السوريون وحدهم يكتبون دستورهم

تقول الأمثال (إن الهزيمة لقيطة بينما للانتصار ألف أُمٍّ وأب)، وهذا ينطبق تماماً على الانتصار الساحق المؤزر الذي حققته سورية بقيادتها وجيشها الباسل وحلفائها الأوفياء في أعتى وأشرس حرب كونية شاركت فيها قوى العدوان الدولية والعربية مباشرةً أو من خلال مرتزقتها شذاذ الآفاق الإرهابيون القادمين من أكثر من -82- دولة مارقة بهدف تفتيت سورية قلعة العروبة التي لم تصمد فقط، بل وأدت المشروع الشرق أوسطي المخطط له في الغرف السوداء وحتى في العلن لجعل الصهيونية كياناً متسيداً على دويلات هزيلة ضعيفة لا حول لها ولا قوة.
ونقول إن هذا المشروع نجح جزئياً في بعض دول (الربيع العربي) أو كلياً في بعضها الآخر مع استتباعاته التي تظهر تدريجياً في عمليات التطبيع، ولم يهزم إلا في سورية. وهنا لا بد من التوقف عند هذه الهزيمة التي يحاول محور العدوان التبرؤ منها بأي طريقة ومنها رفع شعار مكافحة الإرهاب بعد أن ارتد إلى عقر دياردول العدوان لتشرب من نفس الكأس.
هذا الشعار المطاطي الذي أدركت مراميه القيادة السورية يسمح لدول العدوان أن تتسلل من خلال تكييفات معينة ومنها إعادة كتابة دستور يتناسب مع الأهداف التي كانت موضوعة من خلال ميادين القتال، فكل دولة ومن خلال ما يسمى بمنصات المعارضة أو بطريقة مباشرة أو من خلال الحلفاء تسعى إلى كتابة سطرأو فقرة مضللة بإسم حقوق الإنسان والديمقراطية أو تداول السلطة.
ومن هنا نفهم أن الحلفاء لم يدخلوا إلا بعد أن أدركوا مدى صمود القيادة والجيش السوري، حققوا أيضاً مكاسب تتصل بهزيمة الأحادية الأميركية في قيادة العالم والتسلط عليه لصالح الثنائيات أو الثلاثيات التي ما زالت تقف في منتصف الطريق، وإذا كان من حق هذه الدول الحليفة أن تشارك سورية في قطف ثمار الانتصار بتنسيق مع القيادة السورية وشعبها، فإنه ليس من حقها فرض إملاءات كبرى أو صغرى تتعلق بالعقد السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين القيادة والشعب، -وهنا أعني الدستور- الذي يكثر الحديث عنه في هذه المرحلة.
فسورية التي حدثت فيها أبشع الحروب والنكبات صمدت وانتصرت بالدماء الطاهرة الزكية، لن تسمح لأحد أن يكتب دستورها ومستقبلها على غرار بعض التجارب التي كتبت دساتيرها في الخارج فكانت النتيجة أنها كرست الانقسامات وغيّبت دور الدولة ومؤسساتها لمصالح ضيقة أوصلت البلاد إلى ترديات وانهيارات لا تطاق، وبصرف النظرعن هذه التجارب فإن الشعب السوري بقيادته يعرفون أكثر من غيرهم كيف يجب أن تنظم هذه العلاقة، والدليل أن المواطن السوري حتى في مناطق التوتر والإرهاب وهي جيوب قليلة ما زالت تصله خدمات الدولة ويتقاضى رواتبه منها وهذا لم يحدث في أي دولة في العالم.
إن الذين يحاولون أن يواروا هزيمتهم لحفظ ماء الوجه ويدفعون باتجاه تحولات قد يعكسها دستور جديد إنما يتوهمون بأن حلفاء سورية من الممكن أن يشكلوا أحصنة طروادة ستخيب آمالهم، فالحلفاء يعرفون الخصوصية السورية ويعرفون أيضاً أن هناك خطوطاً حمر لا يستطيع أحد تجاوزها ولن يمكِّنوا أحداً من لجم الدور السوري وتأثيراته وممانعته في المنطقة، ولذلك سيأتي اليوم الذي سيعلنون فيه أن الشعب السوري وحده هو الذي سيعيد صياغة دستوره وسيقطعون الطريق أمام المناورات التي تختبيء وراء التقاطعات المصلحية.
وإن غداً لناظره قريب..

د. عبد الحميد دشتي
التاريخ: الثلاثاء 22-1-2019
الرقم: 16891 |

آخر الأخبار
تعاف جديد للقطاع الصحي بانطلاق تأهيل مستشفى معرة النعمان الوطني اجتماع تنسيقي لوضع اللمسات الأخيرة على المركز الوطني لمكافحة الألغام في سوريا جسور سوريا .. دمرها النظام المخلوع والفرنسيون سيؤهلونها  37 جسراً بأيدي " ماتيير " الفرنسية  الإرث الثقافي السوري العالمي يحتل ريادة  الحضارات إعادة رسم خريطة الإدارة المالية... قانون جديد قيد التشكل سمفونية رائعة الألحان.. سوريا من أغنى الدول بتداخل ثقافاتها تكريم رواد "الوفاء لحلب".. تكافل شعبي يعيد الحياة للمدينة محولة كهربائية جديدة لمركز العريضة في جبلة بسعة 2000 ك.ف.أ ملف العهد الشخصية على طاولة "المالية" و"الرقابة"… والحل قيد الإقرار تصريحات المعنيين .. ورواتب السوريين! تعافي حلب الاقتصادي يتسارع.. تعاون جديد بين غرفة التجارة وولاية مرعش الشيباني يبحث مع مبعوثة المملكة المتحدة تعزيز العمل المشترك دعم لليرة ... " المركزي" يلزم المصارف بإعادة مبالغ التأمين بالليرة السورية انحباس الأمطار يحرم فلاحي حلب من استثمار أراضيهم الجفاف يضرب سوريا .. نداء وطني لإنقاذ الزراعة والأمن الغذائي حملة  للتبرع ب 100 وحدة  دم أسبوعياً في حمص   "دقة الموجات فوق الصوتية في الحمل" بحلب  وحضور طبي كبير الهندسة الاجتماعية .. فن اختراق العقول بدل الأجهزة " نقل " حلب تعود بعد تأهيلها وشروط محددة  لمنح تراخيص العمل  تجربة يعيشونها لأول مرة ..  رابطة الجالية السورية في فرنسا تنتخب مجلس إدارتها