افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير نور الدين الإسماعيل
يقول الكاتب الأمريكي نابليون هيل: “في قلب كل محنة، تكمن بذرة فرصة مساوية، أو أعظم منها”. وإذا أردنا إسقاطها على الحالة السورية يكون معنى هذا الكلام أنه في كل حادثة سلبية هناك زوايا إيجابية يمكن أن نقف عندها مطولاً، ويمكن البناء عليها لننطلق منها إلى ما هو أفضل بنتائج إيجابية تفوق بأضعاف مضاعفة حجم الكارثة.
تعود بنا الذاكرة إلى أيام زلزال 6 شباط الذي هزَّ مشاعر السوريين وحرَّكها بحجم ما هزَّ الأرض وحرَّكها في ذلك الوقت، حيث تفوّقت المشاعر والأحاسيس على كل محاولات النظام المخلوع بزرع التفرقة والضغائن، فوقف السوريون جنباً إلى جنب، حيث جمعهم الألم بقدر ما جمعهم حجم الكارثة.
واليوم، مع امتداد الحرائق لتلتهم غابات اللاذقية، يعود السوري إلى طبيعته وفطرته، الفطرة التي لا يمكن للمتصيدين تشويهها أو تزويرها، لتتحول الكارثة الطبيعية إلى نواة جديدة تجمع أبناء البلد الواحد كمنطلق جديد نحو بناء مجتمع سوري واحد ومتماسك.
وفي لحظة إدراك تحولت هذه النار التي تلتهم الغابات إلى ماء الحياة الذي يطفئ لهيب ما يشعله المغرضون والمتربصون بالبلاد وأهلها، لتبني وتؤسس لما عجز عنه دعاة السلم الأهلي ونشطاء المجتمع المدني في ندوات تحليلية فارهة، بعيدة عن الواقع العملي.
لفتتني اليوم صورة نشرها الصحفي السوري عمر البم، تظهر شابين أحدهما من معرة النعمان بريف إدلب، والآخر من مدينة مارع بريف حلب، جاءا من شمالي سوريا بصهريج ماء ضخم للمشاركة في إطفاء الحرائق، بدافع الانتماء و”الفزعة” السورية التي تظهر في مثل هذه الأحداث.
وسائل التواصل الاجتماعي، بدورها، ضجّت بصور ما خلفته الحرائق، وأشادت بجهود عناصر “الدفاع المدني” وفرق الإطفاء، والفرق التطوعية، والمتطوعين المدنيين، في مشهد يعيد إلى الواجهة وحدة السوريين أمام المخاطر الكبرى.
بيننا الكثير من الألم الذي يجمعنا أكثر من الخوض في تفاصيل يختلقها البعض لزرع التفرقة بين أعضاء الجسد الواحد.