ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحريرعلي قاسم:
كان لافتاً أن تتحول ذكرى تأسيس الجيش العربي السوري إلى يوم سوري بامتياز، يضاف إلى أيام وأسابيع وأشهر وسنوات مضت، بدءاً من الفعاليات المختلفة التي تَشارك فيها السوريون بمختلف شرائحهم وتوصيفاتهم، وليس انتهاء بالأنشطة الموازية التي قامت بهذه المناسبة مروراً بالوقائع ذات الطابع العسكري البحت أو المدني والأهلي والرسمي.
وإذا كان من المســـــلّم به أن تلك النشاطات والفعاليات والوقائع قد استطاعت أن تخرج عن الرتم التقليدي في جزء كبير منها، فإن الدلالة المرافقة لها هي أيضاً استطاعت أن تقدم مشهداً سورياً متكاملاً عبر ما عكسته من حالة التفاف حول الجيش بكل تجلياتها، خصوصاً فيما يتعلق بالعلاقة الشعبية المتجذرة التي ارتقت إلى أعلى درجات الترابط والحميمية، في وقت كان بمقدور السوريين أن يبوحوا بها مستذكرين عوامل النهوض الوطني.
المشهد لم يكن طقساً احتفالياً عادياً، ولا مناسبة وطنية عابرة في سجل المناسبات، بل جسدت وحدة وطنية وترجمت نزوعاً سورياً نحو إعادة الارتباط بشكل يعبّر عن سياق التداعيات الناتجة، ويوضح أواصر الارتباط الموثّقة بين الجيش والشعب، وصولاً إلى رسم لوحة تعبيرية لم تكن بحاجة إلى شرح ولا تفسير، وهي تعكس نبض السوريين.
فالانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري لم تأتِ من فراغ ولا هي حاصل معادلة طبيعية في ظروف ومناخات غير طبيعية، بل كانت استثنائية، مستمدة من روح الإرادة المتأصلة في السوريين وفي جيشهم العقائدي الذي يعكس تلك الإرادة بتضحيات ضاهت في مفاعيلها وتأثيرها كل العوامل والمشتقات الموازية لها، ولأنها لم تكن طبيعية كانت العلاقة بين الجيش العربي السوري والشعب العربي السوري هي المعيار لتحقيق ما بات يعرف في العلم العسكري وفي المصطلح السياسي بالإعجاز الحقيقي الذي قلب المعادلات وأفشل المراهنات وأخطأت حياله كل الحسابات قريبها وبعيدها.
بالمعيار ذاته أيضاً كانت العلاقة المتجذرة بين الجيش والشعب تحبط التوقعات التي غالت في تسرعها وبالغت في استخدام لغة الجزم، وتعيد رسم معادلات إضافية غير خاضعة للمعايير المعتادة وغير قابلة للتفسير وفق المقاييس الطبيعية، حيث الإعجاز هنا يلامس عتبة المستحيلات، ويرسم قوساً من الثوابت الوطنية التي اشتقت مفرداتها من الوجدان السوري ومن الصمود السوري وثباته بجيشه وشعبه وقيادته.
وفق هذه المعادلة كان اليوم السوري الطويل محاولة عفوية لتكتمل لوحة الوطن بأبنائه وجنوده وقيادته وعوامل وجوده وصموده، وما تتطلبه في ظروف إنتاج مشهد يوازيه ويضاهيه في الآن ذاته ويعكس حالة من الصمود غير المسبوق في تاريخ الحروب، وغير مطروق في وثائق النزاعات والصراعات، وغير وارد في الحسابات العسكرية أو المعادلات السياسية.
اليوم السوري كان إشارة لمنعطف جديدة ولعلاقة لا بد أن تستعيد روابط تألقها من عوامل الصمود اليومي ومن إشارات الإرادة المتجددة في كل ثنايا وتفاصيل السوريين الذين بادروا ذاتياً وانطلقوا عفوياً من خلفيات المشهد ومن قلبه ومن هوامشه الجانبية ليضفوا على لوحة الوطن ما تستحقه، بما يعبر عن صموده وثباته وما تترجمه من رغبة السوريين في التحدي والتصدي للإرهاب وداعميه ومموليه حتى تشرق شمس الانتصار التي تلوح في الأفق القريب.
عيد الجيش العربي السوري كان مناسبة لكل السوريين ولكل منهم موقعه ودوره ووجوده المباشر أو غير المباشر عبر أخ أو ابن أو أب أو صديق أو قريب، وكان فرصة لهم وفسحة إضافية ليكونوا على العهد يصنعون المستحيل وقد ازدادوا تشبثاً بأرضهم وحقوقهم مسلحين بعزيمة لا تلين وإرادة لا تهتز بأن الإعجاز الذي صنعته سواعدهم وقاماتهم سيتكلل بنصر مؤزر بات قاب قوسين أو أدنى.
a.ka667@yahoo.com