الثورة – عبد الحليم سعود:
من المتعارف عليه أن حصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الرسمية من جيش وطني وقوى أمنية، له أهمية كبيرة في الحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلي والسلم الأهلي، الأمر الذي يسهم في تحقيق فوائد عديدة، من أهمها منع انتشار العنف والفوضى، وتعزيز سلطة الدولة وسيادة القانون، وخفض معدلات الجريمة، وضمان عدم استخدام السلاح من قبل جهات غير مسؤولة أو غير منظمة.
واليوم في ظل المرحلة الانتقالية التي تعيشها سوريا، فإن حصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها، هو مطلب شعبي بالدرجة الأولى، قبل أن يكون حاجة ماسة للدولة من أجل الدفاع عن نفسها وشعبها والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها وبسط سلطاتها وتعزيز نفوذها وسيادة قوانينها على كامل ترابها الوطني، وهذا الأمر من بديهيات قيام الدول الحديثة، كما أنه ضرورة وطنية في الحالة السورية، نتيجة لوجود فصائل مسلحة خارجة عن القانون، وأخرى لها طموحات انفصالية، بالإضافة إلى أفراد وجماعات لها أجندات خاصة لا تتفق ومفهوم الدولة.
وما يزيد الحاجة إلى حصرية امتلاك السلاح بيد الدولة، هو ما جرى من أحداث مؤسفة في آذار الماضي في الساحل السوري، بسبب ما ارتكبته فلول النظام البائد من جرائم وانتهاكات ضد المدنيين الأبرياء وقوات الأمن العام، بالإضافة إلى ما جرى مؤخراً في محافظة السويداء من قبل جماعات مأجورة خارجة على القانون، كما أن بقاء السلاح بيد تنظيم قسد في الجزيرة السورية مع وجود طموحات انفصالية وتقسيمية لديه وعدم التزامه بتنفيذ اتفاق آذار الماضي وانصهاره ضمن مؤسسات الدولة السورية، كل ذلك يهدد كيان الدولة ويحول دون استقرارها ووحدة ترابها.
اليوم وفي ظل وجود السلاح المنفلت في أكثر من مكان، تخرج العديد من الأصوات التي تتحدث عن تقصير حكومي في هذا المجال، من أجل حرف الأنظار عن الأخطار الحقيقية التي تهدد وحدة سوريا وسلامة أراضيها، والتقليل من شأن الجهود الحثيثة التي تبذل من قبل الدولة السورية وبعض أشقائها وأصدقائها لتحسين ظروف الحياة الاقتصادية والسياسية والأمنية في البلاد، تمهيداً لإعادة إعمار ما هدمته الحرب وعودة اللاجئين.
إن معركة حصر السلاح بيد الدولة هي معركة ملحّة، من أجل استكمال بناء الدولة وترسيخ الأمن والاستقرار وتعزيز الثقة بالمؤسسات والقانون، ورغم أنها ليست بالمعركة البسيطة أو السهلة، إلا أن الانتصار فيها ممكن فيما لو تضافرت جهود الجميع حول هذا الهدف، وتمسّك السوريون على اختلاف انتماءاتهم بفرضية أن الدولة هي الضامن الأساسي لمصالح الجميع، وهي الحضن الذي يؤمن الحماية والرعاية لهم.
لقد أكدت الدولة اهتمامها الكبير بهذا الموضوع، والتزامها الراسخ به وجاء ذلك على لسان رئيس الجمهورية أحمد الشرع الذي أكد في أكثر من مناسبة أن “الأولوية لضبط السلاح وحصره بيد الدولة”، معبراً عن قناعته بأن الجميع يؤكد على وحدة سوريا ويرفض انقسام أو انفصال أي جزء منها.