«إسرائيــــــــل» وأوهام القوة

منذ بداية الأحداث في سورية ونحن نشاهد الكيان الصهيوني يقدم على ارتكاب أعمال عدائية وعربدات بذرائع واهية تجلت في أعتى صورها ليلة أمس، حيث شهدنا الصواريخ الإسرائيلية تستهدف محيط دمشق وجنوب سورية. بيد أن وسائط دفاع الجيش العربي السوري كانت لها بالمرصاد وتصدت بكفاءة عالية لتلك الاعتداءات. وقد ذكرت تقارير صادرة عن العديد من الجهات بأن قوات الاحتلال الإسرائيلية شنت أكثر من 220 هجوماً بادعاء أن هدفها العسكري يتمثل في «إخراج القوات الإيرانية من سورية». لكن الواقع يؤكد بأن ثمة أهدافاً وغايات سياسية بعيدة ولاسيما بعد الانتصارات المتعاقبة التي حققتها قواتنا المسلحة على امتداد الأراضي السورية، والإعلان الذي بثه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن عملية انسحاب قواته بتاريخ 19 كانون الأول، بالإضافة إلى قضايا الفساد والرشوة التي تلاحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
منذ بداية الأزمة في سورية عمد الكيان الصهيوني إلى إظهار ثقة مفرطة بقدراته وإمكانياته، وبرز ذلك على نحو جلي فيما أعلنته وسائل الإعلام الإسرائيلية من تبجح بما يقوم به جيش الاحتلال من اعتداءات على سورية، لكن الواقع يؤكد بأن تلك الهجمات لم تحدث إلا تحسباً مما حققته دمشق بمساعدة حلفائها في روسيا وإيران وحزب الله، عندما تمكنت من تطهير مساحات شاسعة من براثن الإرهاب واستعادة السيطرة على معظم أراضي البلاد بما في ذلك المنطقة المتاخمة للجولان السوري المحتل التي استغلتها إسرائيل لتكون منطلقاً لمؤازرة التنظيمات الإرهابية التي اتخذت من الجنوب السوري وكراً لها، لكنها في النهاية منيت بهزيمة نكراء على أيدي أبطال الجيش العربي السوري بالرغم مما تلقته من مساعدات عسكرية ولوجستية لمؤازرتها ومساندتها الأمر الذي أصاب حكومة نتنياهو بخيبة أمل ممزوجة بغضب قاد بها إلى ارتكاب حماقات دون تحقيق أي هدف من أهدافها.
لقد دأب الكيان الصهيوني ومؤيدوه في الولايات المتحدة على بذل قصارى جهودهم لإقناع إدارة ترامب بتوظيف الوجود العسكري الأميركي في المنطقة لدعم الحملة الإسرائيلية في مساعيها الرامية إلى إشعال حرب مع إيران، حيث يلاحظ أنه في مطلع عام 2018 عمدت تل أبيب إلى تصعيد هجماتها الجوية ضد أهداف زعمت أنها إيرانية في سورية مستندة إلى حجج واهية تدعي بها أن الغاية من تلك الهجمات تقوم على منع طهران من نقل صواريخ عالية الدقة ومتقدمة من سورية إلى حزب الله في لبنان (على الرغم من معرفة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بعدم صحة ما يُروج له). إلا أنه خلال عام 2018 عمدت قوات الاحتلال إلى إضافة ذريعة أخرى لتبرير هجماتها وهي: «إرغام إيران على الانسحاب من سورية».
ولتحقيق أهدافها، أخذت «إسرائيل» بتبني استراتيجية تقوم على بث اعتقاد يقول بأن حرباً ستنشب بين طهران وتل أبيب في سورية إن لم تتدخل روسيا وتمارس ضغوطها على الإيرانيين. وفي 18 نيسان الفائت عمد درور ميشمان العضو البارز في طاقم نتنياهو لإعطاء موجز حول تلك الاستراتيجية علنا للمرة الأولى، وأوضح بأن إسرائيل تعمل على تصعيد هجماتها في سورية بهدف استفزاز إيران لعلها تقوم برد فعل عسكري انتقامي.
لقد بات معلوماً بأن حكومة اليمين الحالية التي يرأسها نتنياهو حريصة على تصدير أزمتها عبر الحدود لصرف الانتباه عن المشاكل التي يواجهها نتنياهو، إذ تجري في هذه الآونة تحقيقات متواصلة بشأن تقاضيه الرشوة وارتكاب الفساد بالإضافة إلى توصيات الشرطة الإسرائيلية بتوجيه العديد من التهم إليه. كما شهدنا على الصعيد المحلي الإسرائيلي قلقاً اقتصادياً يلوح في الأفق إذ بينت دراسة أن 60% من الإسرائيليين يسودهم القلق أو القلق البالغ تحسباً من عدم تمكنهم من الإنفاق على أطفالهم، بينما أعرب 65% عن خشيته من عدم امكانية الادخار للمستقبل. وإزاء تهم الفساد التي طالت رئيس الحكومة الإسرائيلية واقتراب موعد الانتخابات في الربيع المقبل والتي ستكون ساخنة وجدنا نتنياهو يعمد إلى اتباع كافة السبل التي تصرف الأنظار عما يحيق به من فشل ذريع.
لا ريب بأن الغارات الصاروخية الإسرائيلية تعتبر عدوانا واعتداء غير قانوني، لكن لم نشهد إدانة توجهها الهيئات المعنية في منظمة الأمم المتحدة، كما لم تول الدول الأعضاء في هذه المنظمة اهتماما لانتهاكات القانون الدولي، في الحين الذي تناهض به وتشجب أي إدانة ومحاسبة للكيان الإسرائيلي مهما كان بسيطا. وينطبق ذات الأمر على وسائل الإعلام المتواطئة والتي تعمل بذات الأسلوب المتحيز إذ نشاهد الماكينة الإعلامية تنبري لإبراز ما يلحق بإسرائيل من ضرر مهما كان محدودا، بينما تلتزم الصمت المطبق إزاء هجمات القوات الإسرائيلية على الدول الأخرى حتى لو كانت عنيفة ومخالفة للقانون الدولي، ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل أنها تعتبر الأعمال العدائية الإسرائيلية تهدف إلى الدفاع عن النفس!.
إن ما نشاهده من عمليات للقصف بين الفينة والأخرى تعبر عن واقع دأب عليه الكيان الصهيوني منذ نشأته دون أن يأخذ باعتباره ما يمكن أن تفضي إليه تلك الاستفزازات من تعميق العداء له وجعل أي توجه للتسوية في المستقبل بعيد المنال مما يلحق الضرر بالمنطقة بأسرها، حيث ستكون «تل أبيب» من أكبر المتضررين لأن ما تتبعه من عمليات الهدف منها إشعال الحرب في المنطقة لن يجديها نفعاً وستكون أكبر المكتوين بنار الحرب وأكثرها دماراً.

