خبير ري لـ”الثورة”: 180 ألف بئر تستنزف المخزون و55 بالمئة منها غير مرخص

الثورة – محمود ديبو:

تعتبر المياه الجوفية من أهم المصادر المائية المتاحة، وهي ذات قيمة استراتيجية بوصفها مصدر الحياة غير المرئي، وتشكل 98 بالمئة من إجمالي المياه العذبة غير المتجمدة على مستوى العالم.. وتزود نصف سكان العالم بمياه الشرب وتساهم في نحو نصف الإنتاج العالمي من الغذاء، وكذلك فهي مصدر هام لتغذية الأنهار والبحيرات، وبذلك فهي من حيث الكم أكثر بـ 250 مرة من المياه الموجودة في جميع الأنهار والبحيرات بالعالم.

تحديات

وعلى الرغم من ذلك- وبحسب الخبير بمجال الري المهندس محمد علي الزين فإن المياه الجوفية تواجه تحديات كثيرة، منها أنها باتت محدودة في ظل زيادة الطلب وسوء الإدارة وتدهور النوعية، إلى جانب خطر الجفاف والتأثيرات الواضحة للتغيرات المناخية، وهذا يستتبع بالضرورة زيادة الاهتمام بإدارة هذا المورد الهام على نحو منصف ومستدام بوصفه ضرورة قصوى، مع تغيير الاعتقاد السائد بأن المياه الجوفية معين لا ينضب.

وفي سوريا، يوضح المهندس الزين، أن وسطي الموارد المتاحة للاستخدام خلال الفترة من 2001 – 2011 كان 16.2 مليار متر مكعب، ووسطي استخدامات المياه كان 17.7 مليار متر مكعب، أي بواقع 109 بالمئة من الموارد المتاحة، وبالتالي بلغ وسطي العجز بالموازنة المائية 1.5 مليار متر مكعب، مع الإشارة إلى أنه في العام 2007 بلغ حجم العجز المائي 3.5 مليارات متر مكعب وتمت تغطيته من خلال ضخ كميات كبيرة من المياه الجوفية، ما أدى إلى جفاف آلاف الآبار وانخفاض مناسيب المتبقي منها وتقلص تدفقات الينابيع.

ويشير المهندس الزين إلى أن المياه الجوفية في سوريا تؤمن 60 بالمئة من احتياجات مياه الشرب والاستعمالات المنزلية، وتوفير مياه الري إلى (60 – 65 بالمئة) من المساحات الزراعية المروية، وتتواجد هذه المياه على شكل خزانات جوفية على أعماق مختلفة في العديد من المناطق وتتركز نسبة كبيرة من المياه الجوفية القريبة من سطح الأرض في المناطق ذات الهطل المطري الكبير وبالقرب من الأنهار والبحيرات.

تنامي حفر الآبار

وخلال النصف الثاني من القرن العشرين ازداد الاعتماد على المياه الجوفية وتنامت ظاهرة حفر الآبار، وساعد ذلك توفر الحفارات والمضخات القادرة على الضخ من أعماق بعيدة، وتشير الاحصائيات بأنه في العام 2002 كان عدد الآبار في سوريا نحو 180 ألف بئر، وتبين أن 55 بالمئة منها مخالفة وغير مرخصة، وجميعها كانت تروي مساحة 817.3 ألف هكتار، وهذه المساحة تتجاوز قدرة المياه الجوفية المتجددة على تأمين الاحتياجات في ظل الزراعات القائمة وكفاءة الري السائدة، علماً أن المساحات المروية من الآبار المخالفة صغيرة مقارنة بأعدادها الكبيرة جداً.

ويشير المهندس الزين إلى أنه في العقدين الأخيرين من القرن الماضي شهدت سوريا نهضة زراعية كان في مقدمتها توسع المساحات المروية (دون مراعاة الوضع المائي)، وقد وصل إجمالي المساحات المزروعة عام 2002 إلى نحو 1332.8 ألف هكتار، بعد أن كانت عام 1982 نحو 555.1 ألف هكتار، حيث ارتفعت المساحات المروية بالمياه الجوفية من 259.5 ألف هكتار إلى 817.3 ألف هكتار، في حين ارتفعت المساحات المزروعة والمروية بمصادر مياه سطحية من 295.6 ألف هكتار إلى 515.5 ألف هكتار.

