الثورة – أحمد صلال- باريس
على الرغم من الأداء المذهل للممثلة الرئيسة، نسرين الراضي، إلا أن فيلم نبيل عيوش الجديد لم يحقق النجاح المطلوب بسبب السيناريو التقليدي للغاية والذي يفتقر إلى الإيقاع.
تحلم تودا أن تصبح مغنية/ شيخة باللهجة العامية المغربية، فنانة مغربية تقليدية تُغني، بلا خجل أو رقابة، نصوصاً عن المقاومة والحب والتحرر، تتوارثها الأجيال، تُحيي كل ليلة في حانات بلدتها الريفية الصغيرة تحت أنظار الرجال، وتتمسك بالأمل في مستقبل أفضل لها ولابنها، بعد أن تعرضت للإساءة والإذلال، قررت ترك كل شيء وراءها من أجل أضواء الدار البيضاء الساطعة.
في عام 2022، قدم نبيل عيوش فيلماً كثيفاً وملوناً على الكروازيت/ التكرار، بصوت عالٍ وقوي، إذ لعبت الموسيقا دوراً محورياً من خلال مجموعة من الشباب المغاربة الذين ينغمسون في موسيقا الراب، مرة أخرى، تتم دعوة الموسيقا مع هذا الفيلم الروائي الطويل الجديد، في جلد مؤدية شابة للعيطة، وهي أغان تقليدية باللغة البربرية، وأشياء للسلطة، ولكن أيضاً لنقل التقاليد.
تشعر تودا بالملل في القرية الجبلية التي تعيش فيها، وتحلم بالمجد، وقبل كل شيء تدرك أن أنشطتها كمغنية تولد مواقفاً غير مقبولة على الإطلاق من الرجال، علاوة على ذلك، يظهرها التسلسل الأول على هضبة جبلية، في وسط الغابات.
فيلم “الجميع يحب تودا” يحمل سمات حكايات بلزاك، بطموحات راقصة شابة تذهب إلى العاصمة لتحقيق النجاح، في رحلة مليئة بخيبة الأمل والألم.
ما يضفي على الفيلم تشويقاً حقيقياً هو مشاهد الرقص والغناء، تُظهر الممثلة إيقاعاً ورشاقة في حركاتها، ما يجعلك تظن أنها كانت تغني وترقص طوال حياتها، لكن التشويق يتوقف عند هذا الحد، إذ يضيع الخيال في سرد كلاسيكي للغاية.
الاستعارات المستخدمة لصعود وهبوط الشابة، مثل المصعد، مُلحّة للغاية وتُفقد السرد جاذبيته بسبب الرمزية المفرطة والتعقيدات السردية، حتى طفل البطلة مُعوق، مما يُضيف إلى الفيلم الميلودراما.
نحن بعيدون كل البعد عن إيقاع وشغف ونضال فيلم “هوت إيه فور”، يبدو الفيلم الروائي وكأنه مُخيط بخيط أبيض في قصة رومانسية للغاية لدرجة يصعب معها الصدق.
إن نية المخرج تجاه مكانة مغنيي عيطة مُبهمة بسبب وفرة من المشاعر الطيبة المانوية، لا يزال يتعين علينا الإشادة بجمال صور المغرب، باستثناء الدار البيضاء التي تحوّلت إلى فوضى صاخبة حيث يُثري مُلاك الأحياء الفقيرة أنفسهم ويستغل أصحاب الحانات موظفيهم. على أي حال، إنه فيلم يستحق المشاهدة في النهاية لموسيقاه، جميع مشاهد الرقص والأغاني الشعبية أو التقليدية ناجحة للغاية، مما يدل على موهبة نبيل عيوش التي لا تُنكر في إخراج الصور ومعالجتها.
النهاية أيضاً تترك المرء جائعاً، كمذاق مر لنصٍّ لم يُكتب جيداً، أو كُتب بإفراط على غرار روايات القرن التاسع عشر في فرنسا.. أتيحت لنبيل عيوش، من خلال هذه الصورة الزاهية، فرصة الشهادة على ضرورة الحفاظ على تراث الأغاني التقليدية في المغرب، بدلاً من مجرد اتباع طريق المجد، المحفوف مسبقاً بالإخفاقات.
انتزع فيلم “الجميع يحب تودا” للمخرج نبيل عيوش جائزتين ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية، التي يتم منحها على هامش دورة 78 من مهرجان “كان” السينمائي، بفرنسا، وقد حصد الفيلم جائزة أفضل سيناريو، التي عادت لكل من نبيل عيوش وزوجته السيناريست والمخرجة مريم التوزاني، وجائزة أفضل ممثلة التي نالتها نسرين الراضي، وشارك في مسابقة الأوسكار، كما توج الفيلم “الجميع يحب تودا” للمخرج نبيل عيوش بالجائزة الكبرى في مسابقة الأفلام الروائيّة في مهرجان فالنسيان السينمائي، كما ظفر الفيلم المغربي الطويل في نفس المهرجان بجائزة أفضل ممثلة لنسرين الراضي.