دمشق وموسكو  .. نحو بناء علاقات متوازنة تفكك إرث الماضي 

الثورة -فؤاد الوادي:

يحكم العلاقات “السورية – الروسية” الكثير من الملفات التي قد تبدو شائكة ومعقدة، لارتباطها بشكل مباشر بمروحة من التقاطعات والمصالح والتوازنات الدولية، التي باتت تفرض على دمشق وموسكو تحولات استراتيجية، تحاكي المصالح الوطنية لكلا البلدين، لاسيما إعادة التموضع الذي يحاكي المصلحة العليا للدولة السورية والشعب السوري.

فالعلاقات “السورية – الروسية” التي استثمرها النظام المخلوع لقتل وقمع شعبه، بحاجة اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى إعادة بناء جذري يفكك إرث الماضي ويبدد ذاكرة الدم، بناء يبدأ من الركائز والمقومات التي تقوم وتستند عليها تلك العلاقات، ولا ينتهي، بالطموحات المستقبلية التي يسعى كل طرف إلى تحقيقها بمقابل فتح صفحة جديدة تطوي معها صفحة مؤلمة في تاريخ علاقات البلدين.

زيارة الوفد الروسي إلى دمشق اليوم، هي امتداد لمسار الثقة الذي بدأته موسكو مطلع العام الجاري، عندما زار وفد روسي برئاسة الممثل السابق للرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف دمشق، ثم أتبعت دمشق ذلك بزيارة لوزير الخارجية  أسعد الشيباني، نهاية تموز الماضي، حيث أكد خلالها أن سوريا ترغب في بناء “علاقة صحيحة” مع روسيا، في تجسيد واضح لرؤية الدولة السورية لبناء علاقات مع روسيا الاتحادية تقوم على الاحترام المتبادل للمصالح والتوازنات، بعيدا عن الارتهان والتبعية والابتزاز السياسي.

ونقلت قناة ” روسيا اليوم” عن بوغدانوف في ذلك الوقت قوله إن الزيارة “تأتي في سياق تعزيز العلاقات التاريخية بين روسيا الاتحادية وسوريا وفق قاعدة المصالح المشتركة”، وأن روسيا حريصة على وحدة واستقلال وسلامة الأراضي السورية وتحقيق الوفاق والسلم الاجتماعي في البلاد.

وبعدها بأيام، نقلت وكالة إنترفاكس الروسية، عن بوغدانوف قوله إن الاتصالات الروسية مع الإدارة السورية الجديدة “تسير بشكل بناء”، وأوضح أن روسيا تأمُل الحفاظ على قاعدتيها في سوريا، وهما قاعدة بحرية في طرطوس وقاعدة حميميم بالقرب من مدينة اللاذقية الساحلية.

لكن،وكما لدمشق مصلحة في توجيه بوصلة العلاقات نحو وجهتها الصحيحة، فإن موسكو أيضا، بأمس الحاجة اليوم إلى إعادة ضبط هذه العلاقات بشكل متوازن وإيجابي، خصوصا في ظل التحولات الاستراتيجية السورية والإقليمية والدولية والتي أطاحت بالحضور الروسي في الكثير من المناطق الحيوية الهامة، لذلك تبدو الكرة في الملعب الروسي، حيث تعزيز الثقة مع الشعب السوري، هي أهم ركيزة من ركائز بناء علاقات قوية ومتينة ومتوازنة تحقق طموحات البلدين في كل المجالات والأصعدة.

العلاقات مع روسيا قديمة وتاريخية، ويجب استغلالها بالشكل الأمثل، ولعل ما قاله الرئيس أحمد الشرع في مقابلة له في مع ” بي بي سي ” في 18 كانون الأول 2024، يؤكد ذلك ويجسد جهود دمشق في إعادة تصحيحها، ويكفي أن نقتبس مما قاله الرئيس الشرع عن هذه العلاقات بأنها ” “استراتيجية”، حتى نرسم ملامح هذه العلاقات في المستقبل إن توفرت إرادة حقيقية ونوايا الصادقة.

وتعليقا على تصريحات الرئيس الشرع، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه يتفق مع وصف الرئيس الشرع العلاقات السورية الروسية بأنها “طويلة الأمد وإستراتيجية”، مشيرا إلى أن بلاده تعول على استئناف التعاون مع دمشق.

وشدد لافروف على أن بلاده لن تسمح بانقسام سوريا، مطالبا إسرائيل بألا تضمن أمنها على حساب أمن الآخرين، معربا عن أمله بالعمل مع الدولة السورية الجديدة بشأن قضايا الاقتصاد والاستثمار، و مشددا على أن روسيا تعول على استئناف التعاون الاقتصادي مع السلطات السورية الجديدة.

يذكر أن زيارة الشيباني الى موسكو ، كانت أولى خطوات دمشق نحو إعادة تصحيح وبناء علاقاتها مع روسيا، بعد سقوط نظام الأسد، والذي شكل خسارة جيوسياسية كبرى لموسكو. الزيارة، كما ذكر الوزير الشيباني آنذاك، جاءت في وقت حسّاس تواجه فيه سوريا تحديات داخلية وخارجية، كما أنها تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات التي ستكون قائمة على الاحترام المتبادل والسيادة السورية، بعيداً من “إرث الماضي الثقيل”، كما عبر عنه الشيباني.

كما أن الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس بوتين بتاريخ 4 آب الماضي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، يعكس جدية الجهود الروسية في بناء علاقة واضحة مع سوريا تحترم سيادتها وتنظر إليها على أنها طرف فاعل ومؤثر في قضايا المنطقة والعالم، ودولة أساسية في استراتيجيتها الإقليمية.

آخر الأخبار
"تقصي الحقائق" بأحداث السويداء تلتقي المهجّرين في مراكز الإيواء في إزرع علاقات اقتصادية مع روسيا في إطار تبادل المصالح واحترام السيادة الوطنية تعاون سوري – عُماني لتعزيز القدرات في إدارة الكوارث شراكة جديدة لتحديث التعليم وربط الشباب بسوق العمل زيارة الوفد الروسي.. محطة جديدة في العلاقات المتنامية بين دمشق وموسكو سوريا وروسيا تبحثان بناء شراكة قائمة على السيادة والمصالح المشتركة سوريا: الاعتداء الإسرائيلي على قطر تصعيد خطير وانتهاك سافر للقانون الدولي الشيباني: سوريا تفتح باب التعاون مع روسيا.. نوفاك: ندعم وحدة واستقرار سوريا استهداف قيادات حماس في الدوحة.. بين رسائل إسرائيل ومأزق المفاوضات "إدارة وتأهيل المواقع المحروقة للغابات" في طرطوس تحالف يعاد تشكيله.. زيارة نوفاك  لدمشق ملامح شراكة سورية –روسية  دمشق وموسكو  .. نحو بناء علاقات متوازنة تفكك إرث الماضي  بين إرث الفساد ومحاولات الترميم.. هل وصلت العدالة لمستحقي السكن البديل؟ حلب تفرض محظورات على بيع السجائر.. ومتخصصون يؤيدون القرار 1431 متقدماً لاختبار سبر المتفوقين في حماة أسواق حلب.. وجوه مرهقة تبحث عن الأرخص وسط نار الغلاء دمشق وموسكو.. إعادة ضبط الشراكة في زمن التحولات الإقليمية "اللباس والانطباع المهني".. لغة صامتة في بيئة العمل المغتربون.. رصيد اقتصادي لبناء مستقبل سوريا الأردن: القصف الإسرائيلي على سوريا تصعيد خطير وانتهاك للميثاق الأممي