المراهق.. فريسة بين تنمر المجتمع والعالم الرقمي 

الثورة –  علاء الدين محمد:  

مرحلة المراهقة هي من أخطر المراحل في حياة الإنسان، لأن ميوله وشخصيته تتشكل فيها، ويتبنى قيماً معينة، فلا يجب إهمال تلك المرحلة كي لا نصل إلى فئة من الشباب بين الضياع والتخبط، ويجب أن نأخذ بيدهم لكي يجتازوها بوعي وحكمة، كي يصبحوا مبدعين وقادة، فهي فرصة ذهبية للأخذ بيد الإنسان.

إنها محطة فاصلة بين الطفولة والشباب

حول هذا الموضوع قدمت الاختصاصية النفسية نور أبو النعاج محاضرة تحت عنوان المراهقة فريسة العالم الرقمي في ثقافي المزة بدمشق

مساء اليوم، حيث نوهت أن المراهقة تبدأ تقريباً من عمر 12 إلى 20 عاماً، كما تختلف بين شخص وآخر، فهي جسر بين الطفولة والبلوغ، ويكون الإنسان فيها قلقاً بين عقله ومشاعره، لذلك نرى أنه يعيش صراعاً، ولا نجد لديه نضجاً كافياً ليتخذ قراراً مدروس.

لذلك قد يعاني في هذا العمر من عدة صدمات خذلان، خسارة، لأن الجزء المسؤول عن اتخاذ القرار (الفص الجبهي) وهذا لا يكتمل إلا بمنتصف العشرينيات لذلك المراهق نراه يتأثر بسرعة، ويحب أن يجرب كل شيء بنفسه، فهي مرحلة تغيرات فيزيولوجية

كما أشارت الباحثة النفسية إلى التغييرات بالهرمونات بشكل الجسم، لهذا نرى أن هذه المرحلة يرافقها ارتباك وتوتر بالإضافة إلى أن المراهق في تلك المرحلة يستفسر عن  الكثير من الأسئلة الوجودية.

وهناك الكثير من العوامل التي تؤثر في كل فرد على حدة بالنسبة لعمره الزمني لكي يتخطى هذه المرحلة، فالعمر لا يحدد النضج العقلي بل النضج الحقيقي هو كيف يدرب عقله ويجعل كل تجربة درساً من الدروس في الحياه.

ملامح المراهقة

وبينت أن هناك عده عوامل تحدد معالم المراهقة، منها عوامل نفسية كالحساسية الزائدة تجاه النقد وصعوبة التعامل مع مشاعر جديدة، الحب، الغيرة، صدمات، مثل تنمر، فقدان صديق.

و عوامل اجتماعية كالمقارنة مع الآخرين مثل ضغط الأهل للدراسة وتحقيق الطموح، شعور بالعزلة وغيرها، أما الأعراض التي تظهر على الشخص تتجسد بالحزن المستمر، فقدان الشغف، أفكار سلبية عن الذات، مشكلات بالنوم، تراجع علامات الدراسة، سرعة الغضب، قلة أو إفراط بالطعام، إيذاء الذات أو تفكير في الانتحار مثلاً.

أما كيف نميز بين مزاج المراهق الطبيعي والاكتئاب، أوضحت الاختصاصية النفسية، أن

المزاج الطبيعي يتغير بسرعة ولكن يعود بعد يوم أو موقف أو غير ذلك، أما الاكتئاب فيعني حزناً وانسحاباً يستمر لأسابيع وشهور ويؤثر على كل شيء.

وعن سلوك التعامل مع المراهق المكتئب أكدت  أبو النعاج أهمية دور الأهل في الاستماع إلى الابن المراهق بدون حكم، مع استخدام العبارات التشجيعية، وكسر العزلة، تشجيعهم للنشاطات، إضافة إلى دور المدرسة في تنظيم حملات ضد التنمر، منوهة إلى ضرورة العلاج النفسي إذا تطلب الأمر.

