الثورة:
أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، ممثلةً بمكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، يوم الأربعاء 24 أيلول/سبتمبر 2025، عن تعديل نهائي وشامل على اللوائح المنظمة للعقوبات المفروضة على سوريا.
وأوضحت الوزارة أن هذه الخطوة تأتي ضمن مراجعة شاملة للسياسة الأميركية بعد سقوط نظام بشار الأسد، بهدف تحديث أدوات المحاسبة القانونية بحق المتورطين في الجرائم والانتهاكات.
أبرز ما حمله التعديل الجديد هو تغيير الاسم الرسمي لهذه العقوبات من “لوائح العقوبات المتعلقة بسوريا” إلى “لوائح تعزيز المساءلة عن الأسد واستقرار المنطقة” (PAARSS)، وهو تغيير ترى واشنطن أنه يتجاوز البعد الرمزي ليعكس تركيزاً أوضح على استهداف نظام الأسد، وكل من يهدد الاستقرار في سوريا والمنطقة.
التعديل شمل تحديث الجزء رقم 569 من “قانون اللوائح الفيدرالية” (31 CFR Part 569) لتنفيذ أوامر رئاسية جديدة، أبرزها: الأمر التنفيذي رقم 14142 (15 كانون الثاني/يناير 2025) الذي يمنح وزارة الخزانة صلاحيات تجميد أصول كل من يثبت دعمه للنظام السابق، أو تورطه في التلاعب بالموارد الاقتصادية السورية.
كذلك الأمر التنفيذي رقم 14312 (30 حزيران/يونيو 2025) الذي وسّع قائمة المستهدفين لتشمل كل من يهدد الاستقرار الإقليمي، أو يشارك في تهريب الأموال، أو الأسلحة، أو النفط من وإلى سوريا.
كما شملت التعديلات تحديث آلية إدراج الأفراد والكيانات على “قائمة المواطنين المصنّفين بشكل خاص، والأشخاص المحظورين” (SDN List)، مع اعتماد رموز جديدة بجانب كل اسم توضح نوع العقوبة والأساس القانوني لها، مثل ([PAARSSR-EO13894]: للإدراج بموجب أمر تنفيذي صدر عام 2019 ضد من يساهم في العنف في سوريا، [HRIT-SY]: لانتهاكات حقوق الإنسان باستخدام التكنولوجيا لقمع الحريات، [SYRIA-CAESAR]: للعقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر لحماية المدنيين لعام 2019.
وأكد بيان وزارة الخزانة أن التعديلات لا تمثل تغييراً في الموقف السياسي للولايات المتحدة تجاه سوريا، بل تهدف إلى تعزيز فعالية العقوبات، وتوفير أدوات قانونية أدق لملاحقة الشبكات المالية، والاقتصادية المرتبطة ببقايا النظام السابق، حتى لو كانت تعمل من خارج سوريا، أو تحت أسماء وهمية.
يأتي هذا التطور فيما يواصل الرئيس السوري أحمد الشرع نشاطاً دبلوماسياً واسعاً في نيويورك، حيث التقى نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال حفل الاستقبال الرسمي الذي أقامه البيت الأبيض على هامش أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بحضور السيدة الأولى ميلانيا ترامب.
ويعد هذا اللقاء الثاني بين الشرع وترامب بعد اجتماعهما في الرياض في مايو/أيار الماضي، ما يعكس مستوى جديداً من الانفتاح في العلاقات السورية-الأميركية بعد سنوات طويلة من القطيعة، ويشير إلى رغبة دمشق في فتح صفحة مختلفة مع واشنطن والعالم.
يرى مراقبون أن تعديل العقوبات في هذا التوقيت يوجّه رسالة مزدوجة: الأولى أن واشنطن تريد الإبقاء على أدوات محاسبة قوية بحق مرتكبي الانتهاكات السابقة، والثانية أنها تفتح الباب أمام دمشق لإثبات التزامها بالإصلاحات والسياسات الجديدة كشرط لرفع العقوبات تدريجياً، ويُنظر إلى هذه التعديلات على أنها خطوة نحو مقاربة أكثر براغماتية للملف السوري في المرحلة الانتقالية.