الثورة ـ علا محمد:
لا يمكن لأي خطة أو قرار أن يُبنى من دون رقمٍ دقيق، هذا ما أكده عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور علي كنعان في حديثه لصحيفة “الثورة” على هامش “ملتقى تحليل البيانات”، موضحاً الدور المحوري للإحصاء في التحليل الاقتصادي، وأن الجامعات الغربية طورت مقررات جديدة في هذا المجال، مثل الاقتصاد القياسي والاقتصاد الرياضي.
وأشار كنعان إلى أن الحكومات التي تبني سياساتها على أسس إحصائية سليمة تقترب أكثر من تحقيق التنمية الواقعية، بخلاف تلك التي تُصاغ خططها بعشوائية أو انطباع، مؤكداً أن الإحصاء هو أداة الكشف عن الإمكانات الوطنية التي تمكّن من رسم سياسات اقتصادية واجتماعية متوازنة.
لغة صانع القرار
وفي السياق نفسه، رأى مدير عام غرفة تجارة دمشق الدكتور عمر خربوطلي أن الاقتصاد السوري بحاجة ماسة إلى بيانات محدثة وشفافة تُبنى عليها الخطط والاستراتيجيات المستقبلية، واصفاً الإحصاء بأنه الركيزة التي تستند إليها كل العلوم من الاقتصاد والاجتماع إلى الطب، ومؤكداً أن البيانات الدقيقة هي اللغة التي يفهمها صانع القرار في العصر الحديث.
وأضاف خربوطلي أن مخرجات الملتقى سيكون لها أثر مباشر في بناء منظومة عمل اقتصادي قائمة على الدقة والوضوح، فالرقم، وإن بدا جافاً، يحمل في جوهره نتائج حيوية تمس كل جوانب الاقتصاد الوطني.
من المعلومة إلى التنمية المستدامة
أما عضو الهيئة التدريسية في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور عدنان حميدان، فأوضح في حديثه لـ “الثورة” أن يوم الإحصاء العالمي يمنح الباحثين والمهتمين مساحة أوسع للاهتمام بالبيانات، لافتاً إلى أن علم البيانات بات اليوم تخصصاً متقدماً يجمع بين الإحصاء والتقنيات الحديثة.
وأشار حميدان إلى أن تطور هذا العلم ولّد اختصاصات جديدة مثل هندسة البيانات وتحليلها، وأن توظيف البيانات في التخطيط والتنبؤ أصبح ضرورة وطنية، مضيفاً أن سوريا تمتلك كوادر متميزة من الخريجين والباحثين القادرين على صياغة رؤية جديدة للتطور الإحصائي، وأن المرحلة المقبلة تتطلب استثمار هذه القدرات في خدمة الاقتصاد والمجتمع.
وفي إطار متصل، شدد مستشار الابتكار والاستدامة في منظمة “قدرة” المهندس ياسين الصفدي في حديثه لـ الثورة على أن المنظمة تعمل على دعم ثقافة ريادة الأعمال والتنمية المستدامة في المجتمع السوري، موضحاً أن مشاركتهم في الملتقى تأتي ضمن رؤية شمولية تعتبر البيانات حجر الأساس في إعادة الإعمار وبناء المدن والمجتمعات بعد الحرب.
وبيّن الصفدي أن التحديات الراهنة تتطلب تخطيطاً استراتيجياً قائماً على بيانات دقيقة، وأن الوعي بثقافة الإحصاء يجب أن يتحول إلى ممارسة عملية تُبنى عليها القرارات في مختلف القطاعات، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستشهد تعزيز مهارات جمع البيانات وتحليلها في القطاعين العام والخاص، وصولاً إلى تنمية واقعية ومستدامة قوامها المعرفة والدقة.