ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحريرعلي قاسم:
تطول لائحة الوعود أو «الضمانات» المسربة التي يتبجح التركي بأنه قدمها ويقدمها في كل حديث سياسي أو غير سياسي، ليضيف إليها في كل مرة ما يريب..!!،
ما دفع بالكثيرين إلى التساؤل المشروع عن الموقع أو الدور الذي يمكن أن يحتله نظام أردوغان الغارق حتى أذنيه في علاقة مشبوهة وصلت حد الصراحة مع مختلف التنظيمات الإرهابية، والمثقل بهموم داخلية لا تتيح له حتى التفكير أبعد من موضع قدمه وسط صفيح ساخن يضغط على الساحة التركية..!!
اللافت أن استحضار الكثير من المفردات فشل في تبرير الكثير من الثقوب والتهتكات التي برزت أو طفت على سطح الضمانات أو ترقيعها، وعجزت مختلف التوصيفات في تبرير الغوص في الاستدلال السياسي الناتج عن مرجعية الاستعمال، والذي يوصل في كثير من الأحيان إلى أن يخرج النص عن موضعه والمفردة عن سياقها العام، فتصبح سهلة الاستهلاك وأحياناً مطواعة في الاستخدام بحيث تفقد خاصية وجودها، وربما في موقع خارج موقعها الطبيعي، وصولاً إلى تحريف متعمّد لا يخلو من الخبث في استخدامه.
من هذا المنظور لم تكن النظرة إلى مسألة الضمانات تلك على أنها مجرد كتاب محمول يستطيع أن يصلح سياسة رعناء ومتهورة ومتورطة في كل ما شهدته المنطقة من غربها إلى شرقها، لينتج في النهاية طاولة تتبدل ملامحها وفي بعض الأحيان هويتها السياسية ومرجعياتها تبعاً للمناخ السياسي السائد، أو وفقاً لمزاج الجو العام الذي يفرض شروطه، فيما الميدان الصامت افتراضياً والمتحرك بجداول غير معلنة رسمياً يتجه نحو رسم إضافي لهوية الطاولة تلك وحدود المساحة التي تؤهلها لتكون فاعلة، أو ممكنة في ظل تساؤلات مشروعة عن مصداقية نظام أردوغان الذي يقدم نفسه نيابة عن إرهابيين ومرتزقة وقتلة، وهو بالأساس كان ولا يزال الجزء الأساسي من وجودهم وحضورهم، والأهم أنه المدبر والمنفذ لجزء كبير من جرائمهم وإرهابهم.
فالتركي الذي قدم تلك الوعود، وبعضها مكتوب، وكثير منها جاء كملحق إضافي في صيغ الحديث السياسي أو التفسيرات أو التحليلات، لا يمكن أن يكون طرفاً موثوقاً وبالتجربة، وبالتالي فإن جميع وعوده المكتوبة وغير المكتوبة تحمل الكثير من ظواهر الشك والريبة، وتدفع إلى الجزم بأن لائحة طويلة من العقبات والعراقيل لا بد أن تستمر في الظهور حتى لو تم الاتفاق على شكل ومضمون الطاولة المقترحة في الأستانة.
وهذا يعود إلى عاملين اثنين إضافيين يجعلان من العبث الاتكاء على تلك الوعود أو أخذها بعين الاعتبار، الأول يتعلق بمضمونها، والثاني يرتبط مباشرة بالطرف الذي يضمنه التركي، وهو التنظيمات الإرهابية التي يريد أن يعيد تعويمها تحت مسمى الرغبة في محاربة الإرهاب، والتي هي أحد أهم عوامل وجوده، بل الركيزة المعتمدة أصولاً في تفريخ الإرهاب وانتشاره على مدى السنوات الماضية، وهي كما يعلم الجميع أن لا صدق في نياتها، ولا ضمانات ولا وعود يمكن أن تلزمها إلا بما يقتضيه دورها الوظيفي في إطار مشروع الممول لها، وما عدا ذلك ليس أكثر من عبث في عبث لا طائل منه، ولا جدوى من التعويل عليه.
فالشمس لا يمكن أن يحجبها غربال الكذب من قبل النظام التركي ذاته، وبالدليل الملموس، إذ إنه فقط خلال أيام لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة كان عدد الإرهابيين الذين تجاوزوا الحدود التركية تحت أعين استخباراتها وحرس حدودها قد فاق المئات، ووفق بعض المصادر قارب الآلاف.. وجميعهم من المحسوبين على النصرة وبعض ما تفرخ عنها والتي ترفض ما سمي وقف الأعمال القتالية، والأدهى من ذلك أن المناطق التي ذهبوا إليها كانت بتنسيق مسبق مع الاستخبارات التركية أو بناء على معلومات مستقاة بالأساس من لائحة تلك الاستخبارات، أو بطلب مباشر منها.
والأكثر منه.. ونحن فقط على مسافة بضعة أيام، لم يعلن أي فصيل أو تنظيم ممن تعهد النظام التركي بأنه سيكون من ضمن لائحته المعتمدة أنه على استعداد لمحاربة النصرة ومواجهة الإرهاب، وأن كل ما أعلنه حتى اللحظة التزامه بما يقرره التركي وهذا يكفي على الأقل للحكم على النتائج ما دامت هذه هي المقدمات!!
لا أحد لديه أوهام بأن من راهن على الإرهاب وكان شريكاً له على مدى سنوات خلت سيصبح بين ليلة وضحاها نقيضاً له أو محاوراً في جبهة مواجهة له، حتى لو اقتضت الضرورة الاستدارة أو الانعطافة، وحتى إذا جاءت تحت ضغط الضرورة القسرية نتيجة اختلاف في الأجندات أو اختلاف على الأهداف أو تعارض في المحددات، فمن شب على شيء شاب عليه، ونظام.. رئيسه كان أحد عتاة التفكير الإرهابي لن يكون غير ذلك وإن خرج من جلده، فهو لبعض الوقت ولن يكون لكل الوقت والأيام بيننا، سواء كانت بضمانات ووعود أم من دونهما.. فالأمر سيان، حيث الضمانات والوعود يمكن المحاججة فيهما وفي عيوبهما، أما التركي وظله الثقيل والمريب، فلا ثقة به ولا مصداقية له.!!
a.ka667@yahoo.com