الثورة :
اعتبر المحلل التركي مصطفى أوزجان، أن زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى دمشق قبل أيام تمثل محطة مهمة في ظل ما تشهده سوريا من تداخلات وتحركات في الشمال والجنوب، وتحمل أجندات تهدف إلى تقسيم البلاد أو إقامة كيانات مستقلة، وعلى رأسها مساعي بعض الأطراف الكردية في شمال شرقي سوريا لإقامة حكم ذاتي.
وأوضح أوزجان في تصريح لصحيفة “الثورة”، أن الحكومة السورية ترفض بشكل قاطع أي صيغة حكم ذاتي للأكراد أو غيرهم، لما يحمله ذلك من مخاطر على وحدة البلاد، مشيراً إلى أن أنقرة تشاطر دمشق هذا الموقف، خشية أن يشكل شمال شرقي سوريا نموذجاً مشابهاً داخل تركيا نفسها، وهو ما قد ينعكس سلباً على أمنها القومي، خاصة في ظل تاريخ المواجهة الطويلة مع حزب العمال الكردستاني ومحاولات تفكيك الإرهاب في المنطقة.
وأشار المحلل التركي إلى أن تحركات حكمت الهجري في الجنوب للمطالبة بحكومة مدنية أو مستقلة بدعم من إسرائيل، قد تدفع الأكراد بدورهم للارتماء في الحضن الإسرائيلي، في إطار مساعٍ لإنشاء كيانات انفصالية بدعم غربي، بما يضعف سلطة دمشق ويعزز قدرة إسرائيل على فرض أجندتها.
واعتبر أن أنقرة ودمشق في خندق واحد لرفض هذه المشاريع، لما لها من آثار سلبية على مستقبل البلدين، لافتاً إلى أن تركيا تنظر بعين الاهتمام إلى شمال سوريا لما له من امتداد جغرافي واجتماعي مع مناطقها الجنوبية الشرقية ذات الغالبية الكردية، والتي شهدت مواجهات دامية مع السلطات التركية لسنوات.
وأضاف: إن المواقف الدولية بشأن سوريا ما زالت متذبذبة، ما يستدعي الحذر واستباق التطورات، مؤكداً أن زيارة فيدان ولقاءه الرئيس أحمد الشرع جاءت في سياق متابعة ملفات حساسة ذات اهتمام مشترك، في مقدمتها قضايا الأمن ووحدة الأراضي السورية.
وحول الحراك في جنوب البلاد، حذر أوزجان في حديثه لـ “الثورة” من مخاطره على مستقبل سوريا وتركيا، مبيناً أن فشل الحكومة في احتواء هذا الملف سيُعتبر إخفاقاً للسياسة التركية الداعمة لها، وهو ما يجعل أنقرة حريصة على إنجاح جهودها حتى اللحظة الأخيرة.
وكان الرئيس أحمد الشرع قد استقبل في دمشق الوزير هاكان فيدان بحضور وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني، حيث بحث الجانبان آخر المستجدات الإقليمية والدولية، وسبل تطوير التعاون الثنائي.
وعقب اللقاء، أكد فيدان دعم بلاده لتطلعات الشعب السوري وإرادته المشروعة، مشيراً إلى أن هذه زيارته الثالثة إلى دمشق خلال الأشهر التسعة التي تلت سقوط نظام الأسد البائد، وأنه لمس في كل مرة تقدماً ملحوظاً في مجالات متعددة.
وأوضح الوزير التركي أن المباحثات تناولت ملفات التجارة والاستثمار والنقل والطاقة، إلى جانب قضايا أمنية وتحديات تمس وحدة البلاد وسيادتها، مؤكداً أن أمام السوريين فرصة تاريخية لبناء مستقبل أفضل رغم الصعوبات، وداعياً إلى تحرك دولي جاد لوقف الاعتداءات الإسرائيلية التي تهدد استقرار سوريا والمنطقة.
كما شدد الجانبان على أن الحفاظ على وحدة الأراضي السورية يمثل أولوية قصوى لاستقرار الإقليم، وبحثا المخاوف الأمنية التركية في شمال شرق سوريا وسبل معالجتها.