ولفتت أيضاً إلى بعض التغيرات الجسدية والعلامات عند الشاب أو الفتاة، فالجسد يتغير بسرعة ويختلف من شاب إلى آخر. إذ فجأة يمكن أن يصبح أطول، وصوته خشن، أو ظهور حب الشباب بسبب نشاط الغدة الذهنية.

أما الفتاة فترى في جسمها اختلافاً كبيراً، فتشعر بوزن زائد أو بروز أماكن جديدة. المشكلة ليست بالتغيرات لكن بردود فعل المجتمع تجاهها مثل، تعليقات جارحة، طويل قصير، بشع، سمين، نحيف إلى ما هنالك من ملاحظات وتعليقات كقول، “شكل جسمك ما في أنوثة، ليس لديك عضلات”.

وهنا نتحدث عن التنمر الذي هو عند المراهق ليس مجرد كلمات بل هو رسالة تقول له أنه غير مقبول، مرفوض، أي شكله غلط وبالتالي نطلق حكماً على المراهق بسبب شكله، تعليقات جارحة أو ضحك على الشكل أو تعليق مثل لماذا لست مثل فلان؟ أو الإقصاء بمعنى الإبعاد عن مجموعة لأنه لا يشبه معاييرهم ومستواهم،  وهنا نرى المراهق يفقد ثقته بنفسه ويصبح عنده انسحاب اجتماعي، فنراه يرافق أياً كانت صفات الشخص ليثبت لنفسه والذي حوله أنه مرغوب أو يصبح هناك رفض الجسد وكره للذات واضطرابات أكل ونوم وسلوكيات غير منضبطة مؤذية.

رسالة توعوية سواء أكان للذكر أم للفتاة

وتابعت حديثها: في هذه المرحلة إن التغييرات الجسدية مرحلة طبيعية ومؤقتة، والجمال ليس شيء ثابت ولكن متغير.

المتنمر ضعيف وليس قوياً يحاول أن يحمي عيوبه ونقصه بالسخرية من غيره.

ودعت الاختصاصية النفسية الأهل والمحيط  إلى تعزيز الوعي وحب الذات عندهم ليكون المراهق درعاً حقيقياً، عندها فقط يعرفون أن قيمتهم ليست بالشكل، وبهذه الطريقة يصبح المراهق أقوى بدون أن يسمح للمتنمر أن يصل لغايته، لأنه يعرف أن الكلمة الجارحة لا تحدد قيمته.

في النهايه تبدو التغيرات الجسدية مرحلة حساسة إذا رافقها وعي ودعم للمراهق سيتجاوزها بثقة. أما إذا رافقها تنمر وإهمال من الممكن أن تترك أثراً طويل المدى.

الجانب الاجتماعي والعادات

بعض مجتمعاتنا العربية أحياناً فيها ظلم وقسوة بحق الإناث، فالذكر مسموح له كل شيء وهنا يربي ذكراً مندفعاً ومستهتراً ويغرز فيه فكرة أنت حر لست مقيداً، فيصبح شخصاً غير مسؤول، أما الفتاة تكبت وتمنع من التعبير فيكبر بداخلها فكرة عدم القدرة حتى أن تؤسس عائلة متوازنة، والمحصلة شباب ضائع وفتيات محبطات. فالتوازن المطلوب ألا نجعل كلمة مراهق شماعة للأخطاء، ولا نضع في ذهن الشاب رجولة وهمية إلا بالعمل والسعي، لا نكبت البنت لدرجة تخسر ثقتها بنفسها.

ببساطه في النهاية النتيجة الحرية زائد المسؤولية تؤدي إلى معادلة نجاح.

دور الأهل

وقالت نحن كأهل يجب أن نكون جسراً آمناً بين المراهق والعالم، وليس الجدار الذي يزيد المسافة، والنقطة الأخطر هنا العالم الرقمي الذي يمكن أن يسيطر على المراهق في الزمن الحالي بشكل كبير، وهنا يعيش المراهق حالة مراهقة عمرية ومراهقة رقمية يبحث فيها عن القبول والاهتمام من خلال اللايك أو المتابعه على وسائل التواصل، وتشكل السوشيال ميديا خلاياه أكثر مما تشكلها الأسرة والمدرسة.

