ثورة أون لاين: لم يغب عن الذاكرة كيف تعالت أصوات مؤسسة التأمينات الاجتماعية منذ 4 سنوات عند طرح موضوع التقاعد المبكر بأنها غير قادرة على تنفيذه لكون كلفة المشروع مرتفعة و هو صعب التحقق مالم تعيد الحكومة ملياراتها من صندوق الدين العام، ما دفع القائمين على المشروع إلى دفنه في أدراجها، لتأتي بعدها تصريحات وزير العمل السابق وتنفض الغبار عنه، ليطفو على سطح النقاش من جديد بين مؤيد للمشروع ومعارض له: وقد طرحت اسئلة عديدة حوله منذ بضعة أشهر أبرزها ما الذي استجد؟ وما المعطيات الحقيقية التي ساقتها وزارة العمل وما الذي تغيّر بالنسبة لمؤسسة التأمينات الاجتماعية؟ وهل فجأة أصبحت قادرة على التنفيذ؟ علماً بأن ديونها على الجهات العامة 70 مليار ليرة.
و بعد الامل الذي تجدد عاد حبله لينقطع من جديد و كأن شيئا لم يكن و كأن مداعبة أحلام الشباب بفرص خلبية بات أمر اعتياديا لدى البعض
مؤسسة التأمينات
و لمعرفة اخر ما تم التوصل اليه فيما يتعلق بموضوع التقاعد المبكر توجهنا بالسؤال الى
الدكتور خلف العبد الله مدير عام مؤسسة التأمينات الاجتماعية و العمل حيث أوضح أن التقاعد المبكر لا زال يراوح مكانه دون ايجاد الية واضحة للتعامل معه
و رأى العبدالله أن التقاعد المبكر ليس هو الحل المناسب للمشكلة التي نعاني منها فاضافة لكونها تكلف أكثر من 100 مليار ليرة سورية خلال خمس سنوات و ليست قابلة للتنفيذ الا لمرة واحدة فقط لكن مع ذلك فاذا أرادت وزارة المالية تأمين الاعتماد اللازم فلا تبقى هناك معضلة في الموضوع
و أشار العبدالله الى تفاصيل العبء المالي المترتب على المؤسسة في حال تم تطبيق التقاعد المبكر أنه بالنسبة إلى شريحة 25-29 سنة فيما يتعلق بالمعاشات توقعت الدراسة خروج 20 ألف عامل، متوسط أجر العامل الواحد 23 ألف ليرة بنسبة تقاعد 75% من الأجر، فإن ذلك يرتب 21 مليار ليرة.
وفيما يتعلق بالاشتراكات التأمينية عنهم والتي تبلغ 24% فإن المبلغ المترتب جرّاء خروج 20 ألف عامل هو 6.6 مليارات ليرة.
أما فيما يتعلق بشريحة العمال بالنسبة لشريحة 30-34 سنة خدمة فيما يتعلق بمعاشاتهم، توقعت الدراسة تقاعد 15 ألف عامل، متوسط أجر العامل الواحد 26 ألف ليرة بنسبة تقاعد 75%، والعلاوة المترتبة لهم 1.09 وبموجب هذه المعادلة يترتب على التأمينات الاجتماعية لهذه ا لشريحة 7.6 مليارات ليرة. وأما الاشتراكات المترتبة على المؤسسة لمصلحة هذه الشريحة 15 ألف تصل إلى 2.2 مليار ليرة.
وأوضح العبدالله فيما يتعلق بشريحة العمال 35 سنة خدمة وما فوق إمكانية تقاعد 7 آلاف عامل متوسط أجر العامل 29500 ألف ليرة بنسبة تقاعد 75% وعلاوات 1.05 فإن المبلغ المترتب على التأمينات الاجتماعية كمعاشات تقاعدية هو 2 مليار ليرة، أما بالنسبة إلى الاشتراكات التأمينية عنهم فهي ترتب 0.6 مليار ليرة، وبذلك يصبح مجموع المبالغ المترتبة على المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لخروج وتقاعد 42 ألف عامل هو 40 مليار ليرة.
