الأسبوع الثاني من شباط من كل عام ذكرى تأريخ الشتات الأفريقي «أسبوع تاريخ الزنوج».. لاتزال التسمية عنصرية..، رغم محاولات الولايات المتحدة الأمريكية تخصيص هذا اليوم للاحتفال بالأمريكيين من أصول أفريقية إلا أن الأيام لاتزال تثبت عنصرية أميركا داخل وخارج حدودها، حيث أن التفرقة لاتزال موجودة والتمييز العنصري ماثل للعيان، فكل القوانين والتشريعات لم تلغ الكراهية والحقد الدفين الموجود في قلوب وعقول الكثيرين من البيض من الشعب الأمريكي.
حرم الأمريكيون الأفارقة لأكثر من قرنين من الزمن كل دعم من القانون، وحرموا الحد الأدنى من حمايتهم كمواطنين وبشر.. أبسط حقوقهم اختفت تماما..حتى حياتهم لم تعد ملكا لهم.. ودائما أشكال العنف والعذاب والاضطهاد والقهر والعبودية هي طبيعة حياة عندهم.. والموت المحقق في كل لحظة مصيرهم.
ملايين الرؤوس عُلّقت كالتفاح في كل مكان.. وأكوام كثيرة من كتل اللحوم البشري تناثرت في كل الأرجاء.. وبرغم الهتافات لسنوات طويلة لايزال المواطنون من أصول أفريقية يعانون التمييز العنصري.
الولايات المتحدة الأمريكية تدلل على هذا التمييز في كل اعتداء أو حرمان لأفريقي من أبسط حقوقه في العيش والتعليم وفصل للزنوج عن البيض في كل الأماكن، وكلما حاول فارس من الفرسان الأفارقة اختراق تلك العبودية والاضطهاد وجد الحكومة الأمريكية له بالمرصاد ويكون الإعدام مصيره ومصير جماعته.. رغم محاولات الولايات المتحدة الأمريكية التستر على قضايا التمييز العنصري كانت الفضائح المتتالية تجعل من أميركا أكثر دولة عنصرية في العالم، فضيحة انتهاء تجارب (تاسيكيجي) على مرض الزهري يعد أحد أكبر انتهاك صارخ لحقوق الإنسان حيث شرع القائمون على الخدمات الصحية العامة في أميركا وعلى مدار أربعين عاما اتخاذ الرجال السود حقلا لتجاربهم الطبية على المراحل المتأخرة من مرض الزهري، قاموا باستغلال البشر كفئران تجارب معملية.
حاولت أميركا تلميع صورتها عبر إيصال عدد من الأمريكيين السود إلى مواقع في السلطة إلا أن ذلك لن يغير شيئا في فكر ومنهجية الولايات المتحدة الأمريكية العنصرية والإرهابية والعدوانية على شعوب وبلدان آمنة.. بلد الحريات غارقة في عنصريتها لاتعرف قانونا ولاحرية ولاشريعة سوى شريعة الغاب, في حين أن ابن خلدون قدم للعالم من الشرق أسس تكوين الدولة العادلة التي تتيح الفرص لكل أبناء الأمة على العمل وتطوير إنتاجهم وصنائعهم مما يرقى بالحياة…وأما الظلم فهو على العكس، طريق الخراب والاضمحلال يؤدي إلى انقباض الناس وضمور نشاطهم وانهيار البلاد.. منذ أكثر من قرنين من الزمن لم يتوقف العالم عن نشر وتحليل كل مايتعلق بفكر وعلم ودراسات ابن خلدون.. فهل أميركا يناسبها نهجه الإنساني..؟؟!!
هناء دويري
التاريخ: الجمعة 8-2-2019
الرقم: 16905