ثورة أون لاين- علي نصر الله:
انشغلت وسائل الإعلام العالمية كثيراً بما جرى توصيفه من أنّه أزمة مُتفجّرة بين السعودية وكندا، قفزت سريعاً إلى الواجهة، وبدت كذلك لأنها تخطت كل الحدود وصولاً إلى سحب وطرد السفراء والبعثات الدبلوماسية،
وتوقيف الرحلات الجوية، فضلاً عن أنها فتحت سجالاً سياسياً دبلوماسياً إعلامياً حادّاً بين البلدين .. لماذا؟ فقط لأن كندا قالت كلمة – هي ناعمة إذا ما قيست بالواقع – بحق المملكة الوهابية تتعلق بحقوق الإنسان.
هل يوجد في المملكة الوهابية قوانين أو دساتير أو مؤسسات أو تقاليد عمل؟ وهل يوجد فيها أي حقوق مُصانة يحفظها القانون، ليكون هناك ادّعاء جدير بالاحترام من كندا أو سواها بأنّ هناك ثمة حقوق للإنسان تُنتهك وينبغي تسجيل اعتراض سياسي؟ وهل اكتشفت كندا وغيرها هذه الانتهاكات اليوم، لتَعترض أو لتَنتصر للمُنتهكة حقوقهم؟.
هل من البطولة – كما جرى تصويره – أن تتخذ المملكة الوهابية القرارات والإجراءات التي اتخذتها رداً على الاعتراض الذي سجلته الحكومة الكندية؟ أم أنها فعلت ما فعلت بوحي أميركي أو بأمر عمليات من واشنطن للضغط على كندا التي كانت وما زالت تابعاً للولايات المتحدة لكنّها قالت في قمة مجموعة السبع التي استضافتها مُؤخراً ما لا يروق لأميركا، فَوَجَبَ أن تتلقى جواباً من أتفه أدوات أميركا في العالم؟.
أميركا المُتغطرسة المُتوحشة تأمر، أعرابٌ مُنافقون خَونة أدوات تحت الطلب، يُطيعون بلا مناقشة فقط الأوامر الأميركية والصهيونية، هذا هو أُس القضية وأساس ما قيل أنها أزمة مُتفجرة مع كندا، لا علاقة لها بحقوق الإنسان في السعودية ولا بالانتهاكات التي تدّعي كندا الحرص على وقفها حماية أو التزاماً فهي جزء من منظومة عالمية مُنافقة لا تتجرأ على قول حرف إدانة واحد للكيان الصهيوني ولمُمارساته العنصرية ضد الفلسطينيين!.
ليس هناك من أزمة بين السعودية وكندا، بل ليس هناك من خلافات بين السعودية وأخواتها مع قطر ونظامها الأخواني الذي كان وسيبقى تفصيلاً في النظام الخليجي العميل، وجزءاً من مجلس التآمر الخليجي الذي يَطعن فلسطين والأمة، ولا يخدم إلا أميركا والغرب وكيان الاحتلال الصهيوني.
موقف الحكومة الكندية من الاتفاق النووي الإيراني، الذي يُعارض خروج الولايات المتحدة منه، وموقفها من مسألة الرسوم والحرب التجارية الاقتصادية الأميركية ضد الحلفاء والشركاء، هو ما استدعى من البيت الأبيض توجيه رسالة استعراضية إلى جاستن ترودو تؤكد له تَعدُدَ وسائل وسُبل إعادته إلى بيت الطاعة الأميركي، بل ربما أرادت واشنطن أن تُوجه لبلاده إهانة من مُستوى أن تجعل السعودية – كمندوب عن أعراب تحت الطلب – تشتبك معه على أكثر التفاصيل تفاهة!.