الثورة- نور جوخدار:
تشكل زيارة الوفد الروسي رفيع المستوى إلى دمشق، برئاسة نائب رئيس الحكومة الروسية ألكسندر نوفاك، محطة جديدة على مسار تنامي العلاقات الثنائية، التي ينسجها البلدان على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، بما يعطي دفعا قويا لتعزيز التعاون والذي من شأنه أن يساهم في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة.
الوفد الروسي، سيجري سلسلة مباحثات مع مسؤولين سوريين تتناول ملفات الاقتصاد والأمن والدفاع والسياسة، وفق ما ذكرته وكالة سانا، وهذا يعطي مدلولا إضافياً على أهمية الزيارة، في هذا الظرف الدقيق والحساس التي تمر فيه سوريا، والمنطقة على وجه العموم، لاسيما وأن الدعم الروسي لمسار سوريا الجديد سيكون في هذه المرحلة مهماً لمصلحة دمشق وموسكو في آن معا، ولمصلحة المنطقة برمتها، والبلدان يمتلكان من المقومات المشتركة، والإرادة السياسية الكافية، ما يجعلهما قادرين على بناء علاقات قائمة على السيادة والعدالة والمصلحة المشتركة.
وفي إشارة إلى حرص موسكو على إبقاء حضورها في المشهد السوري الجديد، تعد هذه الزيارة الثانية لمسؤول روسي إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد، ففي كانون الثاني الماضي زار الممثل السابق للرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف دمشق والتقى السيد الرئيس أحمد الشرع.
وخلال اللقاء، أكدت الرئاسة السورية في بيان لها أن مناقشات بوغدانوف مع الرئيس الشرع تركزت على قضايا رئيسية، بما في ذلك احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها.
كما أكدت موسكو دعمها لـ “التغييرات الإيجابية” في سوريا، مشددة على أهمية احترام سيادة البلاد وسلامة أراضيها.
صحيفة كوميرسانت الروسية قالت في 12 آب الماضي، إنها حصلت على معلومات تشير إلى أن السلطات السورية تبدي “اهتماماً” باستئناف دوريات الشرطة العسكرية الروسية في الجنوب السوري على غرار ما كان الوضع عليه في المرحلة ما قبل إسقاط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول 2024، بهدف تقليص العمليات الإسرائيلية بحجة حماية دروز سوريا وإقامة منطقة عازلة.
وبعد أيام قليلة من زيارة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى موسكو، رُصدت دوريات للشرطة العسكرية الروسية في محيط مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا لأول مرة منذ إسقاط نظام الأسد، وفق تقارير إعلامية عربية.
وفسر مصدر “كوميرسانت” تنامي النشاط الروسي في القامشلي إلى تعزيز التعاون بين الحكومة السورية وموسكو، مشيرًا إلى أن الدوريات جرت من دون مشاركة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي لم تتوصل حتى الآن إلى اتفاق مع الحكومة بشأن وضع مناطق الأكراد شرقي سوريا.
الخبير بالمجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيميونوف، ذّكر لـ”كوميرسانت”، بأن الوجود الروسي في محافظات الجنوب السوري قبل سقوط نظام الأسد كان يلبي المصالح الإسرائيلية، موضحًا أن الدوريات الروسية كانت تسعى لمنع نشر مجموعات موالية لإيران هناك، غير أن انعدام معيار واضح لتعريف تلك المجموعات صعب الأمر.
وشهدت العاصمة الروسية في تموز الماضي زيارة وفد سوري رفيع المستوى ضم وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبوقصرة، حيث عقدا لقاءات مكثفة ومباحثات مع مسؤولين وقادة روس.
وخلال لقائه السفراء العرب في موسكو، أكد الشيباني أن دمشق لن تسمح بأن تكون سوريا مكانا لتصفية نزاعات دولية، معبرًا عن رغبة البلدين في طي صفحة الماضي وبناء علاقات جديدة.
وتعكس الزيارات المتبادلة بين دمشق وموسكو سعي الجانبين إلى إعادة صياغة العلاقة بينهما بعد سقوط النظام، بما يضمن لموسكو الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وللإدارة السورية الجديدة تثبيت حضورها على الساحة الدولية ضمن توازنات أكثر استقلالية.