ما تحتاج إليه حلب لتعود قلباً اقتصادياً

الثورة _ ميساء العلي:

“كلما رحبت بنا الروض قلنا حلب قصدنا وأنت السبيل”، أن نبدأ بالشعر ونحن نكتب عن حلب العاصمة الاقتصادية لسوريا الجديدة، ما هو إلا اعتراف بتلك المدينة التي جمعت الشعر، التجارة، الصناعة، فكانت منطلق الصناعة السورية للعالم.

اليوم وبعد التحرير تستحق حلب أن تعود إلى مكانتها وسمعتها التي وصلت لكافة أنحاء العالم، فالصناعة الحلبية تراها في كل مكان.

وعودة حلب كعاصمة اقتصادية لسوريا تتطلب مجموعة من الإجراءات والاستراتيجيات التي تعالج التحديات الناتجة عن سنوات الإهمال والدمار خلال الحرب.

يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب الدكتور حسن حزوري أن هناك بعض الخطوات الأساسية لتحقيق ذلك منها إعادة الإعمار والبنية التحتية من خلال ترميم البنية التحتية المدمرة (طرق، جسور، شبكات كهرباء ومياه، اتصالات)، إضافة إلى إعادة تأهيل المنشآت الصناعية والتجارية الرئيسية، وتطوير الموانئ الجوية والبرية لتعزيز الحركة التجارية.

والخطوة الأخرى تتمثل بدعم القطاع الصناعي والتجاري من خلال إحياء الصناعات التقليدية في حلب (النسيج، الأغذية، الصناعات الكيماوية).

إضافة إلى جذب استثمارات محلية وأجنبية عبر حوافز ضريبية وتسهيلات ائتمانية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتحفيز الاقتصاد المحلي.

أما الخطوة التالية، فتكون من خلال تحسين البيئة الاستثمارية وذلك من خلال إصلاح النظام القانوني والبيروقراطي ليكون أكثر شفافية وسهولة، ومكافحة الفساد وتبسيط إجراءات التراخيص التجارية والصناعية، إضافة إلى تأمين الاستقرار الأمني والقانوني لجذب المستثمرين. في حين يرى حزوري أن تعزيز التجارة الداخلية والخارجية هي خطوة مهمة وذلك من خلال إعادة فتح الطرق التجارية مع المحافظات الأخرى والبلدان المجاورة (تركيا، العراق)، وتطوير المناطق الحرة والموانئ الجافة لتعزيز التبادل التجاري إضافة إلى دعم التكامل الاقتصادي مع مناطق سوريا الأخرى.

ولا يهمل حزوري أهمية تنمية الموارد البشرية من خلال إعادة تأهيل الكوادر العاملة عبر التدريب المهني والتعليم التقني و تشجيع العقول المهاجرة (الكفاءات السورية) على العودة عبر برامج حكومية ودعم مالي.

ويتطرق إلى دور المجتمع الدولي والمنظمات في عودة حلب عاصمة الاقتصاد السوري من خلال التعاون مع المنظمات الدولية (مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي)، لتمويل مشاريع إعادة الإعمار، وجذب مساعدات تنموية من دول صديقة لإنعاش الاقتصاد.

ومن الخطوات الأخرى الاستفادة من موقع حلب الجغرافي، ويذهب إلى أهمية الحوكمة المحلية الفعالة من خلال تعزيز اللامركزية الإدارية، لتمكين المحافظة من إدارة مواردها بشكل أفضل وإشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني في صنع القرار الاقتصادي.

كما قرأنا من كلام الدكتور حزوري، فإن عودة حلب كقلب اقتصادي لسوريا تحتاج إلى إرادة حقيقية واستثمارات ضخمة، وإصلاحات هيكلية بالإضافة إلى استقرار أمني ودولي يدعم عملية إعادة الإعمار.

تعديل القوانين والتشريعات

ويتابع حزوري أنه لتحقيق عودة حلب كعاصمة اقتصادية لسوريا، يجب إصدار وتعديل مجموعة من القوانين والتشريعات التي تحفز الاستثمارو تعزز الإنتاجية، وتضمن الشفافية.

