ثورة أون لاين: /30/ بالمئة من المهندسين العاملين في الدولة يعملون خارج اختصاصاتهم
– وزارة التعليم العالي فصلت الاختصاصات الهندسية في مناهجها على قياس أساتذة محددين .
– الجهات العامة تستبعد المهندس المختص وتستبدله بمن يعمل فيما لايعلم ….فساد وجهل .
– رئاسة مجلس الوزراء لا تشرك نقابة المهندسين في عمليات فرز المهندسين ووزارة التعليم العالي ترفض مشاركة النقابة في مجلسها .
– لجنة وطنية لإعادة تأهيل المهندسين ….حل مطلوب لكنه غير كاف .
………………………………………………………………………
لم تصمد حزمة من الحديد أمام الضغطالذي شكلته عملية تفريغها ونقلها من على ظهر السفينة الى شاحنة في احد مرافئنا.
وكان المشهد أشبه بكوميديا اذ انفصلت إلى قسمين وهي معلقة بطرفيها في الهواء .
الحادث مر بسلام وصادف ان أحدا لم يتأذ مباشرة ،لكن حزمة أكبر من الهواجس فرضت نفسها على من سمع ورأى ، لأن شحنة الحديد قادمة لتكون العمود الفقري والحامل لأعمال انشائية منها السكني ومنها التجاري العملاق ، واذا كان مصطلح الاسمنت المسلح يستوفي تسليحه عادة من كميات الحديد المرافقة فأي سلاح يمكن الحديث عنه تعتد به مبانينا ومنشآتنا الاسمنتية .
شحنة الحديد المزعوم بأنه مسلح مرت عبر مخابر تحليل ووحدات تحري واختبار هندسي في أكثر من جهة مخصصة في مهامها لهكذا غرض ،
ويكون السؤال هنا كيف مرت شحنة الحديد الرد يئة واخترقت "حصون الحماية والامان" المفترضة قبل أن يحصل مستوردها على صك السماح بادخالها الى البلد ،ولم يتأخر الجواب فالمهندسين الذين مرت عبرهم الشحنة كانوا من اختصاصات لاعلاقة لهم بالهندسة الانشائية ولابهندسة المعادن فبعضهم يحمل اختصاصا في الهندسة البيئية وآخر في الصرف الصحي .
الا أن هكذا اجابة تفتح أبواب الهواجس على مصراعيها ءازاء مشكلة وخلل خطير يعتري مسارات التوصيف الوظيفي واستثمار الموارد البشرية وآليات توظيفها في الحلقات المخصصة لها ،وعند الولوج الى هكذا اشكالية نجد أمامنا ما يشبه التحدي الصعب ،ويتعلق بفرز المهندسين وتعيينهم في الاماكن التي تتناسب مع الاختصاصات العلمية التي درسوها عبر خمس سنوات متواصلة بكل ما فيها من عناء وجهد ونفقات تترتب على طالب الهندسة وعلى الحكومة .
فتخيلوا أننا ننفق كل ذلك لندفع بمهندسين الى مواقع لاتمت الى اختصاصاتهم بصلة ليكونوا حلقات ضعف ووهن في مؤسساتنا،وبؤر فسادوتخريب ،أي نبدو كمن يدفع المال ليصنع وينتج منظومات الترهل والضياع الاداري والفني أي الضياع التنموي في المحصلة .
فلماذا وصلت بنا الامور الى هكذا مواصيل وما هي سبل الاستدراك المتاحة لسد هذه الفجوة التي تتوعد أهم قطاع ذو صلة بالبنى التحتية في بلدنا ،وهو القطاع الهندسي ، فالمهندس السوري مشهود له بالكفاءة والجامعة السورية مشهود لها بمستوى تأهيل عالي ، لكن توزيع الكوادر هو هذه اللمسة الأخيرة التي تترك آثارها المدمرة على كل مراحل تطبيق ما جرى التخطيط والاعداد له .
*شاهد اثبات بالادانة
قد يكون لافتا ومريبا أن نعلم ان ما نسبته /30/بالمئة من عدد المهندسين العاملين في القطاع العام لدينا يعملون في اختصاصات بعيدة عن التي درسوها في مرحلة التحصيل الجامعي الهندسي وكلفت ما كلفته كما قلنا من وقت وجهد ومال .
