التوحيدي في بيتنا

بعد فورة الشباب وما مضى من العمر, خف النزق الذي لازمني ردحاً من العمر, ولا أفشي سراً أني كنت مستعداً لأن أشاكس اي اي أحد, وربما لأن لكل منا من اسمه نصيب, فبعد الخمسين روضتني أمور كثيرة, وكما يقال ونعم الدهر مؤدباً, لكن وجود الطفولة بيننا في مثل هذا العمر أعطت معنى آخر, واخضلت الدنيا من جديد, وعلى رأي بدوي الجبل: لو غرد في ظامئ الرمل أعشبا..
بكل الأحوال, ليست سيرة حياتي, ولا هي محطات, لكنها لقطة من حيواتنا الاجتماعية, في بيتنا الصغير حتى الآن لم نشعل مدفأة أبداً, حين تأتي الكهرباء نخالف تعليمات الدنيا كلها ونشعل سخانة صغيرة, بعدها وهي نعمة لا تدوم نتلفع ما يغطينا, ما نحاول أن نتقي به شراً مستطيراً من الرشح والزكام, وغير ذلك, ومن نعم الله علي أني أنام باكراً بعد العودة من زيارة الحفيدتين والجلوس قرب المدفأة التي تشتغل وقتاً قصيراً بعد أن ادخرنا ما كان لدي من بقايا المازوت, تركناه لهما.
أمس فجأة كان النقاش, بل السؤال المر: لماذا لم نعبئ مازوتاً حتى الآن, هكذا جاءني سؤال (حكومتي)؟ لا أدري لماذا كان السؤال, وهي تعرف الجواب, لكني التمست العذر, برد قارس يقطع المسمار كما يقال, سؤال لا أبحث عن إجابة له, ولا هي, لأننا (بسنا الأيادي) ممن نعرف أو لا نعرف من أجل الحصول على كمية تعين الصغيرات على الشتاء, لكن من دون جدوى, جارنا الذي أحب كان قبل يوم واحد قد استقدم صهريجاً وعبأ, سألت المعنيين بالأمر المرافقين للصهريج عن اسمي, قالوا: لا اسم لك>; مع …
لست وحدي في هذا الصقيع من يشكو, ولا أظن أني كنت سأفعل لولا بنيات كزغب القطا, جال في خاطري لو أني كنت في القرية لأعملت المنشار بكل شجرة أمامي, تينا, جوزاً, لوزاً, أيا كانت لن أقف أنظر إليها بعين الرضى والصمت وشتاء قاس ينخرنا من الوريد إلى الوريد, وتقفز إلى الذهن جوقة الاحتفاء بالشجرة كل عام, ونشر ما يسمونه الوعي بأهميتها, ولكن السؤال يعود: كيف سأعتني بشجرة ما وأنا أرقص برداً؟
ماذا لو أن الجهات المعنية عملت على التخطيط السليم, من الصيف, أليست تكلفة توزيع الوقد أقل من تكلفة إعادة التشجير؟ ماذا لو أن حساً بالاحترام لنا كان موجوداً عند البعض, وصرفوا نصرنا الميداني والسياسي, نصراً اجتماعياً, ماذا لو أن ربع ما يخطط له ويضخ إعلامياً تم تنفيذه؟
وماذا, وماذا, تهل الأسئلة, وتقفز لو, تعيد نفسها مرات ومرات, ويشط بي الخيال إلى حفيدتي, ولم يبق لهما من الوقود ما يكفي لأيام, يشط بي الخيال إلى كل طفل في هذا البرد, بل الموت المجاني؟ ماذا نفعل, وكيف؟ آه لوكنت طائر البجع, ولكني (لسته)..
أصمت قليلاً , لا شيء يجعلنا ننكسر إلا دمعة طفل, أي طفل, حرمانه, تطفر الدمعة وحين أواريها.. تقع عيناي على كتاب كنت أحضرته من المكتبة, وأعلن بسري أني وجدتها, سيكون كل كتاب عشته جوعاً, حرماناً, تعباً, تقتيراً على النفس حتى أشتريته, سيكون وقوداً في مدفأة, فالحبر الذي كتب وأنجز وأعطى وقدم هراء, هراء, لا معنى له, اليوم أدركت وليس مقارنة, لماذا أضرم أبو حيان التوحيدي النار في كتبه, لا تحزنا: فما تراكم من تعب وقهر وموت زؤام حتى كانت هذه المجلدات, أدخرته لهذا اللحظة, لم يفلح حيث يجب أن يفلح, فليكن هنا.

ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 18-1-2019
الرقم: 16888

آخر الأخبار
في ختام الزيارة.. سلام: تفتح صفحة جديدة في مسار العلاقات بين لبنان وسوريا  محافظ اللاذقية يلتقي مواطنين ويستمع إلى شكاويهم المصادقة على عدة مشاريع في حمص الأمن العام بالصنمين يضبط سيارة مخالفة ويستلم أسلحة مشاركة سوريا في مؤتمر جنيف محور نقاش مجلس غرفة الصناعة منظومة الإسعاف بالسويداء.. استجابة سريعة وجاهزية عالية صدور نتائج مقررات السنة التحضيرية في ظل غياب الحل السياسي.. إلى أين يتجه السودان؟  الرئيس الشرع يستقبل سلام دمشق وبيروت.. تصحيح مسار العلاقات حاجة ملحة وفد من وزارة الدفاع يتفقد محور سد تشرين بريف حلب الشرقي  لقلة الهطولات المطرية.. برنامج لتزويد دمشق وريفها بالمياه تركيب مضخات لآبار عتيل والثعلة وصلخد تشغيل بئر مياه في عدرا صناعيو حلب يطالبون بزيادة ساعات التغذية الكهربائية إعادة المفصولين بسبب مشاركتهم في الثورة لعملهم خطوة لطي صفحة الظلم وتعزيز الثقة برسم الحكومة.. ملفات اقتصادية " نائمة " في حلب تنتظر إحياءها وزير الدفاع التركي: استقرار سوريا بالغ الأهمية لمستقبل المنطقة رفض قطري ومصري لتهجير الفلسطينيين تميم والسيسي : أهمية الحفاظ على وحدة واستقرار سوريا الضابطة العدلية تصادر ٣٥ طائرة "درون" من أسواق دمشق وفق شروط جديدة.. "الصحة" دمج الأطباء المنقطعين والحاصلين على شهادات البورد ضمن برامجها