ثورة أون لاين – ياسر حمزة:
يقاس تطور الشعوب بما تنتجه من عدد المطبوعات وما تترجمه عن ثقافات الشعوب الاخرى ،. وإذا تطرقنا إلى المقارنات بين الآخر وبيننا نحن العرب، فسنجد أنفسنا في ورطة كبيرة، وبالأرقام :
ما يترجم سنويا ًعربياً لا يتعدى عشرة آلاف كتاب وهذا عدد ما تترجمه دولة صغيرة مثل بلجيكا وما طبعته إسبانيا عام 2006 في المئوية الرابعة لسيرفانتس تجاوز ما طبعه العرب من عهد المأمون إلى اليوم.
ما تترجمه الدول العربية مجتمعة في السنة الواحدة لا يعادل خمس ما تترجمه اليونان وحدها في العام الواحد .
أغلب الترجمات نشاط فردي لا تنظمه قوانين ولا يخضع لمعايير محددة ولهذا أسبابه أيضا ومن أهمها أن أجور الترجمة ما زالت تحسب بالقروش وأبعد من ذلك أن ما تتم ترجمته –على قلته – هو الأعمال الأدبية , بسبب رواجها أكثر من الأعمال الفكرية ولأنها تلبي الرغبة التجارية الغالبة على عمل دور النشر.
وسطياً، تطبع أي دار نشر عربية كبيرة ثلاثة آلاف نسخة من كتاب جيد، وتشارك به الدار في ستة عشر معرضاً في الدول العربية، ومع هذا يدور الكتاب لمدة خمس سنوات كي ينفد. وإذا حسبنا هذه النسبة إلى عدد سكان الوطن العربي، فإننا سنصاب بالإحباط، إذ تظهر النتيجة أن هناك كتاباً لكل مئة وستة عشر ألف عربي.
تطبع بريطانيا وسطياً من كل كتاب خمس وثمانين ألف نسخة، أي بمعدل كتاب لكل سبعمئة بريطاني.
العالم أجمع يستهلك نحو مئة مليون طن من ورق الطباعة، ولا يكاد نصيب العرب من هذه المئة مليون يذكر، إذ إن ما يتم استهلاكه من الورق حول العالم ينشر باللغات الإنجليزية والفرنسية الروسية والألمانية، وتتقاسم باقي لغات العالم –التي تصل إلى أربعة آلاف لغة – النسبة الباقية، أي الخمسة بالمئة.
وصلت أرباح الناشرين في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أربعة وعشرين مليار دولار عام 2009، بينما لم تصل نسبة أرباح مبيعات الكتب في العالم العربي مجتمعاً إلى أربعة ملايين دولار سنوياً. وهي نسبة مرعبة وتنذر بالخطر، إذا عرفنا أن عدد سكان الوطن العربي يفوق عدد سكان الولايات المتحدة، وأن سوق الوطن العربي واسع.
العالم ينشر حوالي مليون عنوان سنوياً، بما مجموعه عشرين مليار نسخة، وهي تحتاج لحوالي ثلاثين مليون طن من الورق، وهو يكفي لتغليف الكرة الأرضية سبع مرات.
أوروبا تنتج أكثر من نصف الكتب، وتليها آسيا حوالي الربع، ثم أمريكا الشمالية، فالجنوبية، ثم أستراليا ثم أفريقيا في نهاية القائمة.
تتصدر روسيا المركز الأول في صناعة الكتاب، تليها الولايات المتحدة، ألمانيا، اليابان، بريطانيا، فرنسا، إسبانيا، الصين، كوريا الجنوبية، كندا.
تتصدر اللغة الإنكليزية قائمة الكتب، حيث يصدر باللغة الإنكليزية أكثر من ستين بالمئة من الكتب في العالم، ثم تأتي بعدها اللغة الفرنسية، فالألمانية، فالروسية. وبهذه اللغات الخمس ينشر أكثر من 95 بالمئة من الكتب في العالم.
وإذا نظرنا إلى الـ 5 بالمئة الباقية، والتي بينها العرب، فإن نسبتهم فيها لن تتجاوز الاثنين في المئة، على أحسن تقدير.
ندرك أن النشر العربي في حالة يرثى لها، وهناك أسباب كثيرة أدت إلى تدهور حالة نشر الكتاب وتسويقه. وفي مقدمتها الرقابات الكثيرة التي ترهق الناشر، إضافة إلى ارتفاع أسعار الورق والأحبار والجمركة بين الدول العربية وكذلك ارتفاع أسعار الاشتراك في معارض الكتب، والتي تمنع في كثير من الأحيان عدداً من الدور الصغيرة من المشاركة في المعرض، ما يزيد من حالة التردي.
هذه أسباب ظاهرة للعيان ولكن عدم دعم المؤسسات الحكومية العربية هو سبب رئيس لتردي حالة الترجمة من – وإلى اللغات الأخرى إضافة إلى دعم الكتاب غير المترجم.