 

ليندا سكوتي
التاريخ: الثلاثاء 22-1-2019
الرقم: 16891

 

 

 

آخر الأخبار
تعاون اقتصادي وصحي بين غرفة دمشق والصيادلة السعودية: موقفنا من قيام الدولة الفلسطينية ثابت وليس محل تفاوض فيدان: الرئيسان الشرع وأردوغان ناقشا إعادة إعمار سوريا وأمن الحدود ومكافحة الإرهاب رئيس مجلس مدينة اللاذقية لـ"الثورة": ملفات مثقلة بالفساد والترهل.. وواقع خدمي سيىء "السكري القاتل الصامت" ندوة طبية في جمعية سلمية للمسنين استعداداً لموسم الري.. تنظيف قنوات الري في طرطوس مساع مستمرة للتطوير.. المهندس عكاش لـ"الثورة": ثلاث بوابات إلكترونية وعشرات الخدمات مع ازدياد حوادث السير.. الدفاع المدني يقدم إرشادات للسائقين صعوبات تواجه عمل محطة تعبئة الغاز في غرز بدرعا رجل أعمال يتبرع بتركيب منظومة طاقة شمسية لتربية درعا حتى الجوامع بدرعا لم تسلم من حقد عصابات الأسد الإجرامية المتقاعدون في القنيطرة يناشدون بصرف رواتبهم أجور النقل تثقل كاهل الأهالي بحلب.. ومناشدات بإعادة النظر بالتسعيرة مع بدء التوريدات.. انخفاض بأسعار المحروقات النقل: لا رسوم جمركية إضافية بعد جمركة السيارة على المعابر الحدودية البوصلة الصحيحة خلف أعمال تخريب واسعة.. الاحتلال يتوغل في "المعلقة" بالقنيطرة ووفد أممي يتفقد مبنى المحافظة الشرع في تركيا.. ما أبرز الملفات التي سيناقشها مع أردوغان؟ بزيادة 20%.. مدير الزراعة: قرض عيني لمزارعي القمح في إدلب تجربة يابانية برؤية سورية.. ورشة عمل لتعزيز الأداء الصناعي بمنهجية 5S