ويفند حزوري أهم الإجراءات التشريعية المطلوبة، منها قوانين تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، من خلال إصدار قانون استثمار جديد يقدم إعفاءات ضريبية وتسهيل تملك الأجانب للعقارات والأراضي الصناعية في المناطق الاستثمارية. ويتابع: إضافة إلى ضمانات قانونية ضد المصادرة أو التجميد، وحماية حقوق المستثمرين في المنازعات، وإقامة مناطق اقتصادية حرة بامتيازات جمركية وضريبية.

ويذهب إلى أهمية إصدار قوانين إعادة الاعمار والتمويل من خلال إنشاء صندوق خاص لإعمار حلب بتمويل حكومي ودولي، مع إشراف دولي لضمان الشفافية و إصدار سندات إعمار (سندات حلب) لجذب استثمارات المغتربين السوريين والأجانب، إضافة إلى إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) لتسهيل المشاركة في إعادة البناء.

ناهيك بقوانين لدعم الصناعة والتجارة يتم من خلالها إعفاء المواد الخام والآلات الصناعية من الرسوم الجمركية، وتخفيض ضريبة الدخل للشركات الصناعية التي تعيد تشغيل مصانعها في حلب، إضافة إلى إصدار قانون حماية المنتج المحلي بفرض رسوم إغراق على الواردات المنافسة للصناعة الحلبية، مع إعادة تنظيم غرفة صناعة حلب لتمثيل القطاع الخاص بشكل فعال.

ويتابع كلامه ليؤكد على أهمية إصدار قوانين مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية من خلال إقرار قانون النزاهة والشفافية الذي يفرض الكشف عن عقود الدولة والمشتريات الحكومية، وإنشاء محكمة اقتصادية خاصة في حلب للنظر في قضايا الفساد المالي والاستثماري مع تفعيل قانون حماية المبلغين عن الفساد(Whistleblower Protection).

ويرى أهمية أن يكون هناك قوانين للعمل والتدريب المهني من خلال إصدار قانون يحفز تشغيل الشباب عبر إعانات حكومية للشركات التي توظف خريجين جدد وإصلاح قانون العمل ليكون أكثر مرونة، ويسمح بعقود تدريب وتأهيل مهني إضافة إلى إنشاء معاهد فنية متخصصة بدعم حكومي وشراكة مع القطاع الخاص، ناهيك عن قوانين التسهيلات التجارية واللوجستية، كإقرار قانون الموانئ الجافة في حلب لتسهيل التبادل التجاري مع تركيا والعراق وإصلاح النظام الجمركي بتبسيط الإجراءات وإلكترونية المعاملات مع إعفاء الصادرات الحلبية من بعض الرسوم لتعزيز القدرة التنافسية.
ويتطرق استاذ الاقتصاد في جامعة حلب إلى قوانين اللامركزية الإدارية والمالية من خلال منح حلب صلاحيات أوسع في إدارة مواردها المالية (مثل نسبة من الضرائب المحصلة)، وإنشاء مجلس تنمية اقتصادية محلي يضم ممثلين عن الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، إضافة إلى قوانين حماية الملكية الفكرية والعقود وتعزيز حماية الملكية الصناعية والتجارية لاجتذاب الشركات العالمية، إضافة إلى تسريع التقاضي في النزاعات التجارية عبر محاكم اقتصادية متخصصة.
وهذا يوصلنا إلى أن حلب تحتاج إلى حزمة تشريعات متكاملة تخلق بيئة جاذبة للاستثمار، تحارب الفساد، وتضمن إشراك القطاع الخاص في عملية إعادة الإعمار، ويجب أن تكون هذه القوانين واضحة، عادلة، ومستقرة لضمان ثقة المستثمرين، مع وجود آليات رقابة فعالة لمنع سوء الاستخدام فبدون إصلاحات تشريعية جذرية، ستظل الجهود المبذولة لإعادة حلب كعاصمة اقتصادية غير كافية أو بطيئة.