أرقام صادمة تواجه بها نقابة المهندسين المركزية من يشاء الاطلاع على تفاصيل المشهد المرتبك في توزيع الكفاءات الهندسية وتوظيفها فاجمالي عدد المهندسين المسجلين في نقابة المهندسين بلغ حتى نهاية العام /2011//125/ألف منهدس يضاف اليهم حوالي /30/ألف مهندس غير مسجلين في النقابة ،ووتتوزع اختصاصات المهندسين العاملين في سورية بين الهندسات المدنية والمعمارية والميكانيكية والكهربائية والكيمائية والنووية والفيزيائية والنسيجية والصناعية والاقتصادية ،اضافة الى هندسة جيولوجيا المناجم والبترول والتعدين واختصاصات أخرى مختلفة ذات أعداد قليلة .
تحظى دمشق بالصة الأكبر من أعداد هؤلاء ويبلغ عدد المهندسين المسجلين فيها /32793/مهندسا ،وحلب / 21748/ وحمص/ 13868/ وريف دمشق /12262/
واللاذقية /11815/وطرطوس /8772/وحماة /7019/وادلب /3710/ودرعا /3018//والحسكة /3064/والسويداء /2367/وديرالزور /2364/ والرقة /1324/
والقنيطرة /466/ مجموع هؤلاء يكون /124590/ ، يضاف اليهم كما قلنا /30/ألف غير مسجلين ليكون العدد حوالي/155/ الف مهندس في سورية.
هذه احصائية كان لابد منها تضعنا في قلب المشهد الهندسي في سورية لجهة الكوادر العاملة فيه، لكن تشوهات في هذا المشهد تظهر من خلال الارقام التي تؤكد أن/ 70/بالمئة من هؤلاء المسجلين في النقابة يعملون في القطاع العام ، و30/بالمئة يعملون كأصحاب مكاتب هندسية خاصة ، ومن المهندسين العاملين في الدولة ما نسبته /30/بالمئة يعملون خارج اختصاصاتهم ،فعدد المهندسين العاملين في الدولة حسب أرقام نقابة المهندسين يبلغ //58/ألف مهندس منهم /25/ألفا لا يعملون في اختصاصاتهم وهي حقيقة مخيفة تبيح القول أن لدينا /25/بؤرة خلل من بين /58/حلقة أسست ودرست لتكون داعما تنمويا وليس خواصر ضعيفة في جسم القطاع العام بكل اتجاهاته .
الحقيقة نقابة المهندسين لم تفاجئنا بهكذا معلومات ،لكنها فاجأتنا بالأرقام التي تدلل على الخلل الذي يعتري قطاعنا الهندسي، ففي مؤسساتنا حالات نعرفها جميعا كل في مؤسسته تؤكد أن توظيف المهندسين لا يخضع لضوابط منظمة ، وبات من المألوف مشاهدة مهندس عمارة يشرف على شبكة الربط التقني في مؤسسة ما ،
ومهندس مختص بالصرف الصحي يتولى مهمة مديرية الأبنية أو الدائرة المختصة بالاشراف على الأبنية في وزارة ما ، والأمثلة من هذا النوع كثيرة وكثيرة لاتخلو منها مؤسسة من مؤسساتنا ،فلماذا ومتى وكيف تبلورت حالة الخلل هذه؟!
*كرنفالات الخطأ
اعتدنا أن تكون مواسم فرز المهندسين في رئاسة مجلس الوزراء هي أقرب الى الكرنفالات الاستعراضية منها الى توزيع "غلة " الكوادر واستثمارها في أماكنها الطبيعية ،وتتوالى الأخبار عن فرز بضعة الاف من المهندسين في كل مرة ، وعادة يجري الفرز مرتين في كل عام .
رئاسة الحكومة تفاخر بانجازها والمؤسسات التي تتلقى من تم فرزه من المهندسين اليها تتأفف وتتذمر من وطأة الالتزام الذي اضطلعت به ،فبعض المكاتب تحتضن /10/ مهندسين حيث لا يوجد عدد كاف من الكراسي لجلوسهم .
ومن يتابع اختصاصات هؤلاء سيجد بينها اختصاصات تخرجها جامعاتنا لكن لا عمل لها في مؤسساتنا ،كما سيجد أن بينهم مهندسين رغبوا بعدم الانشغال في الاعمال التي يكلفون بها ،فيطلبون مؤسسات بعينها ويتوسطون لذلك هربا من العمل ،كما سنجد أن بين المفرزين للمؤسسات من تبدأ مشكلته بعد الفرز ، اذ تضعه الادارة في موقع بعيد عن اختصاصه أي تنحيه جانبا ، لان الموقع المفترض أن يكون فيه قد يكون مشغولا بمن يكتسبون صفة "محظي " جدا خصوصا ان كان هذا الموقع ذو حساسية بالنسبة الى للادارة أو المدير .
