الثورة – جهاد اصطيف:
أطلقت محافظة حلب مشروع “فرص العمل الخضراء” في قطاع قاضي عسكر، ضمن خطة شاملة تهدف إلى إعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير فرص عمل مباشرة لسكان المنطقة.
31 مليون دولار
المشروع، الذي بلغت ميزانيته التقديرية نحو 31 مليون دولار، يستهدف نحو 170 عاملاً من المهندسين والحرفيين والعمال العاديين، مسجلين جميعهم في التأمينات الاجتماعية، مع ضمان دخل مستقر، يوفر لهم حياة كريمة، في خطوة جديدة نحو إعادة الحياة إلى أحياء حلب المتضررة من سنوات النزاع.
وأكد محافظ حلب، المهندس عزام الغريب، وفق بيان المحافظة، أن المشروع يتميز بطابع متكامل، يجمع بين إعادة تأهيل البنية التحتية ومعالجة القضايا المجتمعية، مشيراً إلى أن اختيار منطقة قاضي عسكر جاء لكونها من أكثر المناطق تضرراً خلال السنوات الماضية، نتيجة الدمار الذي لحق بالشوارع والمرافق العامة، إضافة إلى الهجرة الداخلية الكبيرة التي شهدتها المحافظة خلال سنوات الأزمة.
مكملة لجهود المجلس
من جانبه، أكد رئيس مجلس مدينة حلب، محمد علي العزيز، أن هذه المبادرة تكمل جهود المجلس في إعادة الإعمار وتحسين الخدمات الأساسية، مشدداً على أن المشروع يفتح آفاقاً جديدة أمام الشباب والنساء للمشاركة الفاعلة في التنمية المحلية.
وأضاف: الشباب هم عماد هذه المرحلة، ونسعى لتزويدهم بالخبرة العملية والتدريب اللازم لدعم الاقتصاد المحلي، وكذلك تمكين النساء للمساهمة في بناء المجتمع، سواء من خلال العمل المباشر أو برامج التدريب والتوعية.
وتعتمد خطة المشروع على تنفيذ أنشطة متعددة تشمل، فرز الأنقاض وإعادة التدوير، تدريب العمال على استخدام المكابس، معالجة مشكلات الصرف الصحي، وإعادة تأهيل المساحات الخضراء، مع التركيز على تحويل هذه الأحياء إلى مناطق صديقة للبيئة وتحسين البنية التحتية بشكل مستدام.
نموذج للتعاون
يتم تنفيذ المشروع بالتعاون بين منظمة العمل الدولية، وحدة دعم الاستقرار، مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، وحملة “لعيونك يا حلب”، ما يعكس نموذجاً للتعاون بين السلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية والدولية، بهدف تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة.
يستهدف المشروع عدداً من الأحياء الأكثر تضرراً في حلب، مثل: الحلوانية، السكن الشبابي، الميسر، الجزماتي، قاطرجي، ضهرة عواد، صلاح الدين، والعامرية، هذه الأحياء شهدت خلال سنوات الأزمة تراجعاً كبيراً في مستوى الخدمات العامة وارتفاعاً في معدلات البطالة والفقر.
عدد من السكان عبّروا عن ارتياحهم. لافتين إلى أنهم انتظروا طويلاً مشاريع كهذه، فالمنطقة كانت تعيش حالة من الإهمال، والآن يشعرون بأن هناك أملاً حقيقياً في تحسين الشوارع، وتنظيف الأحياء، وإتاحة فرص عمل لأولادهم.
تعتبِر محافظة حلب أن مشروع ” فرص العمل الخضراء ” خطوة أولى نحو مبادرات أكبر مستقبلاً، مع التركيز على دمج العائدين والمهجرين في سوق العمل، بهدف إعادة إدماجهم تدريجياً في الحياة اليومية وتعزيز استقرار المجتمع المحلي.
كما يهدف المشروع إلى تعزيز الوعي البيئي من خلال إعادة تأهيل المساحات الخضراء وإدارة النفايات بشكل فعال، بما يساهم في تحسين جودة الحياة للسكان.
أبعاد اقتصادية واجتماعية
من الناحية الاقتصادية، يمثل المشروع دفعاً للاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ورفع مستوى مهارات القوى العاملة، وهو ما يساهم في تعزيز النشاط التجاري والخدماتي في الأحياء المستهدفة.
وبالنسبة للجانب الاجتماعي، فإن المشروع يسهم في تعزيز الانتماء المجتمعي والتعاون بين السكان، من خلال إشراكهم في عمليات إعادة التأهيل والتجميل، وبالتالي بناء شبكة من الروابط الاجتماعية التي تعتبر أساسية لإعادة الاستقرار بعد سنوات النزاع، ويمثل مشروع “فرص العمل الخضراء” نموذجاً متقدماً للمبادرات المحلية التي تدمج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في خطة واحدة، وحلب تسعى اليوم إلى استعادة دورها كمدينة نابضة بالحياة، تستوعب سكانها وتعيد لهم حقوقهم في بيئة نظيفة وآمنة، وفرص عمل كريمة ومستقبل أفضل.