ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم : ندرك تماماً وبالدليل الحسي والملموس أن جزءاً من الحرب الكونية التي تشهدها سورية كانت في المصطلحات، وندرك أيضاً أن بعضها تم تسريبه بحسن نية وبعضها الآخر تم زرعه في الضفة ذاتها، ولم يخفِ سوء نيته.
اليوم، تطل حرب المصطلحات بلون جديد وهي محمولة على أحجيات المبعوث الدولي الذي يتحدث عن مفاهيم تفتح بوابات جديدة لمصطلحات قد تكون الممر الاحتياطي لما فشلت الحرب الكونية، الإعلامية والدبلوماسية والسياسية في تمريره، وقد تُستخدم كمنصة لقصف سياسي جديد من عباءة المبعوث الدولي، لفتح جبهات حروب، وقد ارتدت تلك العباءة.
فحين صحح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مصطلح قوات حفظ السلام مستعيضاً عنه بالمراقبين، لم يكن فقط رفضاً لسيناريو يدرك سلفاً أنه غير بريء في توجّهاته، وإنما أيضاً تأطير لحدود التعاطي مع المسألة ومنع للالتباس وللحيلولة دون الدخول في متاهة جديدة يهمّ الغرب أن يدسّها عبر حقائب المبعوث الدولي، سواء عن حسن نية أو عن إغفال متعمّد لسوء النية الذي يتلبّس طرح الفكرة .
في كل الأحوال، لم تكن الملاحظات نابعة من سلة المصطلحات التي تقتضيها النسخة المعدّلة من خطة الغرب في حربه الكونية بمرحلتها الثانية، وما حشده من مرتزقة وإرهابيين لم تستثنِ حدود الصين، والتي طالت أيضاً كل التسميات، وإنما في الفرز الكلي بين الواقعي المحمول على معطيات جمعها المبعوث الدولي في جولته الأولى على الدول الإقليمية في المنطقة، وبين الحصيلة الهزيلة التي لمسها من التطبيق الفعلي لما طلبه أو استجداه من تلك الأطراف!.
فالواضح، أن هذه النسخة المعدّلة لا تكتفي بما أطلقته في نسختها الأصلية، ولا تقتصر على محاكاة أدوات حربها، التي تخوضها أطراف عربية وإقليمية بالوكالة، بل تسعى إلى تشميل جديد لأدوات كانت قد استُبعدت أو حُيدت وتقوم على أساس تجنيد كل ما هو متاح، مع تعديل في التسميات التي استُهلكت وخرجت من التداول، فكان لابد من لبوس جديد وعباءة لم تُستنزف خيوطها.
على هذه القاعدة، يمكن فهم مخاطر التحريف الذي يخرج من هنا أو هناك على الكثير من المصطلحات، تحت لافتة خطأ في الترجمة أو عدم التركيز، أو من دون الانتباه، وهذه في السياسة كما يعلم الجميع من المحرّمات، وهو ما يقتضي بالضرورة إعادة التركيز على ما لم يرد نصّ فيه مع فرز واضح وصريح بين ما هو بالون لاختبار ردة الفعل، وما هو اصطياد في الماء العكر، لا يمكن التغاضي عنه أو تجاهله!
لكن، ما يصعب فهمه ومن العسير هضمه أن ينأى المبعوث الدولي عن تسمية ما يحتاج إلى تسمية، وتحديد ما يتطلب تحديده، فيما يقفز إلى تسويق تسميات وأفكار لم يطلبها أحد إلا إذا كانت استجابة لأدوات الحرب الأميركية للاستمرار في هذا الاجترار والإضافة عليه، ومواصلة دعم الإرهابيين والمسلحين دون خجل أو حياء، والتجاوز إلى حدود غير مسبوقة!
فقطر كما تركيا، ليستا فقط طرفاً يؤجج الأعمال الإرهابية ويدعمها ويوفر لها المال والمسلحين، بل ذهبتا أبعد من ذلك، في التصيّد خلف المبعوث الدولي للإضافة هنا أو هناك والمزايدة حتى على الأوروبيين والأميركيين، وفي محاولة واضحة ومفضوحة لتصدير المأزق الذي بدأت المواجهة معه داخل أسوارهما، سواء تلك المحمية من القواعد الأميركية، أم تلك المستقوية باجتماع اللحى لديها.
فأوروبا التي ترقب مشهد اللحى بكثير من التوجّس، هي ذاتها التي بدأت بالقلق من التغلغل القطري وماله المشبوه في ضواحي المدن الأوروبية، ويتفاقم حين يقابل ببرود أميركي لم تجد فيه أوروبا إلا دافعاً لمزيد من القلق!!.
المعضلة، أن المال القطري الذي ينثر عبواته الناسفة في غير مكان، تقابله متفجرات الطرح التركي ومعاصي الفكر الوهابي وخزائن الجهاد القاعدي الذي بات حقلاً للاستثمار السياسي الأميركي في البازار الانتخابي المشتعل، وهي ترتدّ في موجات تسونامي، تمتدّ في العمق الغربي مثلما توغل في الداخل الإقليمي.
والأخطر، حين يراد تصديرها أو الهروب منها فتأتي بلبوس مصطلح، لكنها في النهاية ترتدي عباءة الحرب في نسختها الأصلية والمعدّلة، وقد تقمّصتها الأدوار المزعومة وتنازعتها المواقع المشتعلة على جبهات ساخنة، تدفع أطرافاً إقليمية وعربية لتتلمّس موضع أطرافها، وربما مصير كراسيها وعروشها!!.
a-k-67@maktoob.com