*وزارة متهمة
فأمينسرنقابة المهندسين يلخص المشكلة في وزارة التعليم العالي بالقول انها"تفصل الرأس ليناسب الطربوش"على حد تعبيره ،كأن يكون هناك استاذ جامعي باختصاص نادر فيحدث له قسم هندسي خاص ،وعلى شبابنا وهم من النخب أن يدرسو افي هذا القسم حتى لو لم يكن المجتمع والمؤسسا ت بحاجة لاختصاصاتهم
،ويتخرجون ليواجهوا مشكلة غياب فرصة العمل المناسبة ،فان تم تعيينهم في المؤسسات الحكومية باتوا عبئا عليها ،وان لم يعينوا سيبقون بلا فرصة عمل لان القطاع الخاص ليس بحاجة لاختصاصاتهم .
*فساد
وفي الاسباب أيضا التي يراها أمين سر نقابة المهندسين أن بعض الادارات الني يعشعش فيها الفساد تخشى أن يكون لديها مهندسين في مواقع هامة وحساسة يحملون
اختصاصات رفيعة ،فهؤلاء يمكن أن يفضحوا ممارساتها ،وتستبعد المهندس وتستبدله بموظف لا يمتلك الخبرة ليكون شريكا في الفساد جاهلا أم عامدا ، وقد يصل الأمر الى تكليف حامل ثانوية في موقع هندسي هام بدلا من مهندس مختص.
ويضيف المهندس /أحمد /أنه أثناء فرز المهندسين في رئاسة الوزراء تحدث أخطاء بفرز بعض الاختصاصات لغير الاماكن المناسبة لها ،كما يلفت أمين سر النقابة الى أن بعض المهندسين يتوسطون للفرز الى جهات لا عمل فيها للمهندسين طمعا بالقيام بأعمال خاصة خارج نطاق العمل الحكومي ، أي يضمنون الراتب الوظيفي من الدولة ويتفرغون لأعمالهم الخاصة .
*استدراك
ان هذه المشكلة تنسف البعد التنموي الذي يعد به القطاع الهندسي في الصميم ،ولابد من السعي سريعا للاستدراك والاستدراك يجب أن يكون على مسارين اثنين ،الاول يتركز على معالجة أسباب المشكلة وهذه المعالجة يجب أن تكون في وزارة
التعليم العالي التي عليها أن تضبط الاختصاصات التي تقر بتدريسها في كليات الهندسة ،والمسار الثاني يجب أن يتركز على استدراك النتائج ، وهذا يحتاج الى اعادة تأهيل وتدريب للمهندسين حملة الاختصاصات الضيقة التي لا تؤهلهم لفرصة عمل بسبب انتفاء الحاجة لهم ، وتزويدهم بمهارات ومعارف هندسية في هندسات واختصاصات قريبة من اختصاصهم الذي درسوه في المرحلة الجامعية ،كي يتسنى لهم دخول ميدان العمل الفعلي ،وبالنسبة لوزارة التعليم العالي تؤكد الوزارة أنها سوف تعيد النظر بالأختصاصات الهندسية الجاري تدريسها في الجامعات ،من خلال سبر الاحتياجات المؤسساتية والتنموية،واسقاطها على احداثيات الاختصاصات التي يجري تدريسها من أجل توخي المزيد من نقاط التقاطع والتواصل بين الجامعة والمجتمع .
ويتحدث المعنيون في نقابة المهندسين بتفاؤل عن استجابة وزير التعليم العالي الجديد لرؤاهم بهذا الصدد،وقد يشهد العام الدراسي الجامعي الجديد اعادة ترتيب
حقيقة للاختصاصات الهندسية وفق المنهج العلمي الذي أشرنا اليه ،هذا فيما يتعلق
بمعالجة الأسباب ،لكن ماذا عن الشق الخاص بمعالجة النتائج ؟
*معالجة النتائج
لا تبدو معالجة نتائج توضع المهندسين في مواقع بعيدة عن اختصاصاتهم لا تبدو مهمة سهلة ،بل هي شاقة الى حدود كبيرة ومحفوفة باحتمالات سلبية متعددة ،أولها يتعلق بعدم رغبة المهندس بالالتحا ق بمناهج التدريب التي تجريها نقابة المهندسين،وقد أقرتها بغرض استدراك ما يمكن استدراكه ،كما أنه هناك احتمالات
تتعلق بعدم استجابة المؤسسات لارسال مهندسيها الى هذه الدورات،وقد يكون الأمر متعلقا بالتكاليف أي الانفاق ،وعندما يتعلق الامر بالانفاق يكون "العد للعشرة "هو الاحتمال رقم واحد أي التريث والتردد .