وقال : إن هذا المبلغ واجب سداده من وزارة المالية للمؤسسة خلال ثلاث سنوات، وفي حال تم تعيين عمال جدد بديل عن 42 ألف عامل المتقاعدين، فإنه يترتب على وزارة المالية 20 مليار ليرة من خلال متوسط أجر 12500 ليرة للعامل البديل، واشتراكات تأمينية عنهم 3.2 مليارات ليرة إضافة إلى 1.3 مليار ليرة كتعويضات بحيث يصبح مجموع المبالغ 24.5 مليار ليرة+ 40 مليار= 64.5 مليار ليرة، ومقارنة مع الأعداد المترتبة على وزارة المالية قبل صدور مرسوم التقاعد المبكر بين رواتب 43 مليار ليرة، واشتراكات 7 مليارات ليرة وتعويضات لـ42 ألف عامل 2.5 مليار ليرة، حيث يبلغ الإجمالي العام 52.5 مليار ليرة، وتخلص دراسة التأمينات الاجتماعية إلى أن العبء الفعلي المترتب على وزارة المالية والواجب أن تتحمله وزارة المالية خلال ثلاث سنوات ونصف هو بين قبل المرسوم وبعده وفق المعادلة الآتية: 64.5 – 52.5 مليار = 12 مليار ليرة.
بالمقابل رأى العبد الله أن خلق فرص عمل جديدة كما هو الحال بايجاد 25000 ألف فرصة تم الاعلان عنها مؤخرا تمثل حلا عمليا أفضل بكثير من تنفيذ موضوع التقاعد المبكر
استكمال المشروع
بالمقابل برز نفي قطعي من قبل معاون وزير الشؤون الاجتماعية و العمل الدكتور حسن حجازي لاية محاولات حالية لاحيائ مشروع التقاعد المبكر
رأى الدكتور حسن حجازي يأن امكانية اقرار هكذا مشروع شبه مستحيلة في الوقت الراهن كما نفى أن يكون مشروع قانون التقاعد المبكر فيه اية فائدة عملية على أرض الواقع كونه سيكلف الدولة أكثر من 18 مليار ليرة سورية و هذا سيؤدي لافلاس مؤسسة الـتأمينا ت الاجتماعية
و هنا يتبادر السؤال من اين حصل الدكتور حجازي على هذا الرقم البعيد كل البعد عن الكلفة الحقيقية لمشروع التقاعد المبكر , فحتى لو اعتبرنا أنه قصد فيه كلفة كل عام يبقى الامر غير منطقي
و في سؤال اخر حول دقة الاحصائيات التي برزت عن وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل منذ خمسة أشهر بأن التقاعد المبكر سوفر الاف فرص العمل رأى حجازي أن هذا ضرب من الخيال فبدلا من تكليف الدولة أعباء اضافية 18 مليار ليرة سورية ليقوم الموظف المتقاعد مبكرا بالبحث في القطاع الخاص عن فرص عمل جديدة بينما يكون الشاب في أمس الحاجة لها فأنا بهذا لا أكون قد حللت شيئا بل عقدت المسألة
الجدير ذكره أن عدة دراسات سابقة برزت عن وزوارة الشؤون الاجتماعية و العمل
عن الأعداد المتوقع أن يشملها التقاعد المبكر تبرز مسألة عدم الدقة في الأرقام، ففي المقترح الأول هو مئة ألف عامل، وفي الأسباب الموجبة للصك المعد ترتفع الأعداد لتصل حتى 160 ألف عامل يشملهم التقاعد في الحالتين 140 ألف عامل في حالة التقاعد المبكر الاختياري بين سني التقاعد 25 و35 سنة خدمة، وحوالي 20 ألف عامل في حالة التقاعد المبكر الإلزامي ممن بلغت خدماتهم 35 سنة فأكثر.
وبرأي وزارة العمل: ان من شأن مشروع القانون تحميل خزينة الدولة جزءاً من النفقات المترتبة جرّاء تطبيقه ومراعاة المراكز المالية لمؤسسات التأمين الاجتماعي التي سوف تسدد رواتب معاشات تقاعدية لفترة أطول وستخسر مساهمات المتقاعدين ريثما يتم إعادة التوازن للمراكز المالية من خلال تشغيل عاملين جدد يساهمون باشتراكات تأمينية جديدة.
هذه الأموال التي ستترتب على مؤسسة التأمينات الاجتماعية والمعاشات عدّها حجازي الخطر الحقيقي الذي يتهدد المؤسسة ما يجعلنا نخشى على مستقبل عمالنا التأميني نتيجة عجز التأمينات عن توفير رواتب المتقاعدين خلال 6سنوات فيما لو تم تنفيذ التقاعد المبكر. وذكر حجازي إن الأرقام المصرح عنها في وزارة العمل متضاربة حول فرص العمل التي يمكن للمشروع توفيرها، فمرّة تقول 140 ألف فرصة عمل، وتارة 120 ألف.. وأخيراً 90 ألف فرصة عمل ، كما إن كلفة المشروع غير دقيقة بين تصريحات الوزير 7 مليارات ليرة، ثم 11 مليار ليرة، بينما مدير عام التأمينات الاجتماعية يصرّح عن 85 مليار ليرة كلفة المشروع.
