الثورة – لينا شلهوب:
نحو إشراف تربوي وبمعايير جديدة، تمهد وزارة التربية والتعليم لمرحلة من الكفاءة والشفافية، عبر العبور إلى المرحلة الثانية من مسابقة الإشراف التربوي، بهدف تجديد الدماء في جسد التعليم، وليكون خطوة باتجاه جودة تعليمية مستدامة.
وفي إطار سعيها المستمر لتطوير المنظومة التعليمية، ناقشت الوزارة مؤخراً التحضيرات الخاصة بالمرحلة الثانية من المسابقة المركزية لانتقاء مشرفين تربويين واختصاصيين وإداريين من داخل الملاك التعليمي، بعد انتهاء المرحلة الأولى من هذه المسابقة.
توحيد أسس التقييم
وفق ما أفاد المشاركون، تم تسليط الضوء على وضع الآليات اللازمة للمقابلات الشفوية التي تشكل المرحلة الثانية من المسابقة، بما يضمن توحيد أسس التقييم بين مختلف المحافظات والتخصصات، والالتزام بمعايير الحيادية والشفافية في اختيار الكفاءات، حيث تم التأكيد على ضرورة تشكيل لجنة مركزية تضم مختصين من جميع المجالات التربوية، تتولى إعداد استمارات الأسئلة ومعايير التقييم ونسب العلامات، بما يكفل العدالة والمساواة في منح الفرص لجميع المتقدمين.
وفي هذا المجال بيّن معاون الوزير للشؤون التعليمية أحمد الحسن لصحيفة الثورة، أن الهدف الأساسي من هذه المسابقة هو تعزيز أداء الإشراف التربوي في سوريا، وخلق بيئة تعليمية محفزة تواكب المعايير التربوية الحديثة، مؤكداً أن تطوير عمل الإشراف هو المدخل الحقيقي للارتقاء بجودة التعليم وتحقيق التنمية البشرية المستدامة، كما شدد على ضرورة أن تشمل اللجان المختصة جميع الجوانب التخصصية والأكاديمية لضمان اختيار كفاءات قادرة على قيادة العملية التربوية والإشراف على تنفيذ الخطط التعليمية بفاعلية.
العين الرقابية والتطويرية
تأتي هذه الخطوة، كما أوضح الحسن، في وقت تسعى فيه وزارة التربية والتعليم لإعادة بناء البنية الإدارية والتعليمية في المدارس السورية بعد سنوات من التحديات، فالإشراف التربوي الذي يعد العين الرقابية والتطويرية للعملية التعليمية، يشكل محوراً أساسياً في تقييم أداء المعلمين وتطوير المناهج وتحسين أساليب التدريس.
ومن أبرز المنعكسات المتوقعة لهذه الخطوة، وفق مختصين تربويين، هو تحسين مستوى الكفاءة المهنية للمشرفين والمعلمين على حد سواء، وخلق حالة من التنافس الإيجابي بين الكوادر التعليمية لتطوير قدراتهم، كما من المتوقع أن تسهم المسابقة في إعادة الثقة بالمسارات المهنية داخل وزارة التربية والتعليم، وتعزيز مبدأ الترقية على أساس الكفاءة لا الأقدمية، وهو ما ينسجم مع الاتجاهات الحديثة في الإدارة التعليمية.
في الميدان التربوي
في جولة ميدانية لـ”الثورة” شملت عدداُ من المدارس في دمشق وريفها، عبّر العديد من المدرسين عن تفاؤلهم بهذه الخطوة، معتبرين أنها تمثل بداية حقيقية لإصلاح منظومة الإشراف، إذ أشار المدرس علي محمود، وهو معلم رياضيات في المرحلة الثانوية: أنه من المهم أن ينتقى المشرفون على أساس الكفاءة والخبرة التربوية، لا على العلاقات أو الأقدمية، موضحاً أننا بحاجة إلى مشرفين يعرفون التحديات داخل الصفوف، ويقدمون حلولاً عملية تدعمنا كمدرسين.
أما المعلمة سحر خليل من ريف دمشق، فقد رأت في المسابقة خطوة ضرورية لإعادة الاعتبار للمهنة التربوية، لافتة إلى أن الإشراف الفعال لا يقتصر على المتابعة الإدارية، بل يتطلب مشرفاً يمتلك مهارات التواصل والتوجيه النفسي والقدرة على الإبداع في تطوير أساليب التعليم، وإذا تم تنفيذ هذه المسابقة بشفافية، فستكون نقطة تحول حقيقية في التعليم.
شرط لتحسين المخرجات
يرى عدد من المختصين أن المسابقة، إن طبقت بمعايير مهنية صارمة، ستؤدي إلى تجديد دماء الكوادر التربوية، وضخ طاقات جديدة في الإشراف والإدارة التعليمية، كما ستعزز ثقافة التطوير الذاتي والتدريب المستمر لدى المعلمين، إذ سيشعر الجميع بأن الترقية المهنية تستند إلى الجهد والكفاءة.
ويؤكد الخبير التربوي الدكتور مازن شحادة، أن وجود مشرفين مؤهلين علمياً وتربوياً هو شرط أساسي لتحسين مخرجات العملية التعليمية، مضيفاً إن الإشراف التربوي هو الضامن لتطبيق المعايير الوطنية في التعليم، وهو الرابط بين السياسات التربوية والممارسة الصفية لذا فإن اختيار الكفاءات بعناية يمثل استثماراً في مستقبل الأجيال القادمة.