كم من اعتذار ومُعتذر نحتاج.. !!

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
يبدو اعتذار طوني بلير عن الأخطاء التي ارتكبت في غزو العراق وكان مسؤولاً عن جزء منها لافتاً ومثيراً في مضمونه وتوقيته، وهذا لا يعود إلى فائدة يمكن أن تُجنى من تلك الاعتذارات، حتى لو تفرّغ بلير ما تبقى من حياته وهو يعتذر، فما ذهب قد ذهب،

وما حصل قد حصل، والاعتذار لا يعيد الحياة لمن قتل من العراقيين، ولا يُعمّر بلداً خرّبته ودمّرته، ولا تزال حرباً ظالمة، تستعر اليوم بأشكال ونماذج مختلفة، بقدر ما يشير إلى ما يحمله من إسقاطات في السياسة، تحتاج إلى وقفة متأنية.‏

والتوقف هنا ليس لطرح سؤال قد تطول الإجابة عنه أو تصعب إلى حدّ الاستحالة، لكنها الضرورة التي تقتضي التساؤل قياساً.. هو كم اعتذاراً نحتاج في المنطقة وسورية تحديداً، ومن كم مسؤول على شاكلة طوني بلير، قد يقلّون عنه في الحجم والثقل حيناً، ويزيدون طولاً وعرضاً في بعض الأحيان، وكم سنة نحتاج كي يقف أولئك جماعة أو فرادى لإطلاق ما يعتقدون أنها ساعة الحقيقة للإقرار بما اقترفت أياديهم، وما تسببت به سياساتهم ومواقفهم ولا تزال؟‏

بغضّ النظر عن الإجابة، وما تقود إليه، فإن طرح السؤال يبدو كافياً للاقتباس والاستدلال على ما جرى ويجري، وما قد يجري لاحقاً في ظل هوَس بارتكاب الأخطاء إلى حدّ المشاركة في جرائم غير مسبوقة، ليس بحق شعب واحد، أو دولة واحدة، أو محيط بشري واحد، بقدر ما يتعلق بالبشرية ذاتها من أقصى يمينها العرقي إلى أقصى يسارها السياسي، حيث الإيغال في التدمير والخراب، لا يقتصر على ما تخلفه الحروب الناشئة افتعالاً أو تعمّداً في الافتعال، وإنما في الإرث التدميري الذي يلحق بالبشر كما بالحجر باعتباره ناطقاً بالفعل الإنساني على مدى قرون غابرة، ويمثل حضارة وتاريخاً لمنطقة تعجّ بسياقاته إلى حدّ التخمة، حيث لا مكان ولا موقع من دون أن يكون للتاريخ مدونة ورقم ومساحة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، ويشعر بالفاقة والحرج والخجل أيضاً، مما سيقدمه ذلك الخراب للمستقبل.‏

في محاكاة المأساة وبيادقها المتحركة حسب الطلب تطول القائمة ويطول الاعتذار، وتكثر فيها الانكسارات الناتجة عن خطأ الاعتقاد وكارثية الاتجاه بفصوله وتخوم ما يتورّم فيه، أو على سطح تردداته الحالية، وهي قائمة لا تبدأ عند أركان الإدارة الأميركية والبريطانية والفرنسيةومعها الرؤوس الحامية في واشنطن، كما لا تنتهي بالتأكيد لدى الحَمَدين والجبير والعطية وأردوغان، مروراً بمن بقي منهم أو رحل، والعدّ فيها يحتاج إلى المزيد وفي جعبته المزيد.‏

الخطير ليس في اعتذارات لا تقدّم ولا تؤخّر، ولا في اعترافات لا تعيد ما ذهب، بل في تجليات ما يحضر منها من مقارنة تدفع بالمرشح الأميركي لتخيّل أن العالم كان أفضل، لو أن صدّام والقذافي لا يزالان على قيد الحياة، وهو حال يتساوى فيه الندم حين لا ينفع الندم، والاعتراف المتأخر حين لا جدوى من الاعتراف أو الإقرار، بينما حفنة من مرتزقة السياسة وأجراء الموقف وموظفي المهمة في زوايا المشروع الاستعماري الذين يصرّون على الخطأ والتغوّل داخله إلى حدّ التورّم والتمسك بأحلام مريضة، سقطت بتقادمها السياسي والمكاني والزماني.‏

والمشكلة أو المعضلة في سياق فهم لدور يعتقدون، أو يعوّلون، أو يتوّهمون، أن مزابل التاريخ يمكن في لحظة غافلة أن تحتويهم، رغم يقينهم أنها لا تتسع لهم، حيث على جوانبها يقفون، أو سيقفون في هوامش منسيّة، وقد ذهب بعضهم أو يكاد، ويتحضّر الكثيرون ممن تبقّى للرحيل السياسي أو العمري بحكم الزمن.‏

اثنا عشر عاماً احتاجها بلير كي يقرّ ويعلن ومن ثم يقدّم اعتذاره، على حين سواه ممن تسبب معه، وكان شريكاً له، لا يزال يقف في موقعه ودوره، ومن دون أن ينبس ببنت شفة، وغيره من لا يريد أن يعترف ولا أن يقرّ، يجول في المنطقة، ليُشعل ما يمكنه من حرائق إضافية لا تترك أخضر ولا يابساً، وجرأة الاعتراف التي تملّكت بلير متأخرة.. قد لا تنفع معهم.‏

في المنطقة.. اللائحة تطول إلى حدّ تتعب معها مساحات الجغرافيا على استيعابها، وهي تضم بين صفحاتها عشرات، وربما مئات ممن أخطأ بحق المنطقة وشعوبها ودولها، ومن ارتكب الخطيئة إلى حدّ الإثم بحق سورية، وحبل ارتكابهم وخطيئتهم على الجرّار، ومن دون توقف، فلا اعترافهم منتظر، ولا جرأتهم المفقودة والمهدورة كماء وجههم يمكن التعويل عليها، لكنها تصلُح لتكون وقفة تأمّل إضافية، لنعيد السؤال: كم من مُعتذر سيقف وقد بلع لسانه؟ وكم من معتذر نحتاج وتحتاج المنطقة؟ وكم من السنين العجاف يحتاج العقل البشري كي يشيح بنظره عمّا شهدته، وكان الشاهد معها وعليها..؟؟!!‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
وزير المالية: محادثاتنا في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة وزارة الرياضة والشباب تطوي قرارات إنهاء العقود والإجازات المأجورة لعامليها طموحاتٌ إيران الإمبريالية التي أُفشلت في سوريا تكشفها وثائق السفارة السرية خبير اقتصادي لـ"الثورة": إعادة الحقوق لأصحابها يعالج أوضاع الشركات الصناعية عمال حلب يأملون إعادة إعمار المعامل المتضررة مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج هل سيضع فوز الليبراليين في انتخابات كندا حداً لتهديدات ترامب؟  بمبادرات أهلية تركيب 60 جهاز إنارة لشوارع دير الزور غرق عبارتين تحملان شاحنات بنهر الفرات الثورة" على محيط جرمانا.. هدوء عام واتصالات تجري لإعادة الأمن العفو الدولية": إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية في غزة ويجب محاسبتها   العراق تدعو لتسوية تضمن وحدة سوريا واستقراها 90 ألف غرسة مثمرة والخطة لإنتاج 69 ألف غرسة أخرى في القنيطرة ثانوية جديدة للعلوم الشرعية في طفس تعاون هولندي ومشاريع قادمة لمياه حلب بحث احتياجات حلب الخدمية مع منظمة UNOPS   المخابز تباشر عملها في درعا بعد وصول الطحين