وعلى كل حال أحدثت نقابة المهندسين ما يسمى اللجنة الوطنية للتدريب والتأهيل ،تضم مجموعة من الفرق يعنى كل منها بتدريب وتأهيل اختصاص هندسي من الاختصاصات الضيقة والنادرة والتي لا عمل لها ،عبر ضخ معارف جديدة في اختصاصات عريضة قريبة منها .
ويقول الدكتور "كرامي بدورة "رئيس فريق الهندسة المدنية ،وهو استاذ سابق في كلية الهندسة لجامعة دمشق أن الهدف من تشكيل هذه الفرق رفع مستوى المهندسين علميا وعمليا ،وتأمين التدريب اللازم لرفع كفاءاتهم وتحسين مردود عملهم في القطاعات المختلفة العام والخاص والمشترك ،وتقوم فرق العمل هذه
بتنظيم ندوات في جميع المحافظات لاعطاء محاضرات للزملاء عن كل ما يستجد
في مجالات العمل باختصاصاتهم ،ودورات لرفع مستوى الاداء مع اعطاء أمثلة عملية لمشاريع فعلية ،ويشمل مجال عمل هذه الفرق اعادة تأهيل الزملاء لتذكيرهم بالمعلومات الهندسية الأساسية ، ومن ثم اطلاعهم على الجديد في اختصاصم ،ثم توزيع مراجع متخصصة عبر أقراص مدمجة للاطلاع عليها ومناقشتها مع المحاضرين .
وهناك لجنة الموظفين في نقابة المهندسين مهمتها متابعة المهندسين العاملين في المؤسسات ،والتحري عن ملامح مشكلة التشغيل في غير الاختصاص المناسب ،
وتسعى لمساعدة المهندس في تطوير وتحسين وضعه بالعودة الى الجهة المسؤولة
وهي ادارته للوصول الى الحل المناسب .
مدة كل دورة تجريها النقابة هي ثلاثة أشهر بالاتفاق مع وزارة التعليم العالي ،يحصل المهندس بعدها على وثيقة تأهيل تكافئ مئة بالمئة مضمون الشهادة التي حصل عليها ،وتعد نقابة المهندسين خطة لتأهيل اختصاصات كثيرة يرغب بها المهندسون حسب متطلبات سوق العمل الداخلي والخارجي ، وقد تمت المباشرة بتأهيل مدرسين يحملون اختصاص الهندسة الصحية والبيئية ،وتم تكليف هؤلاء للتقدم لامتحانات بمقررات لم يدرسوها في الكلية .
*تشتت
يقول الدكتور "بدورة " أن مشكلة تشعب الاختصاصات قد بدأت تأخذ طريقها نحو الحل منذ عدة سنوات ،ففي جامعة دمشق تم انجاز خطى مديدة باتجاه الحل ،لكن في جامعات حلب وتشرين مازالت الاختصاصات الضيقة تدرس منذ السنة الاولى ،ويلفت الى أن الخطة الدرسية "الاختصاصات "توضع في الجامعات دون العودة الى نقابة المهندسين ،ويرى أنه على وزارة التعليم العالي أن تكون على تواصل مع الوزارات الفنية لتكون بصورة احتياجاتها ،من أجل رفدها بما تحتاجه من كوادر.
على كل حال تبدو الكرة الآن في ملعب وزارة التعليم العالي ،وفي ملعب المؤسسات المحتضنه للمهندسين العاملين في غير اختصاصاتهم . فالجهتان قد وجدتا "ضابط "ارتباط يسعى لحل مشكلة من أكبر المشكلات التي تواجه التنمية في البلد ،وما عليهم
الا الاستجابة لأن المسألة بتبعاتها لا تبدو محصورة في جهة أو مؤسسة .