مداعبة لاحلام الشباب
و اعتبر حجازي أن مشروع القانون لا يوفر فرص عمل حقيقية، بل يجب خلق فرص عمل حقيقية وليست فرص عمل افتراضية خلبية لمجرد مداعبة مشاعر وأحلام الشباب فقط. وقال: إن المبالغ الكبيرة، والتي قد تصل إلى أكثر من 18 مليار ليرة كلفة المشروع يمكن لها أن تخلق آلاف فرص العمل الحقيقية فيما لو تم توظيفها في مشروعات استثمارية على الأرض بدلاً من اللعب على أحلام الشباب.
كلفة نهائية
في كتابها إلى وزير العمل رقم 732/ص/ش تاريخ 9/2/2012 والمتضمن الكلفة النهائية لمشروع التقاعد المبكر الذي يترتب على مؤسسة التأمين والمعاش لمصلحة المتقاعدين المبكرين مبلغاً تقريبياً يصل نحو 23155 مليار ليرة من أين جاء هذا الرقم؟
تشير الدراسة الموضوعة من قبلها عن الشريحة الأولى لمن لديهم خدمة 35 سنة فما فوق إلى أن وسطي المعاش الشهري لكل الفئات تقدر بـ 22 ألف ليرة حيث يبلغ عدد الشريحة المتوقع تقاعدها 13941 عاملاً فتكون الكلفة لمكافأة نهاية الخدمة وسطياً ولمدة 6 أشهر هي مبلغ 1.840212 مليار ليرة وبعد إضافة كلفة الأجر الشهري لمكافأة نهاية الخدمة والبالغ مجموع قدره (307) ملايين ليرة، وأن معاشاتهم التقاعدية المقدرة (4082) مليون ليرة تصبح الكلفة الإجمالية لهذه الشريحة 6.229 مليارات ليرة. أما بالنسبة للشريحة الثانية لمن خدمتهم 30 سنة حتى 34 سنة بأجر شهري متوسط للعامل الواحد 20695 ليرة، فإن عدد العمال المتوقع خروجهم 29266 ألف عامل فإن كلفة مكافأة نهاية الخدمة لمدة أربعة شهور هي 2420 مليون ليرة، وبعد إضافة كلفة الأجر الشهري لمكافأة نهاية الخدمة وقدرها (605) ملايين ليرة مع قيمة المعاشات المقدرة 7922 مليون ليرة، ومع كلفة الترفيعات الدورية البالغ 235 مليون ليرة فإن الكلفة النهائية لهذه الشريحة 11.182 مليار ليرة. وأشارت الدراسة فيما يتعلق بالشريحة الثالثة إلى لمن لديهم خدمة 25 سنة وحتى 29 سنة متوقع أن يتقاعد 31891 ألف عامل بنسبة تقاعد 75% من متوسط الأجر السنوي قبل نهاية الخدمة وعلى مستوى استحقاق كل الفئات قدرها (5744) مليون ليرة يكون المجموع الإجمالي لكلفة المشروع 23.155 مليار ليرة، وبجمع المبالغ المترتبة على مستوى مؤسستي التأمينات الاجتماعية والتأمين والمعاش 64.5 مليار ليرة + 23 مليار= 87.5 مليار ليرة الكلفة النهائية لمشروع التقاعد المبكر
و هذا يتجاوز الرقم الذي صرح عنه معاون وزير الشؤون الاجتماعية و العمل بكثير و يضع المشروع بين صد و رد بانتظار تبلور افق جديدة تعطي وعودا حقيقية لكل من يتكل على هذا المشروع
و السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق الى متى ستبقى عملية التلاعب بمشاريع القوانين أمر ا عتياديا لدى البعض يطرحونه ليصبح ملاذا ينتظره الكثيرون بفارغ الصبر و ليجدوا أنه أقل شأنا من ثمن الحبر الذي كتب فيه ؟! ما هكذا تورد الابل يا وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل.
الثورة أون لاين – موسى الشماس