وعليه- بحسب المهندس الزين، فقد وصلت نسبة المساحات المروية بالآبار 61.3 بالمئة من إجمالي المساحات المزروعة عام 2002، بعد أن كانت النسبة لا تتجاوز 46.7 بالمئة عام 1982، فيما نسبة المياه الجوفية المتجددة لم تكن تزيد وفق أعلى التقديرات عن 33.6 بالمئة من إجمالي الموارد المائية الكلية المتاحة، وهذا يدل بوضوح على الخلل بالتخطيط والضغط المتزايد على المياه الجوفية.

أحواض ضحلة ومحدودة

وعن واقع أحواض المياه الجوفية في سوريا يقول المهندس الزين: إنها ضحلة ومحدودة ومستنزفة منذ عقود في العديد من المناطق (السلمية، القلمون، الباب، منبج، السويداء، ..)، ليس فقط بسبب الضخ الجائر، وإنما بسبب ضعف التغذية الناجم عن موجات الجفاف المتكررة، الأمر الذي أدى إلى تعاظم الخلل في الميزان المائي الجوفي بين الموارد والاحتياجات عاماً بعد عام، يأتي هذا في وقت كانت قد تنبهت فيه الحكومات السابقة ومنذ العام 1959 بخطورة استنزاف الأحواض المائية الجوفية وأصدرت العديد من القرارات التي تحضر حفر الآبار نهائياً في عدة مناطق وشددت العقوبات على المخالفين، ورغم أن هذا ساهم في الحد نسبياً من حفر آبار مرخصة.

إلا أن الحفر العشوائي للآبار بقي مستمراً وبقي الضخ الجائر وساهم تفتت الحيازات الزراعية واستغلال البعض لظروف البلاد خلال سنوات الثورة بزيادة معدلات الحفر، فقد تبين في آخر إحصاء عام 2021 وجود 57 ألف بئر في محافظة ريف دمشق لوحدها، وهذا ولد مخاوف من الإفراط بالضخ دون ضوابط وعدم الالتزام بالمقنن المائي المسموح للآبار المرخصة، وذلك في ظل ضعف إمكانيات المتابعة وصعوبة الرصد وغياب تجهيزات القياس، كما ولد مخاوف من اتساع ظاهرة تداول المياه الجوفية كسلعة في بعض المناطق على حد قول المهندس زين.

ويتابع: إن هذا الوضع الحرج للمياه الجوفية في سوريا وصلنا إليه نتيجة الاستخدام الكثيف للمياه دون تقدير خطورة ذلك على الوضع الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، وانعكاس ذلك على الأجيال القادمة، داعياً إلى ضرورة تشكل وعي لدى جميع المواطنين (فلاحين، باحثين، مخططين،..) بأهمية المياه الجوفية وامتلاك القدرة على الإدارة الناجحة لها، والتكيف مع المخزن المتجدد واستثمارها بالشكل الأمثل بما يضمن توفرها بشكل مستدام.

آخر الأخبار
الملكية الأردنية تستأنف رحلاتها إلى مطار حلب وقريبا إلى دمشق عندما يكون المشي في الشارع إجبارياً.. أرصفة دمشق للإشغالات وليست للمشاة ارتفاع أجور رسوم التأمين البحري.. العش لـ"الثورة": الأزمات تتحول لفرص مساعدات أوروبية للاجئين في تركيا بقيمة 20 مليون يورو إدارة زمنية لصرف الرواتب.. ماذا ينتظر الموظفون والمتقاعدون؟ الدراما والدم.. حدود الوجدان السوري في تمثيل العنف التسوّق الالكتروني.. آفاق نحو اقتصاد رقمي مواطنون لـ"الثورة": الزيادة تعكس رؤية حكومية بتحقيق الرفاهية والعدالة الاجتماعية سوريا ترحب بالعقوبات الأوروبية على قادة النظام السابق وتؤكد التزامها بمحاسبة الجناة لبنان يجدد إدانته للتفجيرالإرهابي في دمشق.. جريمة بحقّ سوريا ووحدتها أوساط أوروبية: مساندة سوريا تدعم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم التسويق الالكتروني مجال عمل يحتاج إلى تدريب فرصة للشباب هل يستغلونها ؟ "إذاعات الدول العربية" يعلن تفعيل نشاطه في سوريا سوريا تتضامن مع قطر بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد تهدد الأمن والسلامة.. محافظة حمص تنظم عمل الدراجات النارية الاستشاري تيشوري لـ"الثورة": الزيادة تساهم في مكافحة الفساد وتطوير الخدمات خبراء اقتصاد من اللاذقية: مفاعيل إيجابية لزيادة الرواتب على الحالة المعيشية وزير التربية يتفقد سيرالامتحانات في السويداء أصدقاء الطفولة أصدقاء الطفولة