الثورة – رسام محمد:
في الوقت الذي تركز فيه التقديرات الدولية على أرقام الدمار، يؤكد خبراء الاقتصاد أن بوصلة التعافي الحقيقية تتجه نحو الحقل والمصنع، معتبرين أن استعادة قوة القطاع الزراعي ليست مجرد أولوية اقتصادية، بل هي حجر الزاوية في معركة إعادة البناء.
وكشف الخبير الإقتصادي الدكتور عبد المنعم حلبي، في تصريح خاص لـ”الثورة” عن خارطة طريق واضحة للنهوض، أساسها الاعتماد على الذات، بدءاً من حبة القمح وصولاً إلى دعم الصناعات التحويلية، وهو السبيل الوحيد لتجاوز التحديات الراهنة وتأسيس اقتصاد وطني صلب ومستدام.
وأوضح أن الأرقام التي يتداولها البنك الدولي حول الخسائر تقتصر على جانب واحد من الكارثة، بينما يظل المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للبلاد يواجه تحديات جسيمة، وهذ الأرقام تمثل فقط التكاليف والقيمة المالية التاريخية لما تم تدميره نتيجة الحرب من بنى تحتية ومباني سكنية ومرافق عامة ومؤسسات خدمية.
وأكد أنها على ضخامتها، لا تشمل الخسائر غير المباشرة التي وصفها بأنها أكثر فداحة وتأثيراً، والمتمثلة في الاستنزاف البشري، والهدر الاقتصادي الهائل، وتعويضات ضحايا الحرب.
تكلفة “البنى الفوقية”
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن تكاليف ما يُعرف بـ”البنى الفوقية” المرتبطة بالمورد البشري كبيرة جداً وغير قابلة للقياس المالي بسهولة فالحالة السورية تميزت بـ”شتات مجتمعي غير مسبوق تاريخياً”، مما يجعل من الصعب تحديد حجم هذه الخسائر بمؤشرات قطعية.
وأضاف أنه بالمجمل يمكن تعديل الصورة بمكاسب مقابلة لهذه الخسائر عبر ما حققته الجاليات في الخارج فتحقيق النفع من هذه المكاسب مرهون بـإعادة الأواصر الاجتماعية ونقل الخبرات والمعارف، وهو ما يتطلب جهوداً حكومية ومجتمعية كبيرة وفعالة وزمناً ليس بالقصير.
عودة المحاصيل الحيوية
وفيما يتعلق بمستقبل عملية إعادة الإعمار، شدّد على أن النجاح الحقيقي لإطلاق مرحلة تأسيسية لإعادة الإعمار يكمن في الداخل والزراعة هي أساس أي نهوض اقتصادي واجتماعي في البلاد.
وشدد على ضرورة استعادة القدرات الاستراتيجية في محاصيل حيوية مثل الحبوب والقطن والزيتون والحمضيات، مع دعم المشاريع التحويلية الصغيرة والمتوسطة، والاهتمام بالشباب وتطوير التحول الرقمي كركائز أساسية لمستقبل سوريا كما أن التحدي الحقيقي يتمثل في عودة الاستثمارات الخاصة الوطنية، وتفعيل مؤسسات القطاع العام ذات الجدوى، وتوسيع نطاق الشراكة مع القطاع الخاص في ظل خطة إستراتيجية واضحة.
