الثورة – ميساء العلي:
قال الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي: ضمن أدوات التحفيز الاقتصادي برزت ملامح النظام الضريبي الجديد الذي يتميز بنسب منخفضة ومُبسّطة، ويهدف إلى تقليل الأعباء على المستثمرين والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتحسين التوقعات المالية للأعمال المنتجة.
خطوة استراتيجية
وأضاف قوشجي في حديث خاص لـ”الثورة”: إنه بالتوازي، جاء قرار تخفيض أسعار الطاقة بنسبة 14 بالمئة للفيول، وقرابة 23 بالمئة للغاز الطبيعي، كخطوة استراتيجية لإعادة ضبط تكاليف التشغيل في القطاعات الصناعية والخدمية. وبين أن هذه التخفيضات تمنح الصناعيين قدرة أعلى على التحكم بالهياكل السعرية لمنتجاتهم، وتحسين جودة الإنتاج، مما يعزز القدرة التنافسية مقارنةً بالسلع المستوردة.وبحسب الخبير الاقتصادي فإن سياسات خفض تكاليف الطاقة، وإعادة هيكلة النظام الضريبي تمثل ترجمة عملية لفلسفة دعم الإنتاج المحلي، إذ يتاح للمصانع تحسين كفاءة التشغيل، خفض أسعار البيع، وزيادة الجودة، وهذا المسار يدعم هدف الحكومة في تعزيز تموضع المنتج الوطني داخل الأسواق المحلية والإقليمية، والحد من الاعتماد على الواردات.
وأضاف قوشجي: إن هذه الخطوات تُعد بدايةً لرؤية أوسع تركز على خلق بيئة صناعية محفزة تتسم بالاستقرار المالي والتشغيلي، وتحفّز على الابتكار، والتنويع الإنتاجي.ورأى أن القطاع الخاص هو المحرك الاستراتيجي للتنمية التنافسية فمع تهيئة الأرضية السياساتية تنتقل المسؤولية نحو القطاع الخاص الذي يُفترض به أن يعيد صياغة نماذجه التشغيلية، ويطور بنيته الإدارية والمالية وفق معايير الإدارة الرشيدة التي تعتمدها الشركات العالمية، ويشمل تحديث أنظمة الجودة والإنتاج والتسويق واعتماد تكنولوجيا حديثة للإنتاج والمعالجة، بالإضافة إلى تحسين نظم الحوكمة والشفافية الداخلية. مثل هذه التحولات- بحسب قوشجي- تضمن التكامل المنشود بين السياسات الحكومية وفعالية القطاع الخاص في قيادة النمو الصناعي المستدام.
أثر متوقع
أما عن الأثر المتوقع بين التنافسية والاستدامة، يفيد قوشجي أن المؤشرات الأولية تُظهر أن تخفيض أسعار الطاقة وانخفاض الأعباء الضريبية بدأ ينعكس إيجابياً على بعض القطاعات، عبر انخفاض كلفة الوحدة الإنتاجية وزيادة نسب التشغيل للمصانع المتوقفة جزئياً وفي المدى المتوسط، من المتوقع أن تنعكس هذه السياسات بشكل إيجابي على مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الحيوية، فمن المتوقع أن يسجل الناتج الصناعي نمواً يُقدّر بنحو 6 بالمئة خلال العام الأول من تطبيق هذه السياسات، مدفوعاً بانخفاض تكاليف الطاقة وتحفيز الإنتاج المحلي.
في ذات السياق، يُرجّح أن ترتفع الاستثمارات المحلية بنسبة تتراوح بين 20 إلى 25 بالمئة، نتيجة لتحسين بيئة الأعمال وتخفيف الأعباء الضريبية. أما على مستوى سوق العمل، فيُنتظر أن تسهم هذه الإجراءات في تخفيض معدلات البطالة داخل القطاعات الصناعية الحيوية بفعل زيادة معدلات التشغيل، كما يُتوقع أن تشهد نسبة الواردات انخفاضاً تدريجياً يتراوح بين 10 إلى 15بالمئة، مع زيادة اعتماد السوق على المنتجات الوطنية وتحسن جودتها.
هذه الاتجاهات تستند إلى مقاربات مقارنة مع دول خرجت من أزمات مشابهة، ما يعزز التوقعات بفعالية هذه الإصلاحات في تعزيز التنافسية الاقتصادية وتحقيق الاستدامة الإنتاجية، على حد قول الخبير الاقتصادي.ومع تخفيض سعر الفيول بنسبة 14 بالمئة، والغاز بنسبة 23 بالمئة، يتوقع قوشجي أن ينعكس هذا على السلع التي تعتمد على الطاقة بشكل مباشر مثل المنتجات الغذائية المصنعة، ويتوقع انخفاض الأسعار بنسبة تتراوح بين 8 بالمئة إلى 10بالمئة، إضافة إلى السلع البلاستيكية والبتروكيماوية التي من الممكن أن يكون انخفاضها يتراوح بين 10 إلى 15 بالمئة، ناهيك عن مواد البناء المنتجة محلياً (مثل الإسمنت والطوب) يتوقع أن يكون الانخفاض بحدود 8 بالمئة إذا ما ارتبط التخفيض بثبات تكاليف النقل.
إن نجاح هذه السياسات مرهون باستمرارية التوجه الحكومي في تبني الإصلاحات الاقتصادية، وقدرة القطاع الخاص على التكيف والابتكار.. فإذا ما تحققت الشراكة التنموية بين الطرفين، فإن سوريا تمتلك فرصاً واعدة لبناء نموذج اقتصادي جديد يستثمر مواردها بكفاءة، ويضع الصناعة المحلية في منافسة حقيقية داخل الأسواق العالمية.