*تهميش وقلة اكتراث
يؤكد المهندس /سعد أحمد /أمين سر نقابة المهندسين أن النقابة خاطبت ومازالت تخاطب عدة جهات لمواصلة السعي لحل هذه المشكلة ،فقد خاطبت رئاسة مجلس الوزراء ليكون للنقابة دورا في فرز المهندسين ،كما خاطبت وزارات الدولة برجاء تكليف المهندسين ضمن اختصاصاتهم ،وتتواصل مع وزارة التعليم العالي للتوقف عن تخريج الاختصاصات الضيقة التي لا عمل لها في القطاع الخاص ،كما خاطبت الوزارة التعليم العالي لا شراك النقابة في مجلس التعليم العالي ،ولجنة تعادل الشهادات ،فماذا كانت النتيجة ؟ لم يؤخذ برأي النقابة في فرز المهندسين ،وبعض الوزارات استجابت لوجهة نظر النقابة بضرورة التقيد بالاختصاص ،وبعضها الآخر مازال في مرحلة الحوار ،كما لم يسمح لنقابة المهندسين حتى الآن بالمشاركة في مجلس التعليم العالي، علما أن المرسوم /80/العام/ 2010/ وقبله القانون/ 26/لعام/1981/ينصان على دور النقابة في عمليات تحديد اختصاصات
المهندسين وفرزهم وتوزيعهم على مؤسسات الدولة .
أي نستنتج من ذلك أن معالجة أسباب المشكلة تصطدم بقلة اكتراث الجهات التنفيذية من جهة ،كما أن معالجة النتائج تصطد م بهذه الجهات وبالمهندسين حملة الاختصاصات غير المطلوبة من جهة ثانية .
بقي أن نسأل عن الآثار الثقيلة التي تخلفها مشكلة تشغيل المهندسين في غير اختصاصاتهم ؟ ويرى المهندس /سعد أحمد/ أمين سر النقابة ورئيس اللجنة الوطنية للتدريب والتأهيل أن في ذلك ضياع للمعارف والمهارات التي اكتسبها المهندس دون فائدة ،وضياع للتكاليف العالية التي تتكبدها الدولة على تأهيل المهندسين في الداخل ،وبدرجة أكبر في الخارج ،وأيضا ضياع لتكاليف تكبدها المهندس ذاته التي لن يحصد ثمارها ،لأنه يحمل اختصاص غير مرغوب ،ومن جانب آخر فيما لو تم تشغيل المهندس في غير اختصاصه فهناك ضرر مادي هائل، يتأتى من وجود مهندس غير مؤهل فهناك تبدو البوابات مفتوحة على النتائج المعروفة للجهل والفساد ،كما أن تشغيل المهندس في غير اختصاصه يجعله غير مكترث بما يعمل لأنه لا يعمل بما يعلم ،ولن يكون ثمة سعي لتطوير العمل ،وكما يقال "كل وعاء بما فيه ينضح ".
*استحقاق من الطراز الثقيل
على العموم تبدو الهندسة ودراستها ليست ترفا بل هي ضرورة ملحة ،ودول العالم تنفق آلآف المليارات لتخريج المهندسين ،فيما نحن ننفق ولا نستثمر بسبب العشوائية
في تنظيم عملية تأهيل المهندسين وربطهم بالمؤسسات ،رغم أن من يتوجه لدراسة الهندسة هم نخبة الشباب السوري لأنهم يحملون معدلات لا تقل عن /90/ بالمئة في الثانوية العلمية ،وهدر طاقات هؤلاء يبدو خطأ يتسبب بنتائج خطيرة على الدولة والمجتمع .
لذا لابد من أن تتوقف الحكومة عن ضياع سبل الاستفادة من مهندسيها ،فعدم وجود آفاق عمل للمهندسين يتوعد التعليم الهندسي بعدم الجدوى ،ولابد من تدريس اختصاصات هندسية أساسية في المرحلة الجامعية الاولى ،وترك الاختصاصات الضيقة للدراسات العليا ،على أن يحدد ذلك بناء على دراسة موضوعية تقررها الحاجة الفعلية ،فليس من المعقول أن نستمر في انتاج مشكلة لنغرق في محاولة ترميم نتائجها،كما تفعل نقابة المهندسين عبر فرقها الوطنية ،فهذا يعالج جزءا من المشكلة لكن بالتأكيد لن يكون الحل والبديل الأفضل ،ونعتقد أن في التزام الحكومة بمضامين المرسوم التشريعي رقم /80/لعام /2010/وهو الناظم لمهنة الهندسة ،في ذلك حلا جذريا للمشكلة ،فهو تشريع ملزم لكن الحكومة لم تلتزم به .
لقد اجمع المتابعون لتفاصيل مشكلة تشغيل المهندسين في غير اختصاصاتهم على أن /99/ بالمئة من المشكلة يعود الى سوء النية ،خصوصا فيما يتعلق بتشغيل المهندسين في القطاع الحكومي ،و/1/بالمئة الى الجهل ،وفي كلا الحالتين تبدو الأسباب غير مقبولة جملة وتفصيلا .
الثورة أون لاين – تحقيق :نهى علي