الثورة:
في غابة بعيدة، كانت تعيش زرافة طيّبة اسمها زُرقة.
كانت زُرقة تعمل بجد كل يوم، تزرع الخضراوات والفواكه وتبيعها في سوق الغابة، رغم كبر سنها وضعفها، كانت دائماً تبتسم لكل من يمر قربها وتقول: من يريد خضاراً طازجة ولذيذة بأسعار مناسبة.. لكن لم يكن أحد يلتفت إليها هذا اليوم، فالكل كان مشغولاً بحفل المغني المشهور “نمور”.
جاء الغزال الصغير يركض وهو يضحك، وقال لها بسخرية: من سيشتري منكِ اليوم يا زُرقة؟ الجميع سيذهب لحفل نمور المشهور! لقد اشتريتُ التذكرة بنفسي!، حزنتْ زُرقة وقالت بهدوء: لكن يا صغيري، أحتاج أن أبيع هذه الخضار لأشتري دوائي، فأنا لا أملك شيئاً غير هذا العمل.
ضحك الغزال ولم يهتم، وركض مسرعاً للحفل.
في ساحة الغابة الكبيرة، كان الجميع يصفق لنمور الذي وقف على المسرح يغني ويرقص، حتى الفيل فلفول والقرد قفزا فرحَين، وأرادا التقاط الصور معه.
أما زُرقة فجلست وحدها حزينة، تنظر إلى بضاعتها التي لم تبع منها شيئاً، اقترب منها الببغاء والأرنب، وقالا بلطف: لا تحزني يا زُرقة، لولاك لما عرفنا طعم الخضار الطازجة، أنت طيبة ومجتهدة.
وفجأة، أثناء الحفل، حدث شيء مخيف! إذ اشتعلت النار في المسرح بسبب إطلاق النار في الهواء، وبسبب الأضواء القوية والشرارات، وانتشرت ألسنة اللهب بسرعة، وبدأ المسرح ينهار!.
ركضت الحيوانات في كل اتجاه تصرخ وتبكي، لم يعرف أحد ماذا يفعل، حتى جاء صوت زُرقة تنادي: تعالوا إلى هنا! بسرعة! قادتهم زُرقة إلى طريق خلفي آمن تعرفه من أيام صغرها، بعيداً عن النار، وساعدت الفيل والسلحفاة في الهروب من الخطر.. ودعتهم جميعاً لنقل الماء من البئر القريب لإطفاء النار، فتعاونوا جميعاً وأطفؤوا النيران، وبفضل زُرقة نجا الجميع.
وبعدما هدأت النار، اجتمعوا حولها وقال نمور، وهو يشعر بالخجل: سامحيني يا زُرقة، كنت مشغولاً بالحفل، ونسيت أن الخير الحقيقي في قلوب الطيبين مثلك! ضحكت زُرقة وقالت: لا بأس، أهم شيء أنكم جميعاً بخير.
ومنذ ذلك اليوم، صار الجميع يحب زُرقة ويحترمها، وصارت تبيع خضرتها وفاكهتها بسرعة كل صباح.