من دولة مغلقة إلى مجتمع يراقب.. الوعي الشعبي حجر الأساس لبناء دولة القانون

أحمد نور الرسلان – كاتب صحفي:

عقود طويلة من الكبت والفساد، يرقبه السوريون دون أن يكون لهم القدرة على رفضه أو استنكاره حتى، في ظل هيمنة مملكة الخوف الأمنية في عهد نظام الأسد الأب والابن، تحولت الدولة في عهدهم إلى مزرعة مغلقة تُدار بزعامات فوق القانون، لكن اليوم الأمر مختلف، يشهد السوريون وللمرة الأولى منذ أكثر من نصف قرن، انفتاحاً سياسياً ومؤسساتياً يتيح لهم ممارسة دورهم الطبيعي في “الرقابة الشعبية والمساءلة المدنية”.

هذا الانفتاح عبّرت عنه وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل “هند قبوات”، بقولها إن “اهتمام السوريات والسوريين بعمل الحكومة يعكس وعياً عالياً بالمسؤولية ورغبة حقيقية في بناء مؤسسات قوية وشفافة”، وبالتأكيد إن هذا التحوّل اللافت من “الخوف من الدولة” إلى “الحرص عليها”، يشكّل نقطة مفصلية في مسار بناء سوريا الجديدة، التي تتسع لكل أبنائها، وتُدار بمنطق الشراكة، لا الإقصاء.

“الوعي الشعبي” لم يكن يوماً نتاج لحظة عابرة، بل هو ثمرة سنوات طويلة من المعاناة والمواجهة مع نظام استبدادي أفرغ مؤسسات الدولة من معناها، وكرّس الفساد والمحسوبيات كأدوات حكم، وأقصى المواطن عن أي مشاركة حقيقية في صناعة القرار أو حتى نقده، وإلا فإن مصير المنتقد سجون مظلمة لا يعرف للحرية فيها باباً.

أدرك السوريون بعد سقوط نظام الأسد، أن “الدولة ليست ملكاً لحزب أو طائفة أو عائلة”، بل هي مؤسسة يجب أن تُدار بعين المجتمع، وتُحاسب من قبل أبنائها، من هنا بدأت تتشكّل أدوات جديدة للرقابة الشعبية، أساسها الشفافية، وحق الحصول على المعلومات، وحرية التعبير، والتواصل المباشر مع المؤسسات.

لسنوات، كانت الرقابة في سوريا تعني “الرقابة الأمنية”، أما اليوم، فإن ما يتشكل على الأرض هو مفهوم “الرقابة المجتمعية”، والتي تعني أن المواطن أصبح شريكاً في صنع القرار، ومراقباً حقيقياً لسير عمل الوزارات والمؤسسات، هذا الدور من شأنه تعزيز فكرة التشاركية بين الشعب والدولة، مواجهة الفساد، وإنذار مبكر لكل من يفكر أن يتاجر بقوت السوريين.

الحديث عن مراجعة التعيينات، وانتقاد الأداء، والمطالبة بالشفافية المالية والإدارية، أصبح “حقاً مشروعاً وصوتاً مسموعاً”، بل وأداة تصويب ضرورية لتمكين الدولة من تصحيح مسارها والقطع مع ممارسات الماضي، والدولة التي تحترم شعبها وتضحياته، يجب عليها أن تتقبل هذه الرقابة بل وتعززها بأدوات وتقنيات تسهل عملية متابعة عملها وانتقادها حتى وفق الوسائل المشروعة والمنضبطة.

ما نشهده اليوم من تفاعل شعبي مع تشكيل الحكومة الجديدة، وتتبع عمل الوزارات، والاهتمام بكفاءة الأشخاص في مواقع المسؤولية، هو “تطور بنيوي في علاقة السوري مع الدولة”، لا يمكن التراجع عنه.

سوريا القادمة لن تُبنى على أنقاض نظام فاسد فقط، بل على وعي جديد يؤمن أن “المواطن هو خط الدفاع الأول عن الدولة”، وأن الرقابة الشعبية لا تقل أهمية عن الدستور والقوانين، لذلك، فإن استمرار هذه الروح الرقابية في المجتمع، ودعمها عبر أدوات تشريعية وإعلام حر، وهيئات مستقلة، سيكون الضمانة الأولى لعدم العودة إلى منظومات الفساد والاستبداد، ولترسيخ ثقافة دولة القانون والمساءلة.

آخر الأخبار
حرائق اللاذقية الأكبر على مستوى سوريا... والرياح تزيد من صعوبة المواجهة تحذير من خطر الحيوانات البرية الهاربة من النيران في ريف اللاذقية مدير المنطقة الشمالية باللاذقية: الحرائق أتت على أكثر من 10 آلاف هكتار عودة جهاز الطبقي المحوري إلى الخدمة بمستشفى حمص الوطني الشيباني يبحث مع وفد أوروبي تداعيات الحرائق في سوريا وقضايا أخرى تعزيز دور  الإشراف الهندسي في المدينة الصناعية بحسياء وحدة الأوفياء.. مشهد تلاحم السوريين في وجه النار والضرر وزير الصحة يتفقد المشفى  الوطني بطرطوس : بوصلتنا  صحة المواطن  الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بريف دمشق  تعقد أولى اجتماعاتها  لأول مرة باخرة حاويات كبيرة تؤم مرفأ طرطوس  فروغ المحال التجارية والبحث عن العدالة.. متى ظهرت مشكلة الإيجار القديم أو الفروغ في سوريا؟ وزارة الإعلام تنفي أي لقاءات بين الشرع ومسؤولين إسرائيليين معرض الأشغال اليدوية يفرد فنونه التراثية في صالة الرواق بالسلميّة تأهيل شبكات التوتر المتوسط في ريف القنيطرة الشمالي مُهَدّدة بالإغلاق.. أكثر من 3000 ورشة ومئات معامل صناعة الأحذية في حلب 1000 سلة غذائية من مركز الملك سلمان للإغاثة لمتضرري الحرائق بمشاركة 143 شركة و14 دولة.. معرض عالم الجمال غداً على أرض مدينة المعارض مناهج دراسية جديدة للعام الدراسي القادم منظمة "بلا حدود" تبحث احتياجات صحة درعا "18 آذار" بدرعا تدعم فرق الدفاع المدني الذين يكافحون الحرائق