الثورة – مها دياب:
في خضم التطورات الاجتماعية والثقافية التي يشهدها العالم اليوم، تظهر تحديات أخلاقية تهدد بنية المجتمع وترابطه، واحدة من أخطر هذه الظواهر الإساءة اللفظية، والتي باتت تتخذ أشكالاً مقلقة، تصل إلى التطاول على الخالق عز وجل، سواء عن جهل أو استهتار.
هذا السلوك الغريب ليس مجرد كلمات تقال في لحظة غضب، بل هو انعكاس لتحولات اجتماعية تحتاج إلى دراسة معمقة، خاصة عندما يصبح الأمر شائعاً بين بعض الشباب والمراهقين.. فكيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟.
وأين دور الأسرة والمؤسسات التربوية في تصحيح المسار؟.
الآثار النفسية والاجتماعية للشتائم
يقول الأديب نبيل محمد غيبور: إن الشتائم باختلاف أنواعها لديها قدرة على خلق بيئة سلبية تتسم بالتوتر والعصبية، مما يؤدي إلى إضعاف الطموح وانسداد آفاق التفكيرالإبداعي لدى الأفراد، فعندما يتحول السب والشتم إلى عادة يومية، تتأثر العلاقات الاجتماعية، ويبدأ الفرد في فقدان القدرة على بناء روابط صحية مبنية على الاحترام والتفاهم.
ويؤكد لـ”الثورة” على أن التربية هي الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات، وأن إهمال تعليم الأطفال والشباب قيم الاحترام والمودة يجعلهم عرضة للسلوكيات السلبية والانحرافات الأخلاقية، لذلك تقع المسؤولية الكبرى على الأهل في زرع قيم الخير، وتعليم أبنائهم أهمية الكلمة الطيبة التي تثمر محبةً في القلوب وتعزز الروابط الإنسانية.
نشر ثقافة التسامح والعدالة
وشدد على أن الحرية بلا قيود ليست سوى فوضى متنكرة، والعدالة هي الميزان الذي يضمن استقرارالمجتمعات، فلا يمكن لمجتمع أن ينهض دون وجود قوانين تحمي الأخلاق والقيم، لأن غياب المحاسبة يؤدي إلى تفشي الفساد وانحراف السلوكيات. عندما يدرك الفرد أن أفعاله ستُحاسب، فإنه يراجع تصرفاته ويتجنب الوقوع في الخطأ.
وبين غيبور أنه في عصر الإنترنت والتكنولوجيا المتقدّمة، تصبح مسؤولية توجيه الشباب أكبر من أي وقت مضى، وأن انتشار ثقافة الجهل والإباحية عبر وسائل التواصل يشكّل تحدياً يتطلب وعياً وحكمة في التعامل معه، لهذا، فإن مسؤولية الأهل والمعلمين لا تقتصر فقط على المراقبة، بل يجب أن تشمل التوعية المستمرة وإرشاد الشباب نحو السلوك القويم.
دعوة للتآخي ونبذ الفُرقة
وأوضح أن العلاقات الأسرية والمجتمعية لا يمكن أن تستمر في بيئة يسودها التباعد والجفاء، لذلك علينا أن نغرس في نفوس أبنائنا ثقافة التآخي بين الأديان والطوائف، ونبتعد عن العنصرية والطائفية التي تتمزق النسيج الاجتماعي.
بالتالي لا يمكن إصلاح المجتمع ما لم يبدأ كلّ فرد بإصلاح نفسه وسلوكياته قبل فوات الأوان، حيث أن الله محبة، والحياة لا تبنى إلا على أسس التفاهم والعدل، فكلّ سلوك سلبي ينتشر اليوم قد يكون له عواقب وخيمة في المستقبل، ولن يجدي الندم بعد فوات الأوان.
ويختم حديثه بالقول: ليس التأديب بالعنف، بل بالحكمة والترغيب، فإن لم نغرس في قلوب أبنائنا الفضيلة، فسيرويهم غيرنا بالفساد، فلتكن كلمتنا نوراً يضيء دربهم، قبل أن يطوقهم الظلام.