الثورة- نور جوخدار:
كشف تقرير صادر عن المجلس الأطلسي للأبحاث في واشنطن عن تداعيات القرار الأخير لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قضى بتخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة أثارت تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين البلدين وما قد يرافقها من تحديات اقتصادية وسياسية.
ووصف الباحث والمسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية أليكس زيردن، القرار بأنه خطوة “جريئة”، معتبراً أنه يشكل بداية محتملة لمسار اقتصادي جديد لسوريا، إلا أنه شدد في الوقت نفسه على أن ذلك لا يعني عودة إلى العمل كالمعتاد مع سوريا بعد أكثر من أربعة عقود من الإجراءات العقابية المفروضة ضد نظام بشار الأسد.
وأوضح زيردن في مقال نشره المجلس الأطلسي للأبحاث أن سوريا لا تزال تعد “منطقة عالية المخاطر”، بسبب سنوات الصراع، والفساد المستشري، وانهيار مؤسسات الدولة، وانتشار تجارة المخدرات والكبتاغون، إلى جانب جهود مكافحة غسل الأموال غير الكافية وضعف ضوابط تمويل الإرهاب.
وأشار إلى أن واشنطن، من خلال ما أعلنته حتى الآن، أعطت مساحة مهمة لإعادة الإعمار وتشجيع القطاع الخاص، وتحقق ذلك عبر إصدار مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأميركية، الترخيص العام رقم 25، وإعفاءات من قانون قيصر عن وزارة الخارجية، وأخرى استثنائية بموجب المادة 311 من قانون باتريوت الأميركي لشبكة إنفاذ الجرائم المالية لصالح البنك التجاري السوري، وعدد من المؤسسات المالية التجارية السورية المرتبطة بالنظام المالي العالمي.
وبين الباحث زيردن أن الإجراءات الأخيرة، سواء من وزارة الخارجية أو الخزانة الأمريكية تنقسم إلى فئتين: مؤقتة بطبيعتها مثل إعفاء قانون قيصر لمدة 180 يوماً، أو قابلة للإلغاء في أي لحظة، كحال بعض التراخيص الصادرة عن وزارة الخزانة.
وقدّم زيردن مجموعة من التوصيات لإدارة ترامب لتعزيز هذا المسار، من أبرزها: إصدار توضيحات سياسية بشأن القيود الاقتصادية المتبقية، تقديم مذكرة من وزارة العدل تشرح أثر تصنيفات “الدولة الراعية للإرهاب” و”المنظمات الإرهابية الأجنبية”، خصوصاً بالنسبة للمنظمات الإنسانية العاملة في سوريا، مؤكداً على العمل مع الكونغرس لمراجعة الأطر القانونية للعقوبات القديمة، بما يتوافق مع المرحلة السياسية ما بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، والتنسيق مع الحلفاء والشركاء لمعايرة عقوبات الأمم المتحدة لتتناسب مع المخاطر الحالية.
وأشار المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية إلى ضرورة تقديم توجيهات مفصلة حول تفاصيل الإعفاء من قانون قيصر والإعفاء الاستثنائي بموجب المادة 311 من قانون مكافحة الجرائم المالية، بالإضافة إلى وضع سياسة اقتصادية مرنة تعزز الشراكة مع القطاع السوري ودعم الشركاء بأدوات الحكم الاقتصادي الإيجابية مثل تقديم المساعدة الفنية للقطاع المالي، وإصدار تراخيص جديدة، وتخفيف القيود الاقتصادية.
وفي الختام لفت زيردن إلى أهمية تحرك الحكومة الأميركية سريعاً لتحديث العقوبات والصلاحيات الأخرى ذات الصلة بما يعكس المتغيرات على الأرض بشكل أفضل، مشدداً على ضرورة ضبط التدابير الاقتصادية التقييدية بما يحقق أهداف السياسة الخارجية الأميركية ويدعم أدوات النمو الاقتصادي التي تمكن الشعب السوري من الاستفادة من هذا التغيير الجذري في موقف واشنطن.
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والسفير الأميركي لدى تركيا توماس باراك صرح في مقابلة مع قناة NTV التركية، أن سياسة الولايات المتحدة الحالية تجاه سوريا ستختلف جذرياً عن سياساتها خلال المئة عام الماضية، معترفاً بفشل السياسات السابقة في التعامل مع الملف السوري.