إرادة

وبحسب حزوري، فإنه لتحقيق عودة حلب كعاصمة اقتصادية لسوريا، يتطلب الأمر إرادة حقيقية من الحكومة، بالإضافة إلى خطط عملية ومتابعة تنفيذية صارمة. ويقترح حزوري خطة أسماها رقم 1 لتنفيذ عدد من الإجراءات المطلوبة من الحكومة منها الإصلاح الإداري والشفافية، وذلك من خلال تطهير المؤسسات الحكومية من الفساد عبر لجان رقابة مستقلة وملاحقة قضائية للمتورطين والتبسيط بتقليل الإجراءات الروتينية المعيقة (مثل تراخيص الأعمال والاستثمار)، إضافة إلى إطلاق منصة الكترونية موحدة لجميع المعاملات الحكومية (تراخيص، ضرائب، جمارك)، لتقليل التعامل المباشر والرشوة ناهيك عن توفير التمويل والميزانيات من خلال تخصيص ميزانية خاصة لإعمار حلب ضمن الموازنة العامة، مع أولوية للبنية التحتية والقطاع الصناعي وجذب تمويل دولي عبر التفاوض مع المنظمات الدولية مثل (البنك الدولي، الأمم المتحدة) بضمانات شفافية مع تشجيع القطاع المصرفي على تقديم قروض بفائدة منخفضة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في حلب، وتحفيز الاستثمار من خلال إطلاق حملة ترويجية دولية لعرض فرص الاستثمار في حلب (مؤتمرات استثمارية، إعفاءات ضريبية، ضمانات قانونية)، وتسهيل إجراءات استيراد الآلات والمعدات اللازمة لإعادة الإعمار بإلغاء الرسوم الجمركية مؤقتا، إضافة إلى تخصيص أراضي صناعية مدعومة للمستثمرين الراغبين في إعادة إحياء المصانع المدمرة، ناهيك عن إعادة تأهيل البنية التحتية من خلال إعطاء أولوية قصوى لإصلاح الطرق و الكهرباء والمياه عبر عقود سريعة مع شركات ذات كفاءة مع إعادة تأهيل مطار حلب الدولي وربطه بخطوط طيران تجارية وجوية شحن لتعزيز التجارة وإصلاح شبكة السكك الحديدية لربط حلب بالموانئ السورية (اللاذقية، طرطوس)، والحدود التركية إضافة إلى إعفاء المنتجات الحلبية من بعض الضرائب لتصبح أكثر تنافسية في الأسواق المحلية والخارجية.

آخر الأخبار
تصريحات المعنيين .. ورواتب السوريين! تعافي حلب الاقتصادي يتسارع.. تعاون جديد بين غرفة التجارة وولاية مرعش الشيباني يبحث مع مبعوثة المملكة المتحدة تعزيز العمل المشترك دعم لليرة ... " المركزي" يلزم المصارف بإعادة مبالغ التأمين بالليرة السورية انحباس الأمطار يحرم فلاحي حلب من استثمار أراضيهم الجفاف يضرب سوريا .. نداء وطني لإنقاذ الزراعة والأمن الغذائي حملة  للتبرع ب 100 وحدة  دم أسبوعياً في حمص   "دقة الموجات فوق الصوتية في الحمل" بحلب  وحضور طبي كبير الهندسة الاجتماعية .. فن اختراق العقول بدل الأجهزة " نقل " حلب تعود بعد تأهيلها وشروط محددة  لمنح تراخيص العمل  تجربة يعيشونها لأول مرة ..  رابطة الجالية السورية في فرنسا تنتخب مجلس إدارتها مجمع قمامة الإدعشرية شرقي دمشق من دون بديل ووعود منذ ٣٠ عاماً باحثة روسية لـ"الثورة": موسكو تسعى لتعزيز علاقتها مع دمشق للحفاظ على نفوذها في المنطقة برنامج الأغذية العالمي يتفقد الأضرار في بصر الحرير بدرعا يشكون "التهميش الصامت ".. طلاب البكالوريا المهنية-المعلوماتية : الامتحان غامض والكادر غائب رفع التلوث من أمام مستشفى درعا الوطني النظام الضريبي الفعال في ظل الدور الجديد للدولة خبراء لـ " الثورة": الضرائب تحوّلت إلى أتاوات وأبوا... مذكرة تفاهم سورية تركية للتعاون في النقل البري الدولي  خطط إسعافية لمواجهة تراجع تخزين سدود طرطوس "العفو الدولية" تحذر من النقص الحاد في الدعم الصحي والقانوني للناجين من التعذيب في سوريا