصادية مهمة من شأنها أن تفتح الباب واسعاً أمام الاستثمارات الكبرى والمشاريع التنموية في سوريا.
وأوضح أن القيمة الاقتصادية الأبرز لهذا القرار تكمن في تمكين المانحين والمستثمرين من تحويل مبالغ مالية كبيرة لتمويل مشاريع استراتيجية، مثل استخراج وتكرير النفط، واستثمار الموارد الطبيعية كالفوسفات والرمال السيليكية، إلى جانب تنفيذ مشاريع بنى تحتية كبرى تشمل الطرق السريعة، والمجمعات السكنية والتجارية والسياحية، والجسور والأنفاق.
التبادل التجاري
وأشار ديروان إلى أن الفائدة الثانية تتمثل في تيسير عمليات التحويل لأغراض الاستيراد والتصدير عبر المصارف المحلية، ما يُعيد لها دورها الطبيعي في تسهيل التبادل التجاري، ويسهم في تسريع عجلة الاقتصاد.
أما الفائدة الثالثة، فتكمن في تخفيف القيود على السوريين في الخارج، وسيتمكنون من فتح حسابات مصرفية بسهولة من دون أن يُعاملوا كمشتبه بهم أو مجرمين.
وأضاف: هناك أثر نفسي بالغ الأهمية، يتمثل في شعور السوري بعدم الاضطهاد، ما ينعكس إيجاباً على أدائه المهني وإنتاجيته في مختلف القطاعات.
قاعدة صلبة
واختتم ديروان تصريحه بالتأكيد على أن هذه الفوائد، إلى جانب إجراءات داخلية داعمة، مثل نظام ضريبي عادل، ورسوم جمركية منخفضة أو معدومة، وبيئة قانونية ضامنة للحقوق، ستشكل معاً قاعدة صلبة لتسريع النمو الاقتصادي وتعزيز مسار التعافي في سوريا.
استراتيجية اقتصادية
رفع العقوبات ليس نهاية الطريق، بل بدايته، والرهان الحقيقي اليوم لا يقتصر على ما فُتح من الخارج، بل يعتمد على ما يمكن أن يُبنى في الداخل: إدارة رشيدة، وبيئة قانونية مستقرة، واستراتيجية اقتصادية واضحة تعيد الثقة بالاقتصاد السوري وتمنح المواطن حقه في حياة كريمة بعد سنوات من المعاناة.