الثورة – محمود ديبو:
دعا مسؤول تنفيذ سابق في محافظة دمشق المهندس حسان الحاج إلى ضرورة مشاركة المجتمع المحلي، عند القيام بأي عمل تخطيطي لمدينة أو منطقة أو أي وحدة إدارية.
معتبراً أن هذا الأمر من شأنه تعزيز الشفافية والمصداقية وتوفير فهم صحيح للاحتياجات المحلية، وتحسين جودة القرارات المتخذة إلى جانب تنمية حس الانتماء وتعزيز العدالة الاجتماعية، على أن تكون تلك المشاركة عبر آليات عدة منها النشر والإعلام والاجتماعات الحوارية، واستطلاعات الرأي وتلقي الملاحظات ووجود مهندسين من أهل المنطقة.
أهم التحديات
ولفت المهندس الحاج خلال محاضرة له في ندوة احتياجات وتحديات الإعمار، التي أقيمت في نقابة المهندسين بدمشق إلى أن أهم تحديات المحاولات التخطيطية لمدينة دمشق اعتبار نهر بردى وغوطة دمشق وجبل قاسيون محميات طبيعية إلا أنه جرى الاعتداء عليها بأشكال عدة، ومعظم الحلول التي سبق اقتراحها كانت تخدم جهات ذات نفوذ، ومن التحديات أيضاً في عملية التخطيط هي توفير مياه الشرب لسكان المدينة وخدمات الصرف الصحي، واعتبار دمشق عاصمة تاريخية مع وجوب الحفاظ على القيمة الحضارية الكبرى للمدينة، وإيقاف الضغط العمراني السكاني المستمر على تخوم مدينة دمشق.
وأوضح المهندس الحاج أنه من بين المشكلات التي كانت تواجه العمل التخطيطي الاعتماد على أشخاص لا يعرفون طبيعة المدينة أو المنطقة، على سبيل المثال عندما تم تكليف (خطيب وعلمي) لدراسة المصور العام لمدينة دمشق لم يكن معه بفريق عمله أشخاص قادرين على تصحيح وتصويب المعلومات، وعليه فقد جاءت التقارير الأولى بعيدة جداً عن واقع المدينة.
ورأى المهندس الحاج أنه لا بد من تمكين إدارة رشيدة للتخطيط الحضري تستطيع إيقاف التدهور الحضري في دمشق الكبرى، والاستفادة من نقابة المهندسين كمنصة جامعة للمهندسين المعنيين بالتطوير العمراني، مع ضرورة وضع هيكلية إدارية وإطار مؤسساتي سليم يراعي مصالح التطوير الحضري، إلى جانب تعديل الأنظمة والقوانين بشكل شفاف ومنصف من خلال مشاركة المجتمع المحلي، والعمل على وضع الجداول الزمنية لتحقيق الغاية التخطيطية والالتزام بها.
لفتة تاريخية
وفي لفتة تاريخية عن التخطيط الحضري لدمشق ومحيطها بيَّن المهندس الحاج إنه في عام 1936 تم وضع مصور (دانجيه) الذي تضمن تثبيت المنطقة التخطيطية للمدينة القديمة وثبت بعض الأحياء المحدثة بذلك التاريخ ومنها (حي أبي رمانة).
وفي عام 1948 صدر نظام بناء وفق هذا المصور، ثم تم إعداد مصور تنظيمي جديد (إيكوشار) عام 1968 وإلى اليوم نحن نعمل على هذا المصور رغم أن أمده التخطيطي (20 عاماً) فقط أي أنه يعتبر منتهي منذ عام 1988.
وشمل مصور (إيكوشار) مناطق سماها مناطق تخطيطية هي أحياء قديمة (ك،ل)، وثبت مناطق جديدة (ضواحي عمرانية)، هي المحيطة بالمدينة وعددها سبع ضواح عمرانية، وحدد مناطق التنظيم الجديدة (تنظيم كفرسوسة).
والمفارقة هنا أنه رغم انتهاء الأمد التخطيطي لمصور (ايكوشار) منذ العام 1988 إلا أنه لم يتم تنفيذ سوى (40 بالمئة) من المساحات الخاضعة للعمران، وذلك بسبب أخطاء كانت تمنع التنفيذ، أو تقصير من الإدارة بوضع آليات تنفيذية.
وينوه بأنه في العام 1991، تم التعاقد مع الشركة العامة للدراسات لإعداد مخطط تنظيمي جديد لدمشق، وتم الانتهاء من العمل في العام 1997، وأنجز المخطط التنظيمي لدمشق، إلا أنه لم يتم تصديقه لأنه أخذ مناطق نفوذ بحدود (200 ألف هكتار)، أي كل المحيط الحيوي لمدينة دمشق، وكانت هذه الدراسة غير متكاملة وينقصها التركيز والتدقيق بسبب الحجم الكبير للأراضي التي شملها، كما أنه لم يتم إدخال فكر جديد فيها وجرى محاولة تطوير مصور (ايكوشار) من خلال إدخال مناطق جديدة.
ويقول: في العام 2008 تم التعاقد مع شركة (خطيب وعلمي) لإعداد مخطط تنظيمي جديد لمدينة دمشق وضواحيها وكانت المساحة (57100 هكتار)، وتضمنت الدراسة وضع “ميثاق دمشق” الذي طالب بإعادة ربط مدينة دمشق بهويتها واعتبارها عاصمة ديناميكية ومركز، وتطوير حل خاص بدمشق، واعتبارها مكان يحلو فيه العيش وتنسجم مع بيئتها، وبناها التحتية ذات جودة.
ووضعت أفكار للمخطط الجديد يعتمد على التكثيف الداخلي، وتحديد المناطق العمرانية والمشاهد العمرانية، وتحديد التوسعات خارج حدود المناطق العمرانية (تحجيم التوسعات التي كانت تحدث على حساب الريف)، وتحديد المحركات الاقتصادية الداعمة، ومحاور ومواقع النشاط الاقتصادي الموجه.