ثورة أون لاين- أسعد عبود:
كي لا أقول.. أُفول الدراما…
تناسخٌ وتكرار، صور ومشاهد دون مضامين تثير الشغف أو صورة مدهشة.. حتى لم تعد لها الخصائص الممكنة ولو هشة تميز السوري منها عن اللبناني أو التركي… أو المصري أو.. وإن كان – والحق يقال – المصريون حافظوا على سوية ليست شديدة التألق لكنها لم تتراجع.
الدراما المصرية أثبتُ في خطواتها ومسيرتها، هي تبعت الطريق الطويل للوصول، وطالما أن ثقافة النقل الفني والروائي والقص العربي هي ثقافة الكلام.. فقد ولدت الدراما التلفزيونية المصرية من رحم الدراما الإذاعية، لم تبدُ شغوفة بما سموه (لغة الكاميرا) في حين أوغلت الدراما السورية بعيداً في هذا الخيار محققة تألقاً استمر لسنوات.. ونراها اليوم تراوح في مكانها.. ويا ليتها تراوح..
تناسخ للقصص والحكايات والصور والموضوعات.. وحتى تناسخ للممثلين والممثلات..
فإذا كانت الدراما المصرية استطاعت أن تحقق خط مسار متطوراً وجيداً على صعيد الحوار.. فإن الدراما السورية فقدت الجانب الكبير من دهشة تصوير الحدث لا قصه، واختيار النصوص المناسبة.
هل كل ذلك بسبب الظروف القائمة…
لا يستطيع متابع حيادي وموضوعي أن ينكر تأثير الحالة السورية على الدراما التي كانت تنتج في هذا البلد… فهي بالمحصلة ابنة البلد.. لكنها وقبل أن يبدأ الخراب كانت العلة تتوضح أكثر وأكثر في الدراما، علامات الإصابة أخذت تعبر عن نفسها بأشكال عدة، قبل أن تبدأ الأحداث، منها:
أولاً – الاندهاش المجاني الذي بدأت تعبر عنه الأوساط المعنية بما فيها أوساط الهيئات المسؤولة التي نقلت مهمتها من المتابعة الجادة والدعم الأكيد.. إلى الإعجاب دون أي فرصة للتوقف ولو قليلاً عن قرع الطبول.. فتحولت وسائل دعم الدراما إلى صخب محاصرتها بمجانية الإعجاب وجدية الحصار.
ثانياً – تكرار المواضيع وتمديد المسلسلات وتوليد الممثلين والممثلات من أرحام سابقيهم.. ما عبر عن استعصاء الولادة التي يفترض بها أن تكون متجددة ومستمرة وعجز عن تجديد الكادر الدرامي إن صح التعبير.. سواء الكاتب والمخرج والممثل.. أم الكادر التقني الذي يقوم بتنفيذ العمليات الفنية.. تصوير.. مونتاج.. صوت.. إلخ.
ثالثاً – تحول النشاط الدرامي إلى بازار لاستثمار الأموال فيه.. هذا من ناحية المبدأ لا يشكل خطراً محدقاً.. بل لعله من الجيد أن يوظف أصحاب الثروات أموالهم في الدراما.. لكن.. بشرط ألا تضغط أموالهم على خيارات المستوى الفني والفكري للعمل الإبداعي..
الخطر المحدق كان يوم خرق المال الخليجي (درامانا).. وأخشى أنه خرق كل دنيانا.. حتى الفكر والأدب والسياسة.. ويوم عصفت بأيامنا العواصف مسك الخليج بأمواله ليجرد الدراما من سوريتها.. وقد نجح إلى هذا الحد أو ذاك.. ويوم احتاج هذا النشاط من ينقذه اكتشفنا هزالة مجلدات القرارات التي وزعت مهمات خاصة متخصصة على من لا خصوصية تذكر لهم..!!
الحالة السورية.. نعم.. لكن كان يمكن للدراما أن تكون مؤثرة إيجابية لو تولاها من يحسن قيادتها.. بدلاً من أن تكون متأثرة عاجزة.