أثر الميديا

وعن تأثر المراهق بالسوشيال ميديا إلى هذا الحد بينت أبو النعاج أن السبب هو بحث  المراهق عن الانتماء لأنه يعطيه ثقة زائدة بنفسه بدل بذل جهد كبير في الواقع نجده من خلال منشور أو مقطع أو أي شيء على موقع التواصل يجد نفسه أمام سيل من التعليقات التي تمدحه على شيء لم يأخذ منه أي جهد، وبالتالي يعزز ثقته بنفسه، ونجده يبحث عن الشهره بدل الاهتمام، فالمحتوى الذي يتابعه يغذي لديه هذا الشيء. ففي حال فقد التواصل مع الأهل يلجأ لمن لا يحاسبه على السوشيال ميديا لأنهم يمدحونه، لا يهمهم الابتزاز الرقمي

ببساطة، وهنا يحصل الابتزاز الرقمي فالأهل بدافع الخوف يمكن أن يوقفوه، أو يردعوه، بينما الغريب لا فرق لديه لا يهمه ببساطة، لذلك يلجأ إلى هذا العالم.

والأخطر أنه يشكل وعيه وأفكاره، وبالتالي يصبح متعلقاً به لدرجة أنه شيئاً فشيئاً نتيجة الثقة المتبادلة الوهمية يمكن أن يتحدث عن أكثر الأشياء خصوصية لديه، مثل أسرته وأفكاره ونواياه ومشاعره، وكل شيء خاص وهنا يحصل الابتزاز من قبل هؤلاء الغرباء. الحل هنا برأي الاختصاصية النفسية هو التربية والحوار وغرس القيم الصحيحة، وعدم تربية الولد على ما نشأ عليه الأهل بشكل قطعي، لأن الزمان يختلف عن زمانهم الحالي، بالتالي المعايير يجب أن تدرس جيداً بحسب اختلاف الزمن والظروف والوعي هنا هو المطلوب وهو سيد الموقف.

آخر الأخبار
السفير الألماني يدعو إلى تجديد التبادل التجاري مع سوريا   المراهق.. فريسة بين تنمر المجتمع والعالم الرقمي  اختصاصات جديدة تعيد رسم ملامح كليات الشريعة  مشاريع الخريجين وتأهيلهم لسوق العمل على الطاولة   خرسانة المستقبل.. ابتكار سوري يحول الأمطار إلى ثروة مائية  التدريب والتأهيل.. فجوة بين العرض والطلب في سوق العمل  تصدير 11 ألف رأس من الماشية الى السعودية "المركزي" يمنح البنوك مهلة 6 أشهر لتغطية خسائر الأزمة اللبنانية بدء تنفيذ مدّ الطبقة الإسفلتية النهائية على طريق حلب – الأتارب الإحصاء.. لغة التنمية ورهان المستقبل "التربية والتعليم ": الإشراف التربوي في ثوب جديد وزير الداخلية يترأس اجتماعاً لبحث الواقع الأمني في ريف دمشق "المواصلات الطرقية": نلتزم بمعايير الجودة بالصيانة وضعف التمويل يعيقنا البنك الدولي يقدّر تكلفة إعادة إعمار سوريا بـ216 مليار دولار "صحة اللاذقية" تتابع 24 إصابة بالتهاب الكبد A في "رأس العين" حملة إزالة الأنقاض تعيد الحياة إلى شوارع بلدة معرشمشة سوريا والصين.. رغبة مشتركة في تصحيح مسار العلاقات زيارة الشيباني المرتقبة إلى بكين.. تعزيز لمسار التوازن السياسي هل تعوق البيانات الغائبة مسار التعافي في سوريا؟ شوارع حلب تقاوم الظلام .. وحملات الإنارة مستمرة