استهدف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فنزويلا كخط للمواجهة في خطبة صارمة على الاشتراكية في إحدى جامعات ولاية فلوريدا حيث أطلق العنان لحملة قاسية ضدها.
كان الجمهور منتقى وهم مجموعة من النشطاء الجمهوريين وبعض المهاجرين الفنزويليين والكوبيين اليمينيين وكانوا يهتفون باسم (الولايات المتحدة) و(ترامب)، حيث أحيا لغة تشبه تلك التي كان يستخدمها موسوليني وهتلر.
وتقليداً للديكتاتوريات الفاشية اجتمعت نوبات الهستيريا مع الحرب الإمبريالية في داخل الرئيس ترامب، حيث أصدر ترامب إنذاراً نهائياً إلى الجيش الفنزويلي، إما بالاستسلام أو تغيير النظام أو ذبحه، مظهراً أن واشنطن تنظر إلى الانقلاب ضد حكومة نيكولاس مادورو كخطوة أولى في حرب على مستوى نصف الكرة الغربي وذلك بهدف الإطاحة بحكومتي نيكاراغوا وكوبا والقضاء على التأثير المتنامي للمتنافسين الجيوسياسيين للولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية أي الصين وروسيا.
الخطاب الذي ألقاه دونالد ترامب الرئيس الأمريكي في ميامي يمثل بلا ريب واحدة من أولى اللقطات في حملته للانتخابات الرئاسية عام 2020، والتي ينوي فيها حشد أكثر عناصر اليمين المتطرف في الولايات المتحدة، وهو يعتزم وضع الديمقراطيين في موقف دفاعي، ويجبرهم على إنكار أي ارتباط بـ (الاشتراكية) أو (اليسار).
إن خطاب ترامب الذي كان مليئاً بالوعود لحملة صليبية عالمية ضد كلاً من (الشيوعية والاشتراكية)، يعكس مخاوف متزايدة داخل الأوليغارشية الحاكمة في الولايات المتحدة، وليس بسبب السياسات غير المشجعة لأمثال بيرني ساندرز أو الإسكندرية أوكاسيو- كورتيز، بل كان تحدياً خطيراً أدناه لقوتهم وثروتهم.
هذه الطبقة الحاكمة مرتبطة بنمو مطرد في الإضطرابات، بما في ذلك تلك التي تنفجر في مواجهة النقابات القائمة، فضلاً عن انتشار التطرف بين العمال والشباب. وكشفت استطلاعات الرأي الأخيرة عن تفضيل جيل الشباب للاشتراكية على الرأسمالية، هذا الفرق المخيف بين المليارديرات الأمريكيين والملايين من المليونيرات يوفر دائرة انتخابية أساسية لجدول الأعمال الفاشية التي تصدرها دونالد ترامب.
كما يأتي الخطاب بعد أيام قليلة فقط من إعلان حالة الطوارئ، والغرض الفوري منها هو استخدام القوات العسكرية لبناء جدار على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، ومع ذلك فإن الآثار هي أوسع بكثير، الإعلان هو هجوم أمامي على القواعد الدستورية الأساسية والحقوق الديمقراطية، التي تستهدف نمو المعارضة الاجتماعية داخل الولايات المتحدة، ترامب وكبار مستشاريه يعملون ضمن نظام فاشي.
ترامب يعلن في خطابه أن (الاشتراكية بطبيعتها لا تحترم الحدود)، وهي (تسعى دوماً للتوسع)، وهي شكوى تعكس المخاوف داخل الطبقة الحاكمة من الحركة الدولية المتنامية للطبقة العاملة، مايمكنه أن يسبب اندلاع الإضطرابات من قبل العمال المكسيكيين في مصانع maquiladora التي تغذي صناعة السيارات في الولايات المتحدة على نفس الحدود الأمريكية التي يريد ترامب إيقافها.
مقابل هذا التعبير الناشئ عن الوحدة الدولية للطبقة العاملة، ينبثق ترامب من سم القومية والكره، وهو نفس ما ردده الفاشيون في الثلاثينيات.
أما مايخص فنزويلا، فقد أوضح ترامب خلال كلمته أن واشنطن تحاول (نقل سلمي للسلطة، لكن كل الخيارات مفتوحة). و هذا يشكل تهديداً مباشراً بتدخل عسكري أمريكي في الوقت الذي أصبح فيه البنتاغون متورطاً بشكل متزايد في استفزاز واضح على حدود فنزويلا، مستخدماً طائرات الشحن التابعة للقوات الجوية الأمريكية من طراز C-17 لنقل البضائع المزعوم بأنها (مساعدات إنسانية) إلى مدينة الحدود الكولومبية كوكوتا، لدى واشنطن سجل مشهور من استخدام كلمة (الإنسانية) المماثلة في أمريكا الوسطى وأماكن أخرى كوسيلة لإيصال الأسلحة إلى القوى الإرهابية.
والغاية من تخزين إمدادات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على الحدود هو إثارة مواجهة مع الجيش الفنزويلي الذي يمكن استخدامه بعد ذلك كذريعة للتدخل العسكري الأمريكي المباشر.
اندماج ترامب سيؤدي لطموح الإمبريالية الأمريكية لاستعباد أمريكا اللاتينية وهذا بدوره يؤجل حرب شاملة داخل الولايات المتحدة هذا إن لم يتم إيقافها نهائياً.
وفي هذا السياق السياسي الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار التهديدات العنيفة المتزايدة من ترامب ضد أولئك الذين يعتبرهم أعداءه الشخصيين، يجب أن يؤخذ هذا على محمل الجد، ومع ذلك و كما هو متوقع، تم تجاهل التهديد في وسائل الإعلام الرسمية.
بقلم: بيل فان اوكين
زينب درويش
التاريخ: الخميس 21-2-2019
الرقم: 16915