الثورة أون لاين: "أسرار العربية"إصدار جديد لمجمع اللغة العربية بدمشق في طبعته الثانية أشرف عليها الدكتور ممدوح خسارة عضو المجمع وكانت الطبعة الأولى قد صدرت عن المجمع عام 1957 وقد عني بتحقيق الكتاب محمد بهجت البيطار عضو المجمع أما المؤلف فهو الإمام أبي البركات عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد الأنباري. يقع الكتاب في أربعمئة صفحة من القطع الكبير وهو تجليد فني ويتوزع على أربعة وستين باباً تستوفي علوم العربية وأسرارها واللطيف في الأمر أن المؤلف يبحث بأسرار العربية دون تعقيد أو تقعير فتأتي المعلومة سلسة يفهمها القارئ دون الغوص في تفاصيل كثيرة. ومن الباب الثاني الذي جاء تحت عنوان باب الإعراب والبناء نقتطف معلومات مهمة في معنى الإعراب.
إن قال قائل: لم سمي الإعراب إعراباً والبناء بناءً؟
قيل: أما الإعراب ففيه ثلاثة أوجه أحدها: أن يكون سمي بذلك لأنه يبين المعاني مأخوذ من قولهم: أعرب الرجل عن حجته إذا بينها ومنه قوله "ص" الثيب تعرب عن نفسها أي تبين وتوضح قال الشاعر:
وجدنا لكم في آل حاميم آية تأولها منا تقي ومعرب
فلما كان الإعراب يبين المعاني سمي إعراباً والوجه الثاني أن يكون سمي إعراباً لأنه تغيّر يلحق أواخر الكلم من قولهم :"عربت معدة الفصيل" إذا تغيرت فإن قيل "العرب" في قولهم"ِعربت معدة الفيصل" معناه الفساد وكيف يكون الإعراب مأحوذاً منه؟ قيل: معنى قولك: أعربت الكلام أي أزلت عربه وهو فساد وصار هذا كقولك: أعجمت الكتاب إذا أزلت عجمته وأشكيت الرجل إذا أزلت شكايته وعلى هذا حمل بعض المفسرين قوله تعالى: "إن الساعة آتية أكاد أخفيها" أي: أزيل خفاءها وهذه الهمزة تسمى: همزة السلب والوجه الثالث أن يكون سمي إعراباً لأن المعرب للكلام كأنه يتحبب إلى السامع بإعرابه من قولهم: امرأة عروب, إذا كانت متحببة إلى زوجها قال الله تعالى: "عرباً أتراباً" أي متحببات إلى أزواجهن فلما كان المعرب للكلام كأنه يتحبب إلى السامع بإعرابه سمي إعراباً.
وأما البناء فهو منقول من هذا البناء المعروف للزومه وثبوته.
فإن قيل: فما حد الإعراب والبناء؟ قيل: أما الإعراب فحده اختلاف أواخر الكلم باختلاف العوامل لفظاًَ أو تقديراً وأما البناء فحده لزوم أواخر الكلم بحركة وسكون.