واشنطن تنتصر «بالصور» على داعش في سورية… وتلتقط «المخلفات» السياسية لتكرار مخطط التقسيم

الصحافة الغربية ومنها ديلي تلغراف تسعى لتصوير نصر وهمي للتحالف الأميركي على الإرهاب، ولا ترى الدمار الذي تسببت به خدعة محاربة داعش. فماذا فعلت القوات البريطانية والفرنسية إلى جانب أميركا غير تدمير مدينة الرقة ومناطق في دير الزور وبث الفوضى في مناطق سورية وتهجير أهاليها بسبب دعم الإرهاب كما يحصل اليوم في المنطقة المنزوعة السلاح في إدلب وشمال حلب أو في شمال سورية وخصيصاً تهجير المئات من السوريين من حول جيب داعش في ريف دير الزور، بل أيضاً قصف هؤلاء المدنيين في عملية إبادة مقصودة دأب التحالف على القيام بها في إطارسياسة الأرض المحروقة لإفراغ الأراضي من أهلها وسكان السوريين، وخاصة بعد هزيمة داعش في كل المناطق بأيادي الجيش العربي السوري وحلفاء سورية وحصره في تلك البقعة التي يتفاخر التحالف بأنه يقاتل داعش فيها.
فحتى أسلوب الغرب في التدخل عسكرياً في الدول، مستعملاً سلاح الجو والقوات الخاصة لتحقيق أهدافه بدل نشر القوات البرية لتكون داعماً للإرهاب لم تجدِ نفعاً لتثبيت عملائه بوساطة داعش.وميليشيا قسد التي تناشد القوات الأميركية بعدم الخروج من سورية (وتحدد العدد لها!) وتحاول إطالة عمر داعش لهذه الغاية بزعم أن داعش تمارس حرب العصابات.
الخارجية الأميركية تؤكد أن لا جدول زمنياً حالياً بشأن الانسحاب من سورية. ولكن هذا الانسحاب إن تمّ فلن يكون قبل توفير الملاذ الآمن لعناصر داعش الذين بحوزتهم ملايين الدولارات، والوجهة المبدئية إلى العراق قبل تهريبهم إلى دول أخرى. ومعروف أن أميركا استهدفت ذات يوم وحدة للجيش العربي السوري لمنعها من تحرير منطقة التنف من داعش، بل تجبر الآن المدنيين في مخيم الركبان جنوب شرقي سورية على الخروج منه والإبقاء على المجموعات الإرهابية.
كل احتمالات العدوان على المنطقة قائمة وبين كل فترة وأخرى تتأكد النيات الأميركية فيه بتصريحات مسؤوليها الكثيرة، وخاصة أن مسؤولاً أميركياً ( ناثان تك، المتحدث الرسمي الإقليمي لوزارة الخارجية) قال إن: انسحاب بلاده من سورية تكتيكي وليس استراتيجياً، بزعم محاولة مواجهة تحديات في المنطقة منها انتشار الأسلحة والأزمات الإنسانية والإرهاب وضمان عدم عودة داعش، ليتحدث قضية أمن الطاقة لبلاده. وطبعاً التي تريد أن تنهب نفط وغاز المنطقة.
ومجرد وجود أدلة وقرائن على أن واشنطن قد تستخدم استفزازات بالأسلحة الكيماوية للحفاظ على وجودها العسكري في سورية، فهذا يعني أنها تريد تبرير عملياتها العسكرية المحتملة لاستهداف سورية من جديد بعدوان مباشر وخاصة عند البدء بتحرير إدلب. كما فعلت عندما أتهم الغرب سورية بشن هجوم كيميائي على مدينة دوما بالغوطة الشرقية العام الماضي، واستخدمت «الخوذ البيضاء» الإرهابية لقطات فيديو عن الهجوم الكيميائي الملفق.
وكل الممارسات الأميركية التي ستخيب مثلما خاب ما قبلها، تشي حتى الآن بسعي أميركي لتقسيم سورية وإقامة دويلة لميليشيا قسد وإجبار حلفائها على دفع ثمن بناء وترتيب هذه المنطقة من سورية لمصلحة وكلائها في تلك الميلشيا الذين تتخذ تركيا منهم ذريعة للتعدي على الحدود السورية رغم أن قمة سوتشي الأخيرة أرست اتفاقاً لاعتماد اتفاقية أضنة في ما تعلق بالوضع على الحدود السورية التركية، بشأن التصدّي لأي تهديدات إرهابية.
أميركا تراوغ في الدبلوماسية، وفي غرف عملياتها الأمر مختلف، فلا هي تريد الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي سورية، كما زعم المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو، ولا نياتها بالعدوان انتهت وتستطيع إن انسحبت أن تشن اعتداءاتها أكثر عبر الجو عند عدم وجود جنود لها على الأرض السورية، وكل مسعاها العدواني منصب على منع أي جهود تبذل من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في سورية، في مخالفة وواضحة لميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على عدم استخدام القوة أو التهديد بها، بل إن أميركا تناور ضد استعادة سيادة ووحدة الأراضي السورية، التي دعمها المجتمع الدولي بأكمله، لتفاقم بوجودها العسكري بل بتدخلها جواً أيضاً الفوضى شمال شرقي سورية، وإعطاء الدعم المعنوي لإرهابيي إدلب في غضون تأكيد روسيا حتمية القيام بعمل عسكري، بعد تواصل خرق الهدنة من الإرهابيين، والعدوان المعنوي المشهود بإطلاق إذاعة تحمل اسم «المنطقة الآمنة» انطلاقاً من مدينة كيليس التركية بمعرفة أميركية لبث الخوف في نفوس المواطنين السوريين وتنفيذ مخطط تركي بالتوازي مع ما تخططه واشنطن لمصلحة ميليشيا قسد، ونجد الأصابع الأميركية عندما راحت واشنطن تقرر من سيوفر الأمن في ما يسمى المنطقة العازلة التي يحاولون عبثاً توطيدها مع الأتراك.
فتركيا لن تخرج خارج الحظيرة الأميركية وخاصة في ظل تقهقر اقتصادي تركي وظهور تصاعد في العلاقات الثنائية الأميركية التركية. وكل الخلافات بينهما على بعض القضايا هي للإعلام فقط مثل قضية فتح الله غولن أو قرار تركيا شراء أنظمة S400 الاستراتيجية من روسيا.
خطط مشتركة بينهما لإشغال محور المقاومة واستهداف إيران عبر بقاء قوات لكلتيهما في العراق لمنع تواصل محور المقاومة في خرق واضح للاتفاق الذي أعاد قوات أميركية إلى العراق لمحاربة داعش فقط عبر التدخل الأميركي والتحرك أكثر فأكثر في الأراضي العراقية، والتحكم بالحدود العراقية السورية، وتتزامن هذه الخطوات مع تسهيل واشنطن لفرار مئات من عناصر تنظيم داعش الإرهابي من سورية إلى الأراضي العراقية.

منير الموسى
التاريخ: الخميس 21-2-2019
الرقم: 16915

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه