هذه الــ (نحنُ) أقصد بها نحن المواطنين المستهلكين لمنتجات المنتجين، فلولانا نحن، لما استطاع المنتج أن يعمل وينتج، ولولانا نحن لما استطاع التاجر أن يعمل ويُتاجر.
هذه حقيقة، ونحن فعلاً مصدر رزقهم والرصيد الأساسي لحمايتهم، واستمرارهم في العمل، فلماذا يفعلون بنا هكذا، ويمارسون علينا هذا الجور كله وبلا رحمة، ويستمتعون بهذا الكيّ الموجع الذي يكووننا به من خلال أسعارهم التي يُشعلونها في وجهنا..؟!!
صحيح أن تكاليف المواد الأولية ارتفعت، ومختلف تكاليف الصناعة أيضاً، ولكن ليس إلى هذا الحد الجنوني إطلاقاً، فأفضل الألبسة الرياضة مثلاً – وحسب ما قاله لنا بعض صنّاع النسيج الخبراء الذين لم يتخلّوا عن ضمائرهم – لا تزيد تكلفة قماشها على 3500 ليرة، وتكلفة خياطتها وطباعتها وأمبلاجها، ليست أكثر من 2000 ليرة، فيكون المجموع 5500 ليرة، ولنفترض من عندنا أن هناك نفقات أخرى غير مرئية، كتكاليف نقل، والكلف التي تسددها محلات البيع، وما إلى ذلك تصل إلى 2000 ليرة، فيكون السعر المناسب 7500 ليرة، ولنفترض جدلاً أن البائع زاد على هذه التكاليف 20% كأرباحٍ له، وهي هكذا من أعلى نسب الأرباح الممكنة لأفضل الاستثمارات، فتكون قيمة هذه النسبة 1500 ما يعني أن السعر يجب ألا يتعدّى 9000 ليرة، في حين تباع بأضعاف مضاعفة تتراوح بين 18000 و25000 وتصل أحياناً إلى 30000 ليرة سورية..!!
هذا غير معقول، وهذه ليست تجارة ولا ربحاً، هذا شكلٌ من أشكال النصب والنّهب، يمارسونه علينا، وغير آبهين لكوننا نحن الأساس بتشغيلهم، وحمايتهم، ونحن مصدر رزقهم، وكأنهم غير خائفين من أن نتصرّف ونأخذ صلاحياتنا الطبيعيّة كمُشغّلين لهم، بأن نعاقبهم، ونوقفهم عند حدّهم، ونتخذ إجراءاتنا كأرباب عمل.. ولكن كيف..؟ هل من أحدٍ يدلّنا كيف..؟! أعتقد لا أحد يعرف.. ولا نحن نعرف، ولا سيما مع غياب ثقافة حماية المستهلك، فلا إجراءات حقيقيّة رادعة في هذا الإطار، ولا جمعيات فعّالة أو جادّة، أو مزوّدة بالوسائل الكافية لتثبيت وضعنا كأساسٍ تستند عليه العمليات الإنتاجية برمّتها.
إننا بالفعل الأساس، ولكن يبدو أننا أساساً نحتاج لمن يُسيّجنا بحمايته.
علي محمود جديد
التاريخ: الأثنين 24-12-2018
رقم العدد : 16868
السابق
التالي