الثورة – جهاد اصطيف:
يشهد حي الحيدرية في مدينة حلب انطلاقة واحدة من أهم المشروعات السكنية والتنموية التي طال انتظارها، عبر مشروع التطوير العقاري الذي أطلقه مجلس مدينة حلب مؤخراً، بهدف إعادة الحياة إلى المنطقة وتأمين مساكن حديثة للمهجرين والعائدين من أبناء الأحياء الشرقية التي تضررت جراء الحرب.
حي الحيدرية
يقع حي الحيدرية في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة حلب، ويعد من الأحياء التي شهدت توسعاً عمرانياً متزايداً قبل عام 2011، إذ كان يضم تجمعات سكنية متوسطة الكثافة، وعدداً من المدارس والخدمات المحلية، وخلال سنوات الحرب، تعرض الحي لأضرار جسيمة في أبنيته وبنيته التحتية نتيجة المعارك التي شهدتها المنطقة، ما أدى إلى نزوح أغلب سكانه وتحوله إلى منطقة شبه خالية.
ومع عودة الأمن والاستقرار إلى المدينة، أدرج الحي ضمن خطة إعادة الإعمار والتنظيم العمراني التي أعدتها محافظة حلب ومجلس المدينة، لما يتمتع به من موقع استراتيجي يربطه بمناطق الصاخور وطريق المطار، وليكون نموذجاً عمرانياً جديداً يعكس روح التعافي في المدينة.

تفاصيل المشروع
رئيس مجلس مدينة حلب، المهندس محمد علي العزيز، أوضح في تصريح له أن المشروع يأتي ضمن الجهود الحكومية الهادفة إلى إعادة تأهيل وتنظيم المناطق المتضررة، مؤكداً أن المجلس بدأ فعلياً بإطلاق مشروع التطوير العقاري في الحيدرية ليكون منطقة سكنية متكاملة الخدمات توفر بيئة عمرانية حديثة تليق بأهالي المدينة.
وبين العزيز أن المرحلة الأولى من المشروع بدأت بأعمال هدم الأبنية المتهالكة وإزالة الأنقاض، إذ تم التعاقد مع إحدى الشركات المختصة للقيام بهذه المهمة، مع تدوير المواد الناتجة عن الهدم للاستفادة منها في مشروعات أخرى ضمن المدينة، بما في ذلك أعمال البناء في البقعة ذاتها، وتقدر مدة هذه المرحلة ما بين شهر ونصف الشهر إلى الشهرين، تبعاً للظروف الجوية مع اقتراب فصل الشتاء.
أما المرحلة الثانية، والمتمثلة بأعمال البناء والإنشاء، فمن المقرر أن تبدأ مع مطلع العام الجديد، إذ يتوقع أن تستمر مدة تنفيذ المشروع بين عامين ونصف العام إلى ثلاثة أعوام، ليتم خلالها بناء ما لا يقل عن 2000 وحدة سكنية حديثة ضمن المخطط التنظيمي للمنطقة.
وأوضح رئيس المجلس أن دور مجلس مدينة حلب لا يقتصر على الإشراف الإداري فحسب، بل يشمل أيضاً المشاركة في إعداد المخططات الأساسية وتجهيز البنية التحتية من شبكات الطرق والصرف الصحي والمياه، إلى جانب متابعة التنفيذ وضمان جودة الأعمال ومطابقتها للمواصفات الفنية المعتمدة.
كما أشار إلى أن المجلس سيتولى تنظيم عملية توزيع الشقق السكنية عبر لجان فنية واجتماعية متخصصة، بالتعاون مع محافظة حلب ومديرية الشؤون الاجتماعية وعدد من الجهات ذات الصلة بالحالات الإنسانية، وذلك لوضع معايير دقيقة وعادلة لإعادة إسكان المتضررين من أبناء المدينة.
رسالة أمل وإعمار
ويعد مشروع الحيدرية خطوة محورية ضمن خطة متكاملة لإعادة إعمار الأحياء الشرقية في حلب، تسعى إلى إعادة التوازن العمراني والاجتماعي وتحقيق بيئة سكنية لائقة تواكب متطلبات الحياة الحديثة، وتعيد الاستقرار للعائلات التي عانت من آثار الحرب والتهجير.
واختتم المهندس محمد علي العزيز حديثه بالتأكيد على أن مشروع الحيدرية لن يكون مجرد عملية بناء حجارة، بل هو بناء للحياة والأمل، ورسالة واضحة بأن حلب ماضية بثقة في طريق الإعمار والتعافي، مستندة إلى رؤية عمرانية وإنسانية متكاملة.
