أعطانا المصرف العقاري على مدى السنين فكرة أنه من المصارف السورية الأكثر شجاعةً وإقداماً، حيث تصدّى بشكلٍ واسع لقضية تمويل السكن على مستوى البلاد ككل، حتى قيل إن هناك ما لا يقل عن 30% من مساكن سورية ومحلاتها، غدت مرهونة للبنك العقاري ريثما يستكمل أصحابها تسديد أقساط القروض المسحوبة من البنك، والذي كان يمنحها عند الشروع في البناء أو الإكساء أو الترميم، أو حتى عند الشراء.
وكان للمصرف العقاري دور سبّاق في إدخال أحدث التقنيات إلى النظام المصرفي السوري، فهو الذي بادر إلى تهيئة الظروف الفنيّة والبُنية التحتيّة التي أتاحت إدخال أنظمة الصرّافات الآلية إلى سورية، وكان أول المصارف التي تعاطت معها، وبكفاءةٍ عالية.
وقام المصرف العقاري بعد ذلك بحملةٍ فاجأت الأوساط الاقتصادية والحكومية والشعبية، حملة سمعنا عنها لأول مرة، من أجل توطين الرواتب، وحقق العقاري من خلالها نجاحاً باهراً، حيث استحوذ على نصيبٍ كبير من الرواتب الموطّنة، فقد تمكّن من توطين رواتب لأكثر من مئة جهة، ولا يزال يسعى للمزيد من التوطين.
نقول هذا الكلام كله لنكون شهوداً على هذه الحقيقة أولاً، ولنبرّر لأنفسنا الاستغراب – ثانياً – من الأمر الذي سنحكيه لاحقاً، وهو أنّ المصرف العقاري على الرغم من هذه المبادرات كلها، لم يعرف حتى الآن أن يدرك أهمية تواجده في مدينة عدرا العمالية، ولم يُعِرْ هذه المسألة أي اهتمامٍ يُذكر، على الرغم من أنّ جميع المساكن الموجودة في هذه المدينة، هي زبائن حتميّة للمصرف العقاري، فكلّ شقّة من الشقق هناك، مكلّفة شهرياً بأداء قسطٍ للمصرف العقاري، والناس تتكبّد المعاناة باستمرار، لتسديد هذا القسط في إحدى فروع دمشق، وهذا أدّى – إلى جانب صعوبة ترتيب ذلك – إلى اضطرار الكثيرين للتخلّف عن التسديد، واضطرارهم أيضاً للوقوع تحت وطأة غرامات التأخير في التسديد، وأحياناً تعرّضهم لمخاطر خسران مسكنهم.
ما نريد قوله إنّ المصرف العقاري الذي امتاز بتلك المبادراتِ كلّها، هل يُعقل أن يكون عاجزاً عن إحداث فرعٍ له، أو على الأقل مكتبٍ في مدينة عدرا العمالية..؟ ويقوم من خلاله بتحصيل تلك الأقساط الإلزامية شهرياً، كما يمكنه ممارسة مختلف الأعمال المصرفية الأخرى من سحبٍ وإيداع، وغير ذلك، وصار من الضرورة القصوى وجود صرّافٍ آلي في مدينة عدرا العمالية، المرهونة بالكامل للمصرف العقاري.
في الحقيقة إننا لا نستطيع أن نستوعب بأنّ المصرف العقاري يبدو وكأنه يمارس الهروب من مدينة عدرا العمالية، في الوقت الذي تكنُّ له هذه المدينة كل مودّةٍ وتقديرٍ ومحبةٍ والتزام..! فهل يُبادلنا الحب..؟
علي محمود جديد
التاريخ: الأثنين 26-11-2018
رقم العدد : 16